بعد الزيارة التاريخية لرئيس سوري إلى الولايات المتحدة، وضع الرئيس أحمد الشرع، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست نشرت اليوم الأربعاء 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، ملامح سياسة سوريا المستقبلية، وعلاقاتها مع واشنطن وإسرائيل وروسيا.
وفي المقابلة التي تمت عقب لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب وعدد من المسؤولين في البيت الأبيض، كشف الشرع عن ملامح توجه جديد في علاقة دمشق بواشنطن، بعد قرن من العداء والقطيعة، مبدياً رغبته في تحقيق علاقات وطيدة.
اقرأ أيضاً: بعد التحولات في سوريا.. ترامب يستقبل الشرع والخزانة الأميركية تعلق قانون قيصر
وعرض الشرع مشروع قوامه تحقيق المصالح المشتركة، بالإضافة إلى التركيز على الأمن والاستقرار ورفع العقوبات الاقتصادية، وعودة بلاده إلى كنف المنظومة الدولية.
وأكد أن الهدف الأساسي من زيارته إلى واشنطن هو "بناء علاقة جديدة بين سوريا والولايات المتحدة بعد 100 عام من التوتر وسوء الفهم".
وأوضح أنه لمس من إدارة ترامب إمكانية "وضع أسس لمصالح مشتركة"، خصوصاً في الجوانب الأمنية والاقتصادية.
وفي الشأن السوري، اعتبر الشرع أن استقرار سوريا شرط لاستقرار المنطقة بأكملها، وأن العقوبات المفروضة عليها تعرقل الإنعاش الاقتصادي، واصفاً رفع العقوبات التي تشل اقتصاد بلاده وتعطِّل مشاريع إعادة الإعمار، بأنه خطوة جوهرية في هذا المسار.
وأشار الرئيس السوري إلى أن المفاوضات حول رفع العقوبات مستمرة منذ أشهر وتحققت فيها "نتائج جيدة"، في حين تنتظر دمشق القرار النهائي من واشنطن.
وتناول الشرع قضية الصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس، الذي اختفى عام 2012، مؤكداً أن بلاده أنشأت لجنة خاصة بالتنسيق مع السلطات الأميركية للبحث عن جميع المفقودين خلال سنوات الحرب، والذين يقدر عددهم بنحو 250 ألف شخص.
اقرأ أيضاً: دعماً للاستثمارات.. الخارجية الأميركية تدعم رفع عقوبات قانون قيصر عن سوريا
وفي مواجهة الانتقادات في الكونغرس التي تقول إن رفع العقوبات عن رجل "قاتل الأميركيين سابقا" يُعد مكافأة غير مستحقة، دافع الشرع عن تاريخه، قائلاً إن "القتال ليس عاراً إذا كان دفاعاً عن الأرض وعن المظلومين"، موضحاً أنه شارك في حروب كثيرة لكنه "لم يتسبب في مقتل أبرياء".
وأضاف أن كثيرين في الولايات المتحدة نفسها باتوا يعترفون بأن سياسات واشنطن في الشرق الأوسط كانت خاطئة وأدت إلى "حروب عبثية"، مضيفاً أنه يرى الآن تحولاً داخل الولايات المتحدة باتجاه الاعتراف بذلك.
التعايش الداخلي
وحول الأحداث الطائفية التي جرت خلال فترة حكمه في سوريا بعد سقوط النظام السابق، أقر الشرع بأن البلاد تمر بمرحلة انتقالية شديدة التعقيد بعد 6 عقود من الحكم الدكتاتوري وسنوات الحرب المدمرة.
وقارن الوضع في سوريا بما حدث في الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب الأهلية عام 1865، مشيراً إلى أن "إعادة بناء دولة لا تتم خلال عام واحد".
واتهم مجموعات داخل سوريا بمحاولة استغلال المخاوف الطائفية لتحقيق مآرب سياسية أو انفصالية، لكنه أكد أن بلاده احتفظت بتنوّعها الديني والعرقي على مدى 1400 عام، وأن الدولة تعمل على إعادة بناء المؤسسات والقانون.
العلاقة مع إسرائيل وروسيا
وبشأن مع يشاع عن توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، أكد الشرع أن بلاده منخرطة في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
واتهم الشرع إسرائيل بخرق اتفاق فك الاشتباك الموقع عام 1974 بعد سقوط النظام السابق، وتنفيذ أكثر من ألف غارة داخل سوريا منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، بينها استهداف القصر الجمهوري ووزارة الدفاع.
🔘 الرئيس السوري أحمد الشرع يحيي عند مغادرته البيت الأبيض عدداً من المنتسبين إلى الجالية السورية في الولايات المتحدة التي احتشدت أمام مقر الرئاسة الأميركية، خلال مقابلة الشرع لنظيره الأميركي دونالد ترامب في زيارة تاريخية
— CNBC Arabia (@CNBCArabia) November 10, 2025
◀ الرئاسة السورية قالت، في بيان عقب اللقاء، إن الرئيسين… pic.twitter.com/x8BgTnDNfS
وقال إن سوريا لم ترد عسكرياً لأنها "تركز على إعادة البناء"، معتبراً أن التوسع الإسرائيلي داخل الأراضي السورية ليس بدافع الأمن، بل نتيجة "طموحات توسعية".
وشدد على أن أي اتفاق نهائي يقتضي انسحاباً إسرائيلياً إلى حدود ما قبل الثامن من ديسمبر/كانون الأول، رافضاً فكرة إنشاء منطقة منزوعة السلاح جنوبي دمشق لأنها تضع السيادة السورية تحت تهديد دائم.
وفي شأن العلاقة مع روسيا، قال الشرع إن العلاقة مع موسكو تنطوي على مزيج من البراغماتية والحذر. وعن مصير الرئيس المخلوع بشار الأسد المقيم في موسكو، أشار إلى أن الموضوع "يزعج موسكو"، وأن الحكومة السورية ستواصل المطالبة بتقديمه للعدالة "في الوقت المناسب".
وختم قائلاً "نحن بحاجة لروسيا لأنها عضو دائم في مجلس الأمن. ونحتاج صوتها إلى جانبنا في بعض القضايا، ولدينا مصالح إستراتيجية معها، ولا نريد دفعها إلى خيارات بديلة في التعامل مع سوريا".
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي