وجّهت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية (CMA)، يوم الأربعاء، انتقادات حادة لأنظمة الهواتف المحمولة التابعة لشركتي «آبل» و«غوغل»، داعيةً إلى إدخال تعديلات على عدة جوانب تشمل متاجر التطبيقات.
واقترحت الهيئة منح الشركتين الأميركيتين تصنيف «وضعية السوق الإستراتيجية»، وذلك بعد فتح تحقيق في هذه المسألة في يناير كانون الثاني الماضي.
ويُمنح هذا التصنيف للشركات الكبرى التي تتمتع بـ«قوة سوقية كبيرة ومتجذّرة»، وبـ«مكانة إستراتيجية مؤثرة» في ما يتعلق بالأنشطة الرقمية داخل المملكة المتحدة.
وبموجب هذا التصنيف، يمكن للهيئة أن تُجبر الشركات على تعديل أو وقف سلوكيات أو ممارسات معيّنة بهدف معالجة المخاوف المرتبطة بالمنافسة.
اقرأ أيضاً: «آبل» تستثمر 500 مليون دولار في شركة MP Materials لإنتاج المعادن النادرة
من جانبها، اعترضت كل من «آبل» و«غوغل» على هذه المقترحات، واعتبرتا أن من شأنها الإضرار بأمن المستخدمين وبمصالح المستهلكين بشكل عام.
ركّزت الهيئة البريطانية على أنظمة التشغيل للهواتف المحمولة، ومتاجر التطبيقات، والمتصفحات التابعة لكل من «آبل» و«غوغل». وتناول جزء من التحقيق وجود حواجز قد تحول دون تمكّن المنافسين من تقديم منتجات وخدمات بديلة على منصات الشركتين.
كذلك، بحث التحقيق فيما إذا كانت «آبل» و«غوغل» تستغلان مكانتهما في أنظمة التشغيل أو توزيع التطبيقات أو المتصفحات للترويج لتطبيقاتهما وخدماتهما الخاصة على حساب المنافسين.
وتناول التحقيق أيضاً ما إذا كانت الشركتان تفرضان على المطوّرين شروطاً «غير عادلة» مقابل السماح لهم بتوزيع تطبيقاتهم عبر متاجرها.
وأشارت الهيئة، يوم الأربعاء، إلى أن المستهلكين والشركات عبّروا عن قلقهم إزاء عدة مسائل داخل النظامين البيئيين للشركتين، من بينها «عمليات مراجعة التطبيقات غير المتّسقة وغير المتوقعة»، و«ترتيب نتائج البحث في متجر التطبيقات بطريقة قد تُفضّل تطبيقات الشركتين».
كما انتقدت الهيئة فرض عمولة تصل إلى %30 على بعض المشتريات داخل التطبيقات، بالإضافة إلى القيود التي تمنع المطوّرين من إبلاغ المستخدمين بوجود وسائل دفع أو اشتراك أقل كلفة خارج التطبيق.
وأعرب عدد من المطوّرين عن مخاوفهم من إمكانية وصول «آبل» و«غوغل» إلى بيانات حسّاسة تجارياً خاصة بمنافسيهم خلال عمليات مراجعة التطبيقات، بحسب ما أوردته الهيئة.
اقرأ أيضاً: غوغل تدفع 2.4 مليار دولار في صفقة لترخيص تقنية مدعومة بالذكاء الاصطناعي
يُذكر أن نظام التشغيل أندرويد من «غوغل» يهيمن على نحو %61 من السوق البريطانية، بينما تستحوذ «آبل» بنظامها iOS على أكثر من %38، وفقاً لبيانات شركة «كانتار». وتُدير «غوغل» متجر «بلاي» ومتصفّح «كروم»، بينما تمتلك «آبل» متجر «آب ستور» ومتصفّح «سفاري».
طرحت الهيئة مجموعة من التعديلات الفورية، بالإضافة إلى خطوات بعيدة المدى. فقد دعت إلى أن تُراجع «آبل» التطبيقات المُقدَّمة لمتجرها بطريقة «عادلة وموضوعية وشفافة». وقد تشمل الإجراءات المطلوبة توضيح أسباب تأخّر أو رفض التطبيقات، وتوفير آلية تسمح للشركات برفع شكاوى بشأن عملية المراجعة.
كذلك، قد تُجبر «آبل» على نشر منهجية تصنيف التطبيقات داخل متجرها، وهو ما تطالب الهيئة بتطبيقه أيضاً على «غوغل».
وتبحث الهيئة في كيفية تمكين المطوّرين من توجيه المستخدمين إلى طرق دفع خارج التطبيق، ما يتيح لهم تجنّب دفع عمولة الشركتين على المشتريات داخل التطبيقات.
وتدرس الهيئة أيضاً سُبلاً لتسهيل نقل البيانات بين نظامي iOS وAndroid، ما يجعل عملية الانتقال من جهاز إلى آخر أكثر سهولة.
أما على المدى المتوسط، فأشارت الهيئة إلى أنها لا تزال تدرس خيار فرض السماح بمتاجر تطبيقات بديلة على نظام iOS وأجهزة iPad. كما تبحث في إمكانية إجبار «آبل» على السماح للمستخدمين بتحميل التطبيقات مباشرة من مواقع المطوّرين، وهي الممارسة المعروفة باسم «التثبيت الجانبي» (sideloading).
قالت شركة آبل في بيان لها إنّ المقترحات الصادرة عن المملكة المتحدة «ستقوّض معايير الخصوصية والحماية الأمنية التي اعتاد مستخدمونا عليها، وتعرقل قدرتنا على الابتكار، وتجبرنا على منح تقنياتنا مجاناً لمنافسين أجانب».
وأضافت: «سنواصل التواصل مع الجهة التنظيمية لضمان إدراكها التام لهذه المخاطر».
من جهته، أشار أوليفر بيثل، المدير الأول لشؤون المنافسة في غوغل، إلى أنّ متصفح غوغل كروم ونظام التشغيل أندرويد يعتمدان على كود مفتوح المصدر.
وقال بيثل: «إنّ هذه المنتجات توفّر للمستخدمين خيارات ممتازة، وأماناً، وابتكاراً. ولهذا السبب، فإنّ إعلان اليوم مخيب للآمال، وغير مبرّر».
وسلّط المسؤول في غوغل الضوء على دور أندرويد في دعم المطوّرين البريطانيين والاقتصاد المحلي.
وأضاف: «من الضروري أن تستند أيّ لوائح تنظيمية جديدة إلى أدلة، وأن تكون متناسبة، وألا تتحوّل إلى عائق أمام النمو في المملكة المتحدة. نحن ملتزمون بمواصلة التعاون البنّاء مع هيئة المنافسة والأسواق طوال فترة هذا الإجراء».
تتفاقم المشكلات التنظيمية التي تواجهها شركتا آبل وغوغل في القارة الأوروبية.
ففي أبريل نيسان، فرضت الجهات التنظيمية التابعة للاتحاد الأوروبي غرامة على شركة آبل بقيمة 500 مليون يورو (587 مليون دولار) بتهمة انتهاك «قانون الأسواق الرقمية» — وهو قانون رائد يهدف إلى معالجة قضايا المنافسة في قطاع التكنولوجيا.
وقد اضطُرّت آبل إلى إدخال عدد من التعديلات على طريقة عملها في الاتحاد الأوروبي هذا العام، من بينها السماح للمطورين بإبلاغ المستخدمين بخيارات أرخص، وتجاوز نظام الدفع داخل التطبيقات الخاص بالشركة.
غير أنّ بعض هذه التعديلات لم يلبِّ بعد متطلبات الجهات التنظيمية الأوروبية. ففي يونيو حزيران، كشفت آبل عن نظام معقّد لرسوم متجر التطبيقات في محاولة للامتثال للقانون وتجنّب دفع الغرامة. وتخطّط الشركة لاستئناف القرار.
لطالما جادلت آبل بأنّ التغييرات المفروضة من قِبل الجهات التنظيمية قد تضر بخصوصية المستخدمين وأمنهم، وتخلق شروطاً مربكة للمطورين.
وفي مارس آذار، وُجِّهت إلى شركة ألفابت، الشركة الأم لغوغل، اتهامات من قبل الاتحاد الأوروبي بعدم الامتثال لقانون الأسواق الرقمية. وقالت المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذي للاتحاد، إنّ غوغل تفضّل خدماتها في نتائج البحث على حساب المنافسين، كما يمنع متجر التطبيقات التابع لها المطوّرين من توجيه المستخدمين نحو قنوات أخرى تقدم عروضاً أفضل.
وتسعى غوغل أيضاً إلى الطعن في غرامة بقيمة 4.1 مليار يورو تعود إلى قضية احتكار تعود إلى عام 2018.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي