بعد وفاة المصمم العالمي بدون أبناء أو شركاء.. ما مصير إمبراطورية جورجيو أرماني للأزياء؟

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

تُوفي رجل الأعمال والمصمم الإيطالي جورجيو أرماني عن عمر يناهز 91 عاماً، مخلفاً وراءه إحدى أشهر علامات الأزياء العالمية، وثروة تقدر بنحو 12 مليار دولار، وذلك دون أبناء أو شركاء له.

وتثير وفاة أرماني تساؤلات بشأن مصير علامة الأزياء العالمية التي تحمل اسمه، ويمتد عمرها إلى نحو خمسة عقود، خاصة أنه كان يدير الشركة ويحكم قبضته عليها حتى آخر حياته.



 

بداية تأسيس الشركة

 

التقى أرماني في منتصف ستينيات القرن الماضي، مع شريك حياته وأعماله، سيرجيو غاليوتي، الذي كان رساماً معمارياً ويصغر أرماني بعشر سنوات.

وأقنع أرماني غاليوتي بالمشاركة في تأسيس مشروعه الخاص عام 1975، وتولى غاليوتي، البالغ من العمر 30 عاماً، إدارة العمل، بينما كان أرماني، البالغ من العمر 40 عاماً، القوة الإبداعية والوجه الإعلاني للعلامة التجارية.

وخلال السنوات العشر الأولى من عمر الشركة، جعل غاليوتي وأرماني من "جورجيو أرماني" وجهةً لنوعٍ معين من الملابس الرجالية والنسائية الفضفاضة والأنيقة - خياطةٌ خالية من الصرامة، واستخدام واسع لألوان محايدة وألياف طبيعية - حتى ترسخت "بدلة أرماني الرسمية" في وول ستريت، وأصبحت معياراً للون الرمادي الفاتح لفئة جديدة من رجال الأعمال.

لكن عام 1985 حمل مفاجأة كبيرة لأرماني بوفاة غيالوتي وهي خسارة ظل أرماني يحزن عليها حتى نهاية حياته، لكنها كانت في نفس الوقت حافزاً له لإعطاء الأولوية لاستقلالية الشركة والاستمرار في إدارة شؤونه التجارية بنفسه.

وظل أرماني، المساهم الرئيسي الوحيد في الشركة، بعد أن أحكم قبضته عليها من الناحيتين الإبداعية والإدارية إلى الرمق الأخير.

 


اقرأ أيضاً: هيئة مكافحة الاحتكار الإيطالية تغرم جورجيو أرماني 3.5 مليون يورو لهذا السبب


 

جاذبية الشركة

 

حققت الشركة إيرادات مستقرة نسبياً خلال العام الماضي بلغت 2.3 مليار يورو (2.7 مليار دولار)، لكن أرباحها انخفضت وسط ركود واسع النطاق في هذا القطاع.

وتتوزع إيرادات شركته بين خطوط أزياء الرجال والنساء، وخط أزياء إمبوريو أرماني ديفيوز، وأزياء أرماني بريفيه الراقية، والديكورات الداخلية، وعشرات المطاعم، و2500 متجر تجزئة، والعطور، ومجموعة مستحضرات تجميل كلاسيكية شهيرة.

ورغم هذا التباطؤ، يرى خبراء في هذا المجال، مثل الشريك الإداري لشركة الاستشارات الفاخرة Ortelli&Co، ماريو أورتيلي، أن شركة "جورجيو أرماني" لا تزال  جذابة للغاية.

وبحسب تقرير لوكالة رويترز، قال أورتيلي عن الشركة إنها إحدى أشهر العلامات التجارية في العالم، "برؤية أسلوبية واضحة ومحددة بشكل فريد"، لكنه مع ذلك استبعد عقد صفقة بشأن الشركة على المدى المتوسط.

 

تجنب أرماني لأي صفقات محتملة للاستحواذ على شركته

 

على مدار الأعوام، تلقت شركة الأزياء الإيطالية عدة عروض للاستحواذ عليها، منها عرض خلال عام 2021 من جون إلكان، سليل عائلة أنييلي الإيطالية، وآخر من علامة غوتشي الفاخرة، عندما كان ماوريتسيو غوتشي لا يزال على رأسها.

لكن أرماني، الذي وصفه مُطلعون على الصناعة بأنه كان حذراً للغاية من منافسيه الفرنسيين، استبعد عدة مرات أي صفقة مُحتملة من شأنها أن تُضعف سيطرته على شركته، كما رفض إدراج المجموعة في سوق الأسهم.

 


اقرأ أيضاً: هيئة مكافحة الاحتكار في إيطاليا تخضع شركتي أرماني وديور للتحقيق


 

تدابير لضمان استمرارية الشركة.. وورثة محتملون

 

وضع أرماني تدابير لضمان استمرارية واستقلالية أعماله، التي أدارها مع أفراد عائلته الموثوق بهم وشبكة من الزملاء القدامى.

وكانت دائرة المقربين من أسرة رجل الأعمال الراحل تتضمن شقيقته روزانا، عضو مجلس الإدارة؛ وابنة أخيه سيلفانا، رئيسة قسم تصميم الأزياء النسائية؛ وابنة أخيه روبرتا، رئيسة قسم علاقات كبار الشخصيات والترفيه؛ وابن أخيه أندريا كاميرانا، المدير الإداري للاستدامة. ويُعتبر مساعده الأيمن بانتاليو ديل أوركو أيضًا أحد أفراد العائلة، وجميعهم ورثة محتملون.

وقد تتضح خطط أرماني أكثر خلال الأسابيع المقبلة، عند نشر وصيته.

 

تأسيس مؤسسة لتأمين إرث أرماني

 

بدأ جورجيو أرماني التفكير في خطة لضمان سلاسة عملية الخلافة والحفاظ على استقلالية الشركة خلال العقد الأخير من عمره، وهو ما دفعه إلى إنشاء مؤسسة في عام 2016.

وكان الهدف المعلن لتلك المؤسسة "حماية حوكمة" أصول مجموعة أرماني وضمان بقائها متوافقة مع المبادئ "ذات الأهمية الخاصة" بالنسبة له.

وقال المصمم العالمي لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية في العام التالي لتأسيس المؤسسة، إن هذه الآلية ضرورية لمساعدة ورثته على التعايش مع بعضهم البعض، وتجنب استحواذ آخرين على المجموعة أو تفكيكها.

وتمتلك المؤسسة في الوقت الحالي حصة رمزية قدرها 0.1% في مجموعة جورجيو أرماني، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، ولكن من المتوقع أن تحصل على حصة أكبر بعد وفاته، إلى جانب الورثة الآخرين، وفقًا لما ذكره رجل الأعمال الراحل في المقابلة مع الصحيفة الإيطالية.

وأضاف أن ثلاثة مرشحين اختارهم سيديرون المؤسسة. كما صاغ النظام الأساسي الجديد للشركة، الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد وفاته، والذي يحدد مبادئ الإدارة المستقبلية لمن يرثون المجموعة.

ويدعو النظام الأساسي للشركة إلى "نهج حذر في عمليات الاستحواذ" ويقسم رأسمال الشركة إلى عدة فئات ذات حقوق تصويت وصلاحيات مختلفة. ولكن من غير الواضح من وثيقة النظام الأساسي كيفية توزيع حصص الأسهم المختلفة.

أيضاً ينص النظام الأساسي على أن أي إدراج محتمل في سوق الأسهم سيتطلب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الإدارة، ولا يمكن أن يتم إلا "بعد السنة الخامسة من دخول هذا النظام حيز النفاذ". 


اقرأ أيضاً: توم فورد "أيقونة الموضة".. حياة مثيرة ورحلة نجاح بدأت منذ 39 عاماً


 

استمرار تطوير أعمال الشركة

 

أكد جورجيو أرماني، في تعليقه على النتائج المالية السابقة، عزمه على مواصلة تطوير أعماله، التي تُعتبر صغيرة الحجم نسبياً مقارنةً بالعملاق الفرنسي LVMH، ومنافسين آخرين مثل كيرينغ المالكة لعلامة غوتشي، ودار الأزياء الإيطالية الفاخرة برادا.

وقال أرماني، في بيان النتائج الصادر في يوليو/ تموز: "اخترتُ الاستثمار في مشروعات ذات أهمية رمزية وعملية كبيرة، وهي أساسية لمستقبل الشركة".

وشملت هذه الاستثمارات تجديد متاجر رئيسية مثل مبنى ماديسون أفينيو في نيويورك، وإمبوريو أرماني في ميلانو، بالإضافة إلى الإنفاق على مبنى بالازو أرماني الجديد في باريس، وتولي إدارة التجارة الإلكترونية داخلياً.

وتُمثل أوروبا ما يقرب من نصف إيرادات مجموعة أرماني، وهي نسبة أعلى بكثير من إيرادات العلامات التجارية الفاخرة الأخرى، حيث تُشكل الأميركتان وآسيا والمحيط الهادئ حوالي الخُمس لكل منهما. ووصل صافي النقد لدى المجموعة إلى 570 مليون يورو في نهاية العام الماضي بعد زيادة الاستثمارات.

 

من يقود الشركة بعد أرماني؟

 

أعرب جورجيو أرماني، خلال آخر مقابلة له مع صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، عن رغبته في تسليم تدريجي للمسؤوليات التي لطالما تولاها إلى أقرب معاونيه وأفراد عائلته.

وقال أرماني: "تتمثل خططي للخلافة في نقل تدريجي للمسؤوليات التي لطالما تولّيتها إلى أقرب المقربين مني... مثل ليو ديل أوركو، وأفراد عائلتي، وفريق العمل بأكمله".

وبعد وفاة رجل الأعمال الإيطالي ستحتاج المجموعة على المستوى الإداري، إلى شغل منصبي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي اللذين كان يشغلهما بنفسه، مع وجود خيارات محتملة لخبراء مخضرمين مثل جوزيبي مارسوتشي، ودانييلي باليسترازي.

لكن اختيار الهيكل الإبداعي المناسب للمجموعة قد يكون المهمة الأكثر صعوبة.

وربما تكون سيلفانا، ابنة أخي أرماني، الأقرب فيما يتعلق بمجموعات التصميمات النسائية التي طالما عملت عليها إلى جانب عمها، بينما تعاون ديل أوركو معه في مجموعات الرجال.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة