هل تعود العلامات التجارية الغربية إلى روسيا ؟

نشر
آخر تحديث
مصدر الصورة: AFP

استمع للمقال
Play

أثار سعي واشنطن لإنهاء الصراع في أوكرانيا بسرعة، تكهنات بأن العلامات التجارية الغربية قد ترغب في العودة إلى روسيا، ولكن من الأزياء إلى السيارات، تبدو الأسواق التي تخلت عنها الآن أكثر تنافسية مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.

وبينما أحيت أوكرانيا الذكرى السنوية لتدفق القوات الروسية عبر حدودها، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الصراع يمكن أن ينتهي في غضون أسابيع، على الرغم من أنه لم يتضح بعد كيف سيتم ذلك.

ستحتاج العقوبات الغربية، التي تعقّد عمليات الدفع عبر الحدود وتدفقات التجارة، على الأرجح إلى تخفيفها لتمكين الشركات من العودة بأعداد كبيرة. أما تلك التي تقرر المغامرة بالعودة، فستجد الأسواق الآن تحت سيطرة العلامات التجارية المحلية، أو الصينية في حالة قطاع السيارات، وفقاً لرويترز.

ازدهار مبيعات الشركات المحلية

شركة «هندرسون» (Henderson)، المتخصصة في الملابس الرجالية، والتي أدرجت أسهمها في بورصة موسكو أواخر عام 2023، قالت إن انسحاب تجار التجزئة الأجانب منحها دفعة للنمو، خاصة من خلال توفير مواقع أفضل داخل مراكز التسوق.

وقد ساعد ذلك الشركة على تحقيق نمو في المبيعات بمعدل يعادل ثلاثة أضعاف معدل نمو سوق الملابس الرجالية البالغ 8% سنوياً، رغم استمرار توافر بعض العلامات التجارية الغربية في بعض الأماكن.

وقالت إدارة العلاقات العامة في «هندرسون»: «لم يتغير السوق نفسه بشكل كبير، حيث إن غالبية العلامات التجارية الأجنبية، ما يتراوح بين 60% و80% من الشركات المصنعة العالمية، وفقاً لتقديراتنا، لم تغادر».

وأضافت: «لقد قامت هذه الشركات فقط بتغيير قنوات البيع، إما باستخدام خدمات المتاجر المحلية متعددة العلامات التجارية لبيع منتجاتها، أو عبر تغيير لافتات متاجرها وإطلاق علامات تجارية جديدة».

ورغم أن السلع الاستهلاكية ليست خاضعة للعقوبات، فإن امتناع العديد من الشركات عن التعامل مع روسيا دفع موسكو إلى تقنين الواردات الموازية عبر دول ثالثة، ما يسمح لتجار التجزئة ببيع السلع الأجنبية دون الحاجة إلى إذن من مالك العلامة التجارية.

معركة على المساحات

الفرق الأساسي يكمن في أن المواقع الرئيسية في مراكز التسوق، التي كانت مخصصة في الماضي للمتاجر الرئيسية للعلامات الغربية، أصبحت الآن مشغولة بمنافسين روس.

وقال بافيل ليلين، نائب رئيس رابطة مراكز التسوق في روسيا وبيلاروس وكازاخستان: «أفضل المواقع، التي كانت تحتلها العلامات التجارية الغربية، تم شغلها بالفعل».

وأضاف: «هذه عقود طويلة الأجل، لذا ستشهد كل مساحة من هذا النوع تنافساً كبيراً».

ومن غير المرجح أن تستقبل موسكو العلامات التجارية العائدة بحفاوة. فقد شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة، على ضرورة منح الأفضلية للمصنعين الروس إذا قررت الشركات الأجنبية العودة.

من جانبه، قال كيريل دميتريف، المبعوث الخاص لبوتين للتعاون الاقتصادي والاستثماري الدولي، الأسبوع الماضي، إنه يتوقع عودة عدد من الشركات الأميركية في وقت مبكر من الربع الثاني من هذا العام، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

اقرأ أيضاً: هل تعزز التحديات الاقتصادية في روسيا تسريع مسار مفاوضات إنهاء حرب أوكرانيا؟

تكيّف السوق الروسي مع غياب العلامات الغربية

غادرت أكثر من ألف شركة غربية روسيا منذ أن أرسلت موسكو قواتها إلى أوكرانيا. وقد انسحب بعضها بسبب التكاليف والاضطرابات الناجمة عن العقوبات والمشاكل المرتبطة بالمدفوعات، في حين غادرت شركات أخرى، لا سيما العاملة في قطاع التجزئة، احتجاجاً على تصرفات روسيا.

ولا يزال قطاع التجزئة في روسيا يعاني من تداعيات هذه التغييرات، إذ تستقبل مراكز التسوق عدداً أقل من الزوار بنسبة 20% مقارنة بعام 2019، وفقاً لما ذكره بافيل ليلين، نائب رئيس رابطة مراكز التسوق في روسيا وبيلاروس وكازاخستان.

لكن المستهلكين الروس باتوا أكثر تقبلاً للعلامات التجارية المحلية. وقالت آنا، 29 عاماً، وهي من سكان موسكو، أثناء تسوقها في أحد شوارع العاصمة الرئيسية: «في البداية، كان الأمر صعباً للغاية، لأن سوق التجزئة الروسية في مجال الملابس والأحذية كانت غير متطورة».

وأضافت: «أما الآن، فلا إطلاقاً. العلامات التجارية المحلية لدينا تنتج أشياء ليست أسوأ على الإطلاق من نظيراتها الغربية».

وأشارت داريا، وهي موظفة مبيعات في أحد متاجر «ستوكمان» في موسكو، إلى أن الشركة، التي تبيع ملابس محلية وأجنبية واستحوذت العام الماضي على أعمال «هوغو بوس» في روسيا، قد شهدت زيادة في مبيعات العلامات التجارية المحلية.

اقرأ أيضاً: مع الارتفاعات القياسية لبتكوين.. العلامات التجارية الفاخرة تقبل المدفوعات بالعملات المشفرة

توسّع الخيارات أمام المستهلكين الروس

قالت أناستاسيا إفريموفا، وهي من سكان موسكو، إن العلامات التجارية الروسية رفعت الأسعار، لكن التأثير العام كان طفيفاً.

وأضافت إفريموفا، البالغة من العمر 38 عاماً: «لا أتحدث فقط عن الملابس أو مستحضرات التجميل، بل حتى عن قطع غيار السيارات. كان هناك تخوف من أننا لن نتمكن من شراء بعض القطع، لكن كل شيء متوفر في الأسواق».

وكانت شركات السيارات الأجنبية قد ساهمت في تنمية سوق السيارات الروسية منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما بدأت في بناء مصانع محلية. غير أن الانسحاب المفاجئ لشركات مثل «رينو» و«فولكسفاغن» و«نيسان» خلّف فراغاً سرعان ما سدّته الشركات الصينية، التي أصبحت تمثل الآن أكثر من 50% من مبيعات السيارات الجديدة، مقارنة بأقل من 10% قبل اندلاع الصراع.

في المقابل، زادت حصة شركات صناعة السيارات المحلية لتصل إلى نحو 30% من المبيعات، مقارنة بـ 20% تقريباً قبل فبراير شباط 2022.

وفي الوقت الحالي، تستبعد الشركات الغربية العودة في المستقبل القريب. فقد صرّح مسؤولو «آرلا فودز»، الشركة المنتجة لزبدة «لورباك»، و«إنتركونتيننتال هوتيلز» الأسبوع الماضي بأنه لا توجد خطط للعودة إلى السوق الروسية. أما «رينو» الفرنسية، فوصفت العودة وفق الشروط المتفق عليها عند خروجها عام 2022 بأنها «غير محتملة إلى حد بعيد».

وقالت فاليريا، وهي موظفة مبيعات في أحد متاجر الأزياء بوسط موسكو، إن العلامات التجارية الروسية ستسعى للدفاع عن حصتها السوقية، وتشعر بالثقة في قدرتها على المنافسة إذا عادت الشركات العالمية.

وفي النهاية، يبقى المستهلكون الروس راغبين في حرية الاختيار، كما قالت لايسن فاسخوتدينوفا، وهي من سكان موسكو: «أفضل أن تعود هذه الشركات. يجب أن يكون لدى الروس خيارات متعددة».

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة