لماذا أصبح كورونا أقل خطورة ... هل تغيّر الفيروس أم تغيّر المرض ؟

نشر
آخر تحديث

بقلم د.حسام زمرلي : الطبيب في مستشفى بافيا بإيطاليا


أظهرت آخر البيانات لمسار جائحة فيروس كورونا إلى إنخفاض ملحوظ بنسبة الإصابات الحرجة من مجمل المصابين بمرض كوفيد Covid19 على مستوى العالم من ٥ % في الأشهر الأولى لإنتشار العدوى إلى ٢ % في الأسابيع الأخيرة،  لصالح الإصابات الطفيفة و المتوسطة التي تتماثل معظمها للشفاء. انعكس ذلك بإنخفاض عدد المرضى الذين يحتاجون لدخول أقسام العناية الفائقة و بالتالي إنخفاض في عدد الوفيات.

فهل السبب هو في تحوّل بطبيعة فيروس كورونا الذي أصبح اقل شراسة على الإنسان أم إن هناك عوامل أخرى جعلت من مرض كوفيد١٩ اقل خطورة.

من المعروف أن معظم الفيروسات تتحول مع مرور الوقت بالإنتقال من شخص لأخر و من بيئة لأخرى. فعندما يتكاثر الفيروس في الخلية عليه أن ينسخ كل المواد الوراثية الخاصه به بشكل متطابق. باستثناء أنه يمكن أن تحدث أخطاء في النسخة، مما قد يسبب طفرة وراثية Mutation تفقد الفيروس بعض مكوناته الوراثية هذا ما قد يؤثر على تركيبته و بالتالي على مدى شراسته و خطورته على الإنسان.

 عادة ما يكون هذا التحوّل بالفيروس لغير صالحه فيفقد شيئا فشيئا قدرته على التكاثر و التأقلم مع البيئة و بالتالي قدرته على الإستمرار.

إلا أن الدراسات التي أجريت حتى الآن، و من أهمها دراسة صدرت عن John Hopkins University بتاريخ 30/03/20 و اخرى صدرت بتاريخ  09/05/20 عن University College London، اثبتت بأن فيروس Sars-Covid-2، الذي تم عزله بمناطق مختلفة من العالم و بفارق زمني، من الصين الى أوروبا و الولايات المتحدة، قد تحوّل حتى الآن بشكل طفيف و لم يحصل بتركيبته طفرة وراثية قادرة على التغيير من طبيعته و سلوكه.

إذن إن لم يتغيّر الفيروس فما هي العوامل الأخرى التي جعلت مرض كورونا يصيب الإنسان بطريقة أضعف مما قبل.

بالتأكيد هناك تطور مستمر بالعلاقة بين الفيروس و الإنسان من جهة و تفاعل الفيروس مع البيئة من جهة أخرى.

من العوامل التي ساهمت بهذا التحسن معرفتنا بهذا الفيروس التي تزداد يوما بعد يوم، و كذلك درجة الوعي المجتمعي التي تشكلت مع إكتشاف خطورة هذا المرض، مما جعل المريض يلجأ الى الطبيب بالمراحل الأولى للمرض، بحيث يتخذ الأطباء الإجراءات العلاجية التي تطبق اليوم بالوقت المناسب مما يؤثر إيجابياً على منع تطور المرض إلى المراحل الحرجة.

كما أن تحسن آداء القطاع الطبي جعل لديه القدرة على إجراء عدد أكبر من فحوصات المسح RT-PCR بحيث تُشخص اليوم معظم الإصابات بالفيروس مع عوارض طفيفة للمرض لا بل كثيرا من الأحيان بمرحلة ما قبل العوارض.

إلا أن العامل الأهم الذي أحدث الفرق كان تعميم إستعمال وسائل الوقاية على نطاق واسع و خاصة الكمامات، و كذلك الإجراءات الإحترازية من تباعد إجتماعي و إلتزام بمسافة الأمان بين الأشخاص و التعقيم و غسل اليدين، مما جعل المصابين يتعرضون للعدوى بكميات أقل من الفيروسات و بالتالي لإصابات أقل حدة و خطورة.

و أشارت عدة دراسات إلى ان فيروس كورونا، كما معظم الفيروسات، يسبب أذى أكبر كلما زادت الحمولة الجرثومية اي عدد الفيروسات التي يتعرض لها الجسم.

و قد صدرت بتاريخ 19/03/20 عن مجلة The Lancet دراسة أجريت على ٧٦ مريض Covid19 أظهرت بأن معدل الحمولة الجرثومية بالحالات الحرجة كان أكبر ب ٦٠ مرة مقارنة بالحالات الطفيفة .
.
أحد أسباب هذا التحسن قد يكون أيضا الإقتراب من فصل الصيف و بداية الطقس الحار. فمن المعروف أن الحرارة المرتفعة  تؤثر سلبا على الفيروس، كما إن اشعة الشمس ما فوق البنفسجية تقضي عليه.
كذلك فإن تعرض جسم الإنسان للشمس يقوي من مناعة الجسم و يغنيه بفيتامين د المفيد جدا في مكافحة مرض كوفيد١٩.

يبقى السؤال الأهم، بعد الإنخفاض الواضح بحدة و خطورة  المرض و الإحتمال المرجح بإنحسار إنتشار العدوى في أشهر الصيف، هل سيكون هناك موجة ثانية في الخريف المقبل و هل ستكون بقوة الموجة الأولى، ام سنشهد تحول مفاجئ بطبيعة و سلوك هذا الفيروس أو ربما إكتشاف لقاحا أو علاجا يجعل الخريف المقبل بردا و سلاما على بني البشر.


تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة