دليلك إلى الإنتخابات الفرنسية واليورو

نشر
آخر تحديث

تترقب الأسواق بكل اهتمام انتخابات الرئاسة الفرنسية التي تعد الأكثر تنوعاً وغموضا أيضا من حيث صعوبة التوقع بمن سيستحوذ على مقعد رئاسة ثاني أكبر إقتصاد في منطقة اليورو.

ويتنافس في الإنتخابات الفرنسية حوالي 11 مرشحا لكن الحظوظ الأكبر تذهب للمرشحين الأربعة الذين تصدروا إستطلاعات الرأي الأخيرة.

والأمر المثير للاهتمام هوصعود تيار اليمين المتطرف الداعي للإنعزال والخروج من الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو وتبني سياسات حمائية تجارية، الأمر الذي وضع الإنتخابات الفرنسية هذا العام ضمن أهم المخاطر السياسية التي تواجه القارة الأوروبي بعد الـ "BREXIT".

وفي ظل إرتفاع معدل الناخبين الفرنسيين المترددين الذي لم يحسموا اختياراتهم بعد إلى الثلث بجانب تقارب الفروق بين المرشحين الأربعة بات من الصعب التكهن بنتائج تلك الانتخابات إذ من الممكن أن يصل أي من هؤلاء المرشحين إلى جولة الإعادة.

وتبعا لذلك فإن حالة عدم اليقين باتت هي المسيطر الرئيس على المستثمرين يليها ارتفاع التقلبات في الأسواق في الآونة الأخيرة.

توجهات أهم المرشحين من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار

"مارين لوبان" – مرشحة اليمين المتطرف

بالرغم من أن حزب الجبهة الوطنية يستحوذ على مقعدين فقط في البرلمان الفرنسي، فإن صعود نجم زعيمة الحزب "مارين لوبان" ذات التوجه اليميني المتطرف والتي وصفت بـ "ترامب فرنسا" كان أكثر الأمور التي اثرت سلبا على معنويات المستثمرين في الآونة الأخيرة

أهم الوعود الانتخابية لها فور توليها الرئاسة هو الخروج من منطقة العملة الأوروبية الموحدة "اليورو".

ليس ذلك فقط، بل قد تدعو لاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي في حال فشلها في إعادة التفاوض بشان حرية التنقل والسفر والمساهمة في الموازنة الأوروبية، يضاف إلى ذلك توجهها نحو خفض معدلات الهجرة وأعداد المهاجرين.

"إيمانويل ماكرون" – مرشح الوسط

وزير الإقتصاد السابق في حكومة الاشتراكي "فرانسوا هولاند"، والذي يحتل الصدارة في أغلب استطلاعات الرأي والمفضل أيضا للأسواق، كونه يتبنى اندماجا أكبر مع الاتحاد الأوروبي وهو داعم للمهاجرين أيضا.

وفوز "ماكرون" يعني للأسواق عدم وجود مخاطر سياسية بشأن مستقبل فرنسا في الاتحاد الأوروبي أو منطقة اليورو.

وتضع استطلاعات الرأي الأخيرة "ماكرون" و "لوبان" في المقدمة مع إمكانية وصولهما إلى جولة الإعادة وهذا ما تم تسعيره في الأسواق خلال الأسابيع القليلة السابقة.

لكن الأمر المفاجئ وما زاد من تعقيد الأمور وحالة عدم اليقين إزاء تلك الانتخابات هو صعود مرشح اليسار الراديكالي "جان لوك ميلانشون" ليصل إلى المربع الذهبي ووصل في بعض الاستطلاعات إلى المركز الثالث ليحل محل مرشح اليمين " فرانسوا فيون" والذي خسر الجزء الكبير من شعبيته بعد فضائح فساد تتعلق بمنح وظائف وهمية لزوجته وأولاده.

 

"جان لوك ميلانشون" -مرشح اليسار الراديكالي "المتشدد"

"ميلانشون" يريد زيادة الإنفاق العام بحوالي 250 مليار يورو سنوياً وذلك من خلال رفع معدل الضرائب من 45% حاليا إلى 100% على المداخيل الأكبر من 400 ألف يورو رغم أن المعدل الحالي يعتبر من الأعلى عالمياً، هذا بجانب فرض حواجز تجارية لحماية الصناعات المحلية.

والأهم من ذلك كله, يرغب "ميلانشون"  بإعادة التفاوض بشكل كامل مع الاتحاد الأوروبي وفي حالة الفشل سيتجه إلى استفتاء الشعب على عضوية الاتحاد.

لذا فإن صعود ميلانشون الأخير زاد من حدة التوتر في الأسواق لاسيما في ظل التقارب مع توجهات "لوبان" إزاء وضع فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي.

"فرانسوا فيون" – مرشح يمين الوسط

هو رئيس الوزراء السابق في الفترة بين (2007-2012) في حكومة الرئيس "نيكولا ساركوزي".  فيون كان الأوفر حظاً في استطلاعات الرأي والأكثر شعبية بين الناخبين مع بدء سباق الرئاسة, لكن تعرضه لفضائح الفساد المالي أدى إلى تدهور شعبيته بشكل كبير, رغم ذلك مايزال فيون يتمتع ببعض التأييد من قبل المحافظين الأمر الذي أبقاه ضمن أهم المنافسين في الجولة الأولى من الانتخابات حتى الآن وإن كان قد لا يتأهل إلى الجولة الثانية وفقا لاستطلاعات الرأي.

 

كابوس قد يضع فرنسا والأسواق أمام خيارين أحلاهما مٌر!

أكثر ما يبعث القلق في نفوس المستثمرين والأسواق هو وصول كل من "مارين لوبان" و"جان لوك ميلانشون" إلى جولة الإعادة في السابع من مايو/أيار المقبل ليختار الفرنسيون بين مرشحَين مناهضَين للعولمة والاتحاد الأوروبي وهو ما يعني بدء تغير حقيقي في مستقبل فرنسا, إحدى الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية.

وإذا ما تحقق هذا الكابوس قد نشهد ارتفاعا في معدل العائد على السندات السيادية الفرنسية ما يعكس تخوف المستثمرين فضلا عن احتمالات تفعيل شرارعمليات بيع حادة على اليورو أمام العملات الرئيسية لاسيما الدولار الأميركي.

 

استطلاعات الرأي ليست كافية!

وبالرغم من كل هذه التوقعات، فإن استطلاعات الرأي أثبتت فشلها في توقع نتائج البريكست أو حتى فوز دونالد ترامب برئاسة أميركا، وهذا ما يضفي المزيد من الغموض إزاء الاستحقاق الرئاسي الفرنسي الذي يعد الأصعب في توقع نتائجه منذ 50 عاما!

 

هل يتمكن الرئيس الفرنسي القادم من اتخاذ قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي؟

الأمر معقد وصعب لكنه ليس مستحيلا! 

حيث يجب اولاً تعديل الدستور، لأنه ينص على أن " الجمهورية الفرنسية جزء من الاتحاد الأوروبي"

ولتعديل الدستور يحتاج الرئيس المنتخب إلى تقديم الحكومة – وليس الرئيس-مقترحا بهذا الخصوص إلى البرلمان...

ثم يجب أن يوافق البرلمان عليه قبل عرضه على الجمهور للاستفتاء أو موافقة 60% من أعضاء البرلمان...

هذا يعني أن الرئيس القادم بحاجة لأغلبية في البرلمان الذي يتكون من 577 مقعدا، وبالتالي الأغلبية تتكون من 289 مقعدا.

وعلى سبيل المثال فالحزب الذي تنتمي له "مارين لوبان" لديه مقعدان فقط ، لذا الانتخابات التشريعية في يونيو المقبل ستكون لها أهمية كبرى وسوف تكون أيضا محل اهتمام الأسواق.

وأمام الرئيس القادم حل آخر في حال أراد التوجه الى الانفصال عن الاتحاد الأوروبي, وهو يكمن في تفعيل المادة "11" من الدستور والتي تنص على أن الرئيس يستطيع الدعوة للاستفتاء منفرداً. وهذا ما قام به الرئيس السابق شارل ديغول في عام 1962.

لكن التعديلات التي أجريت على تلك المادة تقضي بتصديق المحكمة الدستورية قبل إجراء التصويت، فيما تشير آراء الخبراء السياسيين إلى رفض المحكمة قرار الاستفتاء إن حصل ذلك.

زوج اليورو/دولار في انتظار تحديد اتجاه واضح

 

من الرسم البياني لزوج اليورو/دولار على الفاصل الزمني الأسبوعي نلاحظ أن اليورو يتحرك ضمن نطاق عرض بميل نحو الارتفاع منذ بداية العام 2017 مما يعكس حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الفرنسية.

الزوج يواجه أيضا خط الاتجاه الهابط الذي بدأ من مستويات 1.40 في مايو 2014 والذي لم يستطع الزوج اختراقه منذ ذلك الوقت.

تقارب الشريط العلوي والسفلي لمؤشر "Bollinger Bands" يعطي علامة اقتراب حدوث انفجار سعري.

وبالتالي خروج الزوج من النطاق العرضي واختراق خط الاتجاه الهابط فوق مستويات 1.0800 قد يدفع بالزوج لاختبار مستويات 1.10 التي تظهر على المتوسط المتحرك لـ 100 أسبوع (SMA 100). وذلك على المدى المتوسط.

بينما قد يدفع تحقق أي سيناريو سلبي في الانتخابات بزوج اليورو/دولار إلى التراجع واستهداف مستويات 1.05 مبدئياً ثم مناطق 1.04التي تمثل الشريط السفلي لـ "Bollinger Bands" على المدى المتوسط.

مؤشر الزخم (RSI) يظهر بقاء التداولات ضمن مناطق حيادية والتي تعكس التحرك العرض للزوج.

 

بقلم: محمد جلال

محلل الأسواق العالمية في CNBC Arabia

:Twitter 

@mgalalmgalal

 

كل الآراء والأخبار والأبحاث والتحليلات والأسعار أوالمعلومات الواردة على الموقع مُقدّمة بوصفها تعليقات عامّة عن السوق،وهي لاتشكّل نصيحة استثمارية،ولا يتحمل موقع CNBCARABIA.com المسؤولية عن أي خسائر أو أضرار، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر أي خسائر في الأرباح، والتي ربما تنشأ بصورة مباشرة أوغير مباشرة عن استخدام هذه المعلومات أوالاعتمادعليها. ولاتتحمّل ادارة CNBCARABIA.com أوموظفوها أي تبعات قانونية أومسؤولية أي خسائر أو ضرر يمكن أن ينشأ بصورة مباشرة أوغير مباشرة عن المحتوى المقدم على الموقع.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة