اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في لبنان.. ما هي التداعيات المحتملة؟ (ملف خاص CNBC عربية)

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

أنباء عن إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل خلال 36 ساعة

المتحدث باسم البيت الأبيض: "نحن قريبون".. والحكومة الإسرائيلية تجتمع الثلاثاء لحسم موقفها

🔴 علماء سياسة أميركيون لـ CNBC عربية: 

◾ إذا تم التوصل لاتفاق "سيكون هشاً للغاية"..  ولن تغير حكومة نتنياهو ولا حزب الله أهدافهما

◾ الاتفاق قائم على المصلحة الذاتية التكتيكية بعد أن ضعُفَ حزب الله كما أصبح نتنياهو أقل شعبية مع تصاعد إرهاق الحرب في المجتمع الإسرائيلي

◾ اللغة في الاتفاق المقترح "غامضة" بخصوص إطلاق إسرائيل النار على حزب الله إذا رأت - من جانب واحد– حدوث انتهاكات 

◾ من المرجح أن تكون الولايات المتحدة أقل موثوقية في ظل إدارة ترامب ومع الدعم غير المشروط لحكومة نتنياهو


خاص- CNBC عربية: 

تشهد منطقة الشرق الأوسط منعطفاً جديداً مع الإعلان عن اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، في أعقاب صراع استمر لأكثر من عام، وسط غموض لا يزال يلف البنود الخلافية بين الطرفين.

يأتي هذا الاتفاق وسط تساؤلات حول تداعياته على الوضع الأمني والسياسي في المنطقة، ومدى قدرته على الصمود في ظل تعقيدات المشهد الراهن.

انطلقت شرارة الحرب الحالية في لبنان على خلفية الحرب في غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وانخراط حزب الله اللبناني في هذه الحرب بعد ذلك. كما تفاقمت الأوضاع بشكل حاد في الأول من أكتوبر 2024 عندما تدخلت إسرائيل برياً في الأراضي اللبنانية.

على مدار أكثر من عام من القتال، تكبد الجانب اللبناني خسائر فادحة، وبلغ عدد الضحايا 3,768 شخصاً، إضافة إلى 15,699 مصاباً حتى الأحد 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

هذه الأرقام تعكس حجم المأساة الإنسانية على الأرض اللبنانية، حيث تركت الحرب دماراً واسع النطاق وأزمة إنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم.

وقال مسؤول أميركي كبير لوكالة أكسيوس يوم الاثنين إن إسرائيل ولبنان اتفقتا على شروط اتفاق وقف إطلاق النار لإنهاء الصراع بين الجانبين، فيما لم يعلن الطرفان بعد عن اتفاق رسمي.

ووفق المسؤول الأميركي، فإنه من المتوقع أن توافق الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق يوم الثلاثاء. بينما أكد مسؤول إسرائيلي أن الحكومة ستجتمع يوم الثلاثاء.

وأفاد المسؤول الأميركي "نعتقد بأننا توصلنا إلى اتفاق.. نحن على وشك الوصول إلى الهدف ولكننا لم نجتازه بعد.. ويتعين على مجلس الوزراء الإسرائيلي الموافقة على الاتفاق يوم الثلاثاء وقد يحدث خطأ ما حتى ذلك الحين".

وكان أربعة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قد ذكروا، الأحد، أن الاتفاق أصبح نهائيا تقريبا. وهو ما ألمح إليه أيضاً المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين يوم الاثنين، بقوله: "نحن قريبون".

كما نقلت "رويترز" عن أربعة مصادر لبنانية رفيعة، قولهم إن هناك خطة للرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل خلال 36 ساعة.

اتفاق هش

ورغم التفاؤل النسبي الذي يدب بالأوساط السياسية والدبلوماسية، ففي حديثه مع CNBC عربية، يُشكك عالم السياسة الأميركي، مارك ن. كاتز، في إمكانية التوصل لاتفاق ناجح لوقف إطلاق النار. ويقول "إن اتفاق وقف إطلاق النار ليس اتفاق سلام، وأنا أشك في إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ولكن إذا تم التوصل إليه، فسوف يكون هشاً للغاية. ففي نهاية المطاف لن تغير حكومة نتنياهو ولا حزب الله أهدافهما تجاه بعضهما البعض".

وبسؤاله عن العوامل الحاسمة المطلوبة لمنع تفجر وتجدد الصراع في المستقبل، حال التوصل لاتفاق، يشير أستاذ السياسة في جامعة جورج ميسون الأميركية، إلى أن العامل الأساسي المطلوب في هذا السياق هو "التفاهم بين جميع الأطراف على أن المزيد من الصراع ليس في مصلحتهم (إسرائيل ولبنان)".

لكنه يستطرد قائلاً: "حزب الله في الوقت الحالي في موقف دفاعي وربما يريد وقف إطلاق النار من أجل إعادة بناء قوته.. ولكن طالما يرى نتنياهو نفسه قادراً على إضعاف حزب الله أكثر، فأنا لا أعتقد بأنه سيعتبر وقف إطلاق النار في مصلحة إسرائيل".

وفيما يخص دور الولايات المتحدة في الوساطة من أجل التوصل لاتفاق، يقول عالم السياسة الأميركي: "كجزء من اتفاقات السلام المصرية الإسرائيلية والأردنية الإسرائيلية، قدمت الولايات المتحدة المساعدة لكلا الجانبين في هذه الاتفاقات.. فيما لا أرى أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم أي مساعدة لحزب الله على الإطلاق.. قد تساعد الولايات المتحدة الحكومة اللبنانية إذا اعتقدت واشنطن بأن القيام بذلك قد يساعدها في تقليص حزب الله إن لم يكن القضاء عليه.. لكنني لا أعتقد بأن واشنطن تعتقد ذلك. وفي هذه الحالة، لا أرى أن الولايات المتحدة في وضع يسمح لها بضمان أي اتفاق لوقف إطلاق النار - وبالتالي لن تفعل ذلك".

تعثر ثم انفراجة

ويشار إلى أن مساعي التوصل لاتفاق شهدت ولادة متعثرة، فقد كاد الاتفاق أخيراً يوم الخميس الماضي يقترب من الاكتمال، عندما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بحسب مسؤولين أميركيين وإسرائيليين.

وجاء هذا النبأ أثناء لقاء نتنياهو مع المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، الذي يتوسط منذ عام بين إسرائيل ولبنان. وقد أثار إعلان وزارة الخارجية الفرنسية أن فرنسا ستنفذ حكم المحكمة غضب نتنياهو، وقد أدى ذلك إلى عرقلة المفاوضات، حيث كان لبنان يريد أن تكون فرنسا جزءاً من لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق. وقد تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن ، الجمعة 22 نوفمبر، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لحسم الموقف.

غموض البنود.. وتبعات الاتفاق المحتمل

وفي السياق، فإنه إذا أمكن التوصل إلى الاتفاق فسوف يترتب عليه عدة عواقب فورية، يُحدد أهمها عالم السياسة الأميركي، آلان كفروني، لدى حديثه مع CNBC عربية، وهي (وقف إطلاق النار في حد ذاته، مع فوائد إنسانية واضحة ومهمة)، مشيراً إلى أنه حتى في الوقت الذي كانت المفاوضات تجري فيه خلال عطلة نهاية الأسبوع، كان كل من حزب الله وإسرائيل ينفذان ضربات ضخمة.

اقرأ أيضاً: البنك الدولي: 8.5 مليار دولار قيمة خسائر وأضرار لبنان من الصراع الحالي

بحسب استاذ العلاقات الدولية في كلية هاملتون في نيويورك، فمن الممكن أن تكون العواقب المباشرة الوحيدة هي فصل حرب حزب الله في الشمال عن غزة.

ويضيف: "ولكن بعيداً عن ذلك، يبدو أن هذا الاتفاق قائم على المصلحة الذاتية التكتيكية؛ فقد ضعُفَ حزب الله بشدة، كما أصبح نتنياهو أقل شعبية على نحو متزايد مع انتشار إرهاق الحرب في المجتمع الإسرائيلي. وسوف يستفيد نتنياهو من عودة ستين ألف إسرائيلي إلى الشمال. ومن هنا فإن وقف إطلاق النار مفيد للجانبين ولكنه لا يزال بلا تأثير حقيقي على الأهوال في غزة ـ أو استئناف الحرب المحتمل في الشمال.

ويُعلق كفروني على بنود الاتفاق التي كشفت عنها تقارير إعلامية، قائلاً: "اللغة في الاتفاق المقترح غامضة فيما يتعلق بقدرة إسرائيل على إطلاق النار على حزب الله إذا رأت - من جانب واحد - أن الانتهاكات تحدث، كما يدعو لبنان إلى انسحاب فوري للجيش الإسرائيلي - وليس أكثر من 60 يوماً، وهذه القضايا تحتاج إلى حل.


يشمل 3 مراحل .. اتفاق لبناني إسرائيلي وشيك لوقف إطلاق النار


- يتضمن مشروع اتفاق وقف إطلاق النار فترة انتقالية مدتها 60 يوماً ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وينتشر الجيش اللبناني في المناطق القريبة من الحدود، على أن ينقل حزب الله أسلحته الثقيلة إلى الشمال من نهر الليطاني. 

- كما يتضمن الاتفاق أيضاً تشكيل لجنة إشرافية بقيادة الولايات المتحدة لمراقبة التنفيذ ومعالجة الانتهاكات.

- وافقت الولايات المتحدة على منح إسرائيل رسالة ضمانات تتضمن دعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد التهديدات الوشيكة من الأراضي اللبنانية، واتخاذ إجراءات لتعطيل أمور مثل إعادة تأسيس الوجود العسكري لحزب الله بالقرب من الحدود أو تهريب الأسلحة الثقيلة، بحسب ما نقله موقع "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين.

- بموجب مشروع الاتفاق، فإن إسرائيل ستتخذ مثل هذا الإجراء بعد التشاور مع الولايات المتحدة، وإذا لم يتعامل الجيش للبناني مع التهديد.

وفيما يتعلق بالدور الأميركي، يوضح كفروني أن إدارة الرئيس جو بايدن دفعت بقوة من أجل الاتفاق، ويبدو أن كبير المفاوضين عاموس هوكشتاين أخبر نتنياهو بأنه سيستقيل إذا رفضت إسرائيل الاتفاق النهائي. كما أن من الواضح أن الولايات المتحدة ستلعب دوراً رئيسياً في فرض شروطه. في الوقت نفسه، هناك تكهنات بأن نتنياهو يرى ذلك كهدية لدونالد ترامب.

ووفق كفروني "من المؤكد تقريباً أن إيران توافق على الاتفاق. بينما ليس من المعروف ما إذا كانت روسيا ستقيد شحنات الأسلحة من سوريا إلى حزب الله، على الرغم من أن هذا يبدو محتملاً ومتسقاً مع العلاقة المعقدة بين روسيا وإسرائيل وإيران".

هل يقود الاتفاق لاستقرار المنطقة؟

ويثير الحديث عن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان تساؤلات في الوقت نفسه حول مدى قدرته على تحقيق الاستقرار في منطقة متوترة بفعل الحرب الدائرة في غزة وتصاعد المواجهات الإسرائيلية الإيرانية. فعلى الرغم من أن الاتفاق قد يحد من التصعيد على الجبهة اللبنانية، فإن جذور التوتر الإقليمي، الممتدة إلى التحالفات الاستراتيجية والتنافسات الإقليمية بين إسرائيل وإيران عبر وكلاء مختلفين، تجعل أية تهدئة رهينة بسياقات أوسع تتجاوز حدود الاتفاق ذاته.

كما أن غياب رؤية واضحة لحل شامل للنزاعات في المنطقة يحد من فعالية أي اتفاق أحادي الجانب في تحقيق استقرار دائم.

ومن ثم يتوقف مدى تأثير الاتفاق المحتمل على عدة عوامل، منها التزام الأطراف ببنوده، وقدرته على خلق بيئة تسمح بإعادة فتح قنوات الدبلوماسية الإقليمية لحلحلة الملفات الشائكة الأخرى، مثل الحرب في غزة.

ومع ذلك، فإن غياب الثقة المتبادلة بين الأطراف، والارتباط العميق للأحداث على الساحة اللبنانية بالمحاور الإقليمية والدولية، قد يجعل الاتفاق مجرد عامل تهدئة مؤقت، دون أن يتحول إلى نقطة تحول نحو سلام مستدام.

في هذا السياق، وبينما يقول استاذ العلوم السياسية في جامعة مكغيل، الكندية، ريكس براينن، لدى حديثه مع CNBC عربية، إن العواقب المباشرة لوقف إطلاق النار سوف تتمثل في إنهاء العمليات الكبرى التي تشنها إسرائيل وحزب الله، وبالتالي الحد إلى حد كبير من معاناة الشعب اللبناني، فإنه يلفت إلى أنه من الصعب القول ما إذا كان الاتفاق من شأنه أن يعمل على استقرار المنطقة.

ويأتي ذلك في ظل السماح لإسرائيل على مواصلة ضرب بعض أهداف حزب الله حتى بعد وقف إطلاق النار، واستخدام حزب الله لوقف إطلاق النار لإعادة التسلح وإعادة التجمع، وفق براينن.

ويعتقد بأن اتفاق وقف إطلاق النار المقترح يتطلب سحب أسلحة حزب الله من جنوب الليطاني ونشر الجيش اللبناني هناك بشكل فعال. وما زال من غير الواضح ما إذا كان هذا سوف ينجح. فقد انتهت حرب إسرائيل وحزب الله في العام 2006 أيضاً باتفاق يسمح للجيش اللبناني بفرض سيطرته الفعلية على منطقة الحدود، ولكنه لم يتمكن قط من القيام بذلك.

بينما يشكك في سياق متصل بشأن أن الولايات المتحدة كانت ضامناً فعالاً للسلام والأمن في المنطقة؛ ذلك أنه قد "جعلت الأمور أسوأ في كثير من النواحي بفشلها في معالجة القضية الفلسطينية ودعمها غير المشروط لحكومة نتنياهو في إسرائيل. ومن المرجح أن تكون الولايات المتحدة أقل موثوقية في ظل إدارة ترامب".


ما الذي تعنيه عودة ترامب للبيت الأبيض بالنسبة لـ "التوترات في الشرق الأوسط"؟ (خاص CNBC عربية)


وبشكل عام، يبدو أن الطريق إلى تحقيق سلام مستدام في المنطقة لا يزال محفوفاً بالتحديات، حتى مع اقتراب الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. وبينما يحمل الاتفاق الوشيك في طياته أملاً بتهدئة فورية للأوضاع المتفجرة على الجبهة اللبنانية، إلا أن جذور الصراع العميقة وتعقيداته الإقليمية والدولية تلقي بظلال من الشك على إمكانية تحوله إلى نقطة انطلاق لاستقرار طويل الأمد. 

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة