اجتماع الفدرالي.. ضبابية البيانات تفرض مزيداً من الحذر (خاص CNBC عربية)

نشر
آخر تحديث
اجتماع الفدرالي.. ضبابية البيانات تفرض مزيداً من الحذر (خاص CNBC عربية)

استمع للمقال
Play

ترقب واسع لقرار الفدرالي الأميركي بخصوص الفائدة في اجتماع ديسمبر/ كانون الأول، وهو الاجتماع الأخير في العام الجاري 2025.. وفي هذا السياق، يرصد محللون متخصصون لـ CNBC عربية أبرز المعطيات على طاولة البنك المركزي، والاتجاهات المحتملة.

هذا التقرير ضمن ملف خاص أعدته CNBC عربية قبل آخر اجتماعات الفدرالي في 2025..  تحت عنوان: (كيف يفكر الفدرالي الأميركي؟)

  التقرير التالي ←

خاص- CNBC عربية

تدخل السياسة النقدية الأميركية واحدة من أكثر محطّاتها حساسية منذ بداية دورة التيسير الحالية؛ لا سيما وأن المشهد الاقتصادي يفتقد  المؤشرات الواضحة، في ظل تعطّل البيانات لأسابيع بفعل الإغلاق الحكومي، كما ازدادت عناصر عدم اليقين فيها بفعل التوترات المالية والسياسية وتغيّر لهجة الأسواق.

تمثل هذه اللحظة اختباراً مزدوجاً للفدرالي: كيف يحافظ على مصداقيته في معركة التضخم، وفي الوقت ذاته يمنع الاقتصاد من الانزلاق نحو تباطؤ مفرط؟

وبينما تشير تسعيرات الأسواق إلى دورة تيسير ممتدة، تتعامل المؤسسات المالية الكبرى بحذر أكبر، مستندة إلى إشارات متباينة من سوق العمل، وتوقعات تضخم ما زالت بعيدة عن الهبوط الحاسم.

وما يزيد تعقيد الصورة أن الاقتصاد الأميركي يقف عند مفترق طرق بين ضغوط السياسة الداخلية من جهة، والتحولات العالمية من جهة أخرى.

ووسط هذا المشهد المربك، يكتسب اجتماع ديسمبر/ كانون الأول ثقله الاستثنائي بوصفه أول اختبار حقيقي بعد أسابيع من العمل في "منطقة بيانات منقوصة"، حيث لم يحصل الفدرالي بعد على الصورة الكاملة لحالة سوق العمل والتضخم. ومع عودة نشر البيانات الرسمية متأخرة تباعاً، يبدو أن اللجنة ستتخذ قرارها استناداً إلى خليط من مؤشرات لم تكتمل بعد، وتوقعات تتفاوت حدّتها بين المؤسسات البحثية والمستثمرين.

وفي الوقت الذي تراهن فيه الأسواق بنسبة كبيرة على أن الفدرالي سيمضي في خفض ثالث للفائدة  ضمن دورة التيسير الحالية، تتباين قراءات الخبراء حول مدى قدرة اللجنة على اتخاذ خطوة إضافية في ظل هذا القدر من الضبابية. فمنهم من يرى أن التباطؤ المتراكم في بيانات التوظيف وتراجع ثقة المستهلك يمنحان صانعي السياسة غطاءً كافياً للمضي في خفض "وقائي"، فيما يعتبر آخرون أن غياب بيانات أكتوبر ونوفمبر يمنع أي تحرك جريء، ويدفع نحو تثبيت مشوب بالحذر.

رهانات الأسواق

الرئيس التنفيذي للاستثمار في سنشري فاينانشال، فيجاي فاليشا، يقول لـ CNBC عربية: بينما يستعد الاحتياطي الفدرالي لاجتماعه المقرر في ديسمبر، وبينما الأسواق تراهن بشكل كبير، بحوالي 85%، على أنه سيُقدم على خفض أسعار الفائدة مرة أخرى وسيكون هذا الخفض الثالث ضمن دورة التيسير الحالية، فإن صناع السياسات مع ذلك لا يزالون يواجهون بيئة معقدة.. فقد انتهى الإغلاق الحكومي، ومع تراجع هذا الغموض، سيحصل الاحتياطي الفدرالي والأسواق قريباً على أول مجموعة كاملة من البيانات الرسمية منذ أسابيع.

وحتى وصول هذه البيانات، اعتمد الاحتياطي الفدرالي بشكل كبير على مؤشرات السوق، وبيانات القطاع الخاص، والمعلومات النوعية.

ووفق فاليشا، فإنه تاريخياً، عندما تكون الرؤية محدودة، يميل الاحتياطي الفدرالي إلى تيسير السياسة بشكل وقائي لإدارة المخاطر بدلاً من الحفاظ على السياسة النقدية مقيدة بشكل مفرط.

اقرأ أيضاً: كتاب الفدرالي الأميركي: الاقتصاد الأميركي مستقر قبل اجتماع ديسمبر المقبل

تشير البيانات المتاحة إلى استمرار تباطؤ الاقتصاد. فقد تجاوزت بيانات الوظائف غير الزراعية الأخيرة توقعات السوق، إذ سجلت 119 ألف وظيفة مقابل توقعات بـ 53 ألفاً، لكنها تظل أقل بكثير من المتوسط الشهري التاريخي البالغ 150–180 ألف وظيفة المطلوب للحفاظ على نمو مستقر في سوق العمل.

ارتفع معدل البطالة إلى 4.4٪، ولا يظهر معدل المشاركة أي تحسن ملحوظ، وتشهد معظم المناطق القليل من النمو الوظيفي أو انعدامه.

كذلك الشركات لا توظف كثيراً في الوقت الحالي، وبعضها قلص ساعات العمل، كما تباطأت الأجور لتعود إلى مستويات ما قبل الجائحة. وبينما لا تشير هذه المؤشرات إلى ركود، لكنها تُظهر سوق عمل يبرد تدريجياً ويفقد بعض قوته السابقة.

أما بالنسبة للتضخم، فإن الاحتياطي الفدرالي يعمل ببيانات غير مكتملة ويضطر إلى التحرك بحذر. فقد ارتفع مؤشر أسعار المنتجين لشهر سبتمبر بنسبة 0.3٪ فقط، وتحركت مبيعات التجزئة بالكاد بنسبة 0.2٪، فيما انخفض مؤشر ثقة المستهلك إلى 88.7. وقد تراجعت توقعات التضخم أيضاً، لكن هذا يعود أساساً إلى تراجع أسعار النفط وانتهاء تأثير التحوطات السابقة، وليس بسبب وجود اتجاه أعمق للانخفاض التضخمي.

كذلك من المتوقع أن تستمر تكاليف الإسكان في التراجع، وتتوقع الأسواق انخفاض مؤشر أسعار المستهلك الكلي خلال العام المقبل. ولكن دون بيانات رسمية جديدة منذ انتهاء الإغلاق، تظل هذه المؤشرات مشوبة بدرجة عالية من الغموض، مما يجعل صدور البيانات القادمة أكثر أهمية، بحسب فاليشا.

ويشار في هذا السياق إلى أحدث تقرير  (Beige Book) الذي أظهر اقتصاداً مستقراً بشكل عام مع وجود بعض مناطق الضعف. ويتباطأ إنفاق المستهلكين، لا سيما بين الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، فيما تظل الشركات متحفظة في استثماراتها. وأفادت بعض المناطق أيضاً بزيادة حالات التأخر في الدفع من الأسر والشركات الصغيرة، وهو مؤشر على بدء تأثير السياسة النقدية المقيدة.

وتتسق الرسائل الأخيرة للاحتياطي الفدرالي مع إمكانية مزيد من التيسير. فقد قال رئيس الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، جون ويليامز، إن هناك مجالاً لخفض أسعار الفائدة على المدى القريب، وأعرب المحافظ والر عن ثقته في مسار التضخم، فيما يدعم المحافظ ميران استمرار التيسير.

أما نائب الرئيس جيفرسون، صاحب الصوت الحاسم، فقد أشار إلى أن السياسة تقترب من الحياد، ما يشير إلى تراجع التوجه نحو التشديد المطول.

ويضيف فاليشا في معرض تحليله الذي شاركه مع CNBC عربية: نظراً للفجوة الأخيرة في البيانات، والمؤشرات على تباطؤ سوق العمل، والتلميحات الصادرة عن البنك المركزي، يبدو أن خفض أسعار الفائدة بنسبة 0.25% في ديسمبر/ كانون الأول هو الخيار المرجح. وتضع الأسواق احتمال 50٪ لخفض آخر بنسبة 0.25% بحلول مارس/ آذار، لكن هذا يعتمد على ما إذا كان التضخم والتوظيف سيستمران في التراجع بمجرد توفر البيانات الرسمية الكاملة.

يبدو أن خفض أسعار الفائدة بنسبة 0.25% في ديسمبر/ كانون الأول هو الخيار المرجح

الرئيس التنفيذي للاستثمار في سنشري فاينانشال، فيجاي فاليشا

لـ CNBC عربية

السيناريو المرجح.. خفض الفائدة

يقول رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في ساكسو بنك، جون هاردي لـ CNBC عربية: "تشير بعض البيانات الخاصة مثل بيانات التوظيف إلى تباطؤ في سوق العمل، كما تظهر بيانات إعانات البطالة الأسبوعية أن أصحاب العمل يواجهون صعوبة متزايدة في إيجاد وظائف جديدة".

يضاف إلى ذلك انتشار مؤشرات الضغوط الائتمانية بين الأميركيين، سواء في بطاقات الائتمان وقروض السيارات. كذلك، يبدو أن الإغلاق الحكومي قد أثر سلباً على مستويات الثقة، وهو ما تعكسه بوضوح بيانات استطلاعات الثقة، لا سيما استطلاع مجلس المؤتمرات لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني، الذي يرتبط تاريخياً بسلامة سوق العمل ويُظهر قدراً واسعاً من القلق".

وفي ضوء ذلك، يشير هاردي إلى أن يرجّح أن يمتلك الاحتياطي الفدرالي الأصوات الكافية لتمرير خفض للفائدة في ديسمبر/ كانون الأول "كنوع من التأمين" في حال كانت الظروف الاقتصادية تتدهور، وذلك رغم اعتبارات التضخم، مع التأكيد في نفس الوقت على استمرار الاعتماد على البيانات في تحديد وتيرة الخفض خلال ما تبقى من ولاية باول حتى مايو/ آيار.

بعد ذلك، من المحتمل أن تصبح قرارات الفدرالي أكثر ارتباطاً بالاتجاهات السياسية، تبعاً لقدرة الإدارة على التأثير في تعيين رؤساء البنوك الإقليمية خلال فبراير، بحسب رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في ساكسو بنك.

يرجّح أن يمتلك الفدرالي الأصوات الكافية لتمرير خفض للفائدة في ديسمبر/ كانون الأول "كنوع من التأمين" في حال كانت الظروف الاقتصادية تتدهور

رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في ساكسو بنك، جون هاردي

لـ CNBC عربية

"تثبيت الفائدة".. السيناريو الأكثر حذراً

لكن على الجانب الآخر، فالرئيس التنفيذي المشارك للاستثمار في كلاي جروب، أوداي فيكرام، يقلل من احتمالات "خفض الفائدة".
ويقول لـ CNBC عربية: "يأتي اجتماع ديسمبر ضمن سياق معقد، حيث أدى الإغلاق الحكومي الأميركي إلى تأجيل نشر بيانات سوق العمل والتضخم لشهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني، ما ترك الفدرالي أمام رؤية ضبابية مقارنة بالوضع المعتاد.

وقد شهدت الأسواق ضغوطاً بعد إعلان مكتب إحصاءات العمل عدم إصدار تقارير التوظيف قبل الاجتماع، إضافة إلى ما ورد في محضر اجتماع أكتوبر من اختلافات واضحة بين أعضاء اللجنة بشأن المسار الأمثل للسياسة.

ويضيف: "بالنظر إلى اعتماد الفدرالي على معدل البطالة كمؤشر رئيسي، ومع إظهار بيانات سبتمبر صموداً نسبياً في سوق العمل، ومع غياب بيانات أكتوبر ونوفمبر، نرى أن احتمالات خفض سعر الفائدة في ديسمبر منخفضة. حيث تشهد السوق يتباطأ تدريجياً، لكنها لا تُظهر علامات تدل على هبوط حاد. كما يواصل التضخم اتجاهه نحو التراجع، رغم أن تأثيرات الرسوم الجمركية لا تزال تستدعي الحذر".

السيناريو الأكثر ترجيحاً هو "تثبيت حذر" للفائدة، أي إبقاء الفائدة دون تغيير

الرئيس التنفيذي المشارك للاستثمار في كلاي جروب، أوداي فيكرام

لـ CNBC عربية

ويشدد على أن التطورات الاقتصادية الأخيرة جاءت متباينة؛ ضعف في مبيعات التجزئة من جهة، مقابل ثبات بيانات طلبات إعانات البطالة من جهة أخرى، وهو ما لا يشير إلى تراجع واسع النطاق".

وعليه، يرى أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو "تثبيت حذر" للفائدة، أي إبقاء الفائدة دون تغيير، مع توجيهات واضحة بأن خفضاً للفائدة سيظل مطروحاً إذا أظهرت البيانات اللاحقة للإغلاق علامات تباطؤ ملموس.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة