انخفاض الجنيه.. هل يسهم في تعويم سفن الصادرات المصرية نحو الـ 100 مليار دولار؟

نشر
آخر تحديث

بقلم فاروق يوسف/ محرر في CNBC عربية

تباينت آراء المستثمرين في مصر حول إن كان قرار البنك المركزي برفع الفائدة سيؤثر على ارتفاع الصادرات المصرية، لكنهم اتفقوا على أن ذلك لن يتأتى إلا بحلّ معوقات الصناعة المحلية أولاً.

من المتعارف عليه، أن أي خفض لقيمة العملة المحلية لأي بلد يكون له أثره على زيادة الصادرات وخفض الواردات، وبالتبعية معالجة العجز في الميزان التجاري.. لكن ذلك مرهون بسياسات محددة.


البداية

الأسبوع الماضي، رفع البنك المركزي المصري الفائدة بواقع 100 نقطة أساس، وتم خفض قيمة الجنيه لأكثر من 15%، وسجل 18.29 لكل دولار.

فسّر البنك المركزي تلك الخطوة وقال إنها جاءت نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية الدولية الناتج عن المزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد، والضغوط التضخمية المحلية.

اعتبر البعض أن هذه الخطوة قد تسهم في زيادة الصادرات المصرية، ويعزز من تنافسيتها داخل الأسواق الخارجية نظرًا لرخص سعرها، والآخر رأى أن هذا الأمر نظريًا فقط طالما ثمة مشاكل تواجه الصناعة المحلية.

اتجهت مصر في الآونة الأخيرة إلى حظر تصدير بعض السلع الغذائية لمدة 3 أشهر، بسبب ما يشهده العالم حالياً من ضغوط اقتصادية وتوترات جيوسياسية ساهمت في ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الطاقة والغذاء.


هل تنجح مصر في تحقيق مستهدفاتها؟


تستهدف مصر زيادة صادراتها إلى 40 مليار دولار بمعدل نمو 25%، بنهاية عام 2022، بحسب بيان رسمي من مجلس الوزراء.

وتطمح مصر أيضًا في الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات خلال السنوات الـ 5 المقبلة.



لكن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ربما تؤثر على هذه المستهدفات.

"خفضنا مستهدفات الصادرات الغذائية وأبلغنا وزيرة التجارة والصناعة بذلك"، هكذا كان تعقيب رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية في مصر، هاني برزي.

ورفض برزي التعليق على نسبة الخفض، لكن وصفها بـ"المحبطة".

مضي برزي في حديثه: "ربما يشكل رفع أسعار الفائدة فرصة جيدة وملائمة لمن يعتمد على مدخلات إنتاج محلية، أما من يعتمد على المواد الخام المستوردة فبالتأكيد سيتأثر سلبًا كثيرًا".

واتجهت بعض الشركات في مصر إلى رفع أسعارها بنسب تتراوح ما بين 10 إلى 15% نتيجة ارتفاع تكاليف المواد الخام، من بينها شركة إيديتا للصناعات الغذائية التي يرأسها برزي.

 

زيادة الصادرات المصرية أول شهرين من العام

في المقابل، ومنذ أيام قالت وزيرة التجارة والصناعة المصرية نيفين جامع لـ CNBC عربية، إن الصادرات المصرية سجلت نموًا بأكثر من 15% في أول شهرين من 2022.

وأضافت جامع أن التوترات الجيوسياسية قد تؤثر على حجم الصادرات المصرية في 2022، إلا أن التأثير قد يكون إيجابيًا.

لكن في المقابل، يقول برزي إن زيادة الصادرات المصرية مرهونة بحل معوقات الصناعة وتخفيف الأعباء على المستثمرين والصناعة، وليس بخفض العملة.

ومن وجهة نظر أخرى، يرى رئيس المجلس التصديري للغزل والمنسوجات والملابس الجاهزة السابق، مجدي طلبة، أن التخفيض المحسوب جيدًا في العملة، دائماً ما يكون له مردودًا إيجابيًا، حيث تخفض بعض الدول عملتها عمدًا لتعزيز صادراتها كما هو الحال في الصين وتركيا.


تعميق الصناعة المحلية

قال مجدي طلبة إن زيادة الصادرات تتطلب قاعدة صناعية قوية، وخطط تحوي تواريخ وأرقام نمو مستهدفة يتم العمل على تحقيقها بالفعل.

وأضاف : "لابد أن نتعامل مع قضايا الصناعة بنوع من الفنية، وبما يحقق تدعيم الاقتصاد وتحسين الميزان التجاري".

وتطرق المستثمرون الذين تحدثت إليهم CNBC عربية إلى الحديث عن الاعتمادات المستندية التي أقرها البنك المركزي مؤخرًا، واعتبروا أنها من ضمن المعوقات التي ساهمت في إعادة هيكلة دورة استيراد المواد الخام والمعدات والماكينات اللازمة لعملياتهم التصنيعية.



وفي ضوء الأحداث الجارية، يجب التوجه نحو تفعيل قانون تفضيل المنتج المحلي وتعميق الصناعة الوطنية وتعزيز تنافسيتها، بحسب رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، مجد الدين المنزلاوي.

وأضاف المنزلاوي: "الجهات الحكومية لا تطبق قانون تفضيل المنتج المحلي ولا تشتريه في مناقصاتها.. فكيف يمكن للمواطن في هذه الحالة أن يدعم المنتجات المصرية؟".

وأشار أيضًا إلى أن تعميق التصنيع المحلي سيعمل على زيادة الاستثمارات الأجنبية وبالتالي زيادة معدلات التصدير.

في سياق موازِ، يقول أستاذ التمويل والاستثمار، مدحت نافع: "نظرياً يؤدي تخفيض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الرئيسة وفي مقدمتها الدولار إلى زيادة الطلب على الصادرات وانخفاض الطلب على الواردات".

الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة على تحسّن ميزان المدفوعات المصري من خلال تحسّن ميزان المعاملات الجارية.

يضيف نافع، أن تلبية الزيادة فى الطلب على الصادرات يأتي من خلال المزيد من الإنتاج المحلي، والمزيد من التشغيل وخلق فرص العمل.

أما فى الواقع العملي، فقد توصل الاقتصاديون من خلال تطبيق العديد من النماذج القياسية على حالات واقعية لتخفيض قيمة العملة بدول العجز، إلى أن ذلك التخفيض يؤدى إلى زيادة مؤقتة (على الأقل) فى وضع العجز بميزان المعاملات الجارية.

جدير بالذكر، أن مصر حققت صادرات بقيمة 32.1 مليار دولار في 2021، محققة زيادة كبيرة بنسبة 26% عن صادرات العام السابق عليه، التي سجلت فيه 25.4 مليار دولار.


الصناعات التنافسية

تعد أبرز القطاعات التي تعول عليها الصادرات المصرية هي الصناعات الجلدية، والصناعات الهندسية، وكذلك الأسمدة والبتروكيماويات.

كان قطاع الجلود أبرز القطاعات التي حققت زيادة ملموسة خلال العام الماضي، بنسب نمو وصلت إلى 64%، وزادت صادراته إلى 86 مليون دولار في 2021 من 53 مليون دولار خلال 2020.

ارتفعت أيضًا صادرات قطاع السلع الهندسية والإلكترونية بقيمة 3.387 مليار دولار العام الماضي، مقابل 2.315 مليار دولار خلال عام 2020، بنمو 46%.

وبلغت قيمة صادرات قطاع المنتجات الكيماوية والأسمدة 6.702 مليار دولار في 2021، بنمو سنوي 45%.



الأسواق البديلة والتوزيع الجغرافي

يتفق المستثمرون على أن بوابة التصدير لمصر هي إفريقيا وتليها دول الاتحاد الأوروبي، وأنها قادرة على أن تكون بديلاً لأسواق آسيا.



سجلت صادرات مصر السلعية خلال العام الماضي، إلى دول الاتحاد الأوروبي 9.153 مليار دولار، مقابل 5.881 مليار دولار خلال 2020، بنسبة زيادة بلغت 56%

وبلغت الصادرات للولايات المتحدة 2.446 مليار دولار في 2021، مقابل 1.618 مليار دولار في 2020، بنسبة زيادة 51%.

وارتفعت الصادرات المصرية لقارة إفريقيا بدون الدول العربية إلى 1.853 مليار دولار العام الماضي، مقابل 1.445 مليار دولار خلال عام 2020، بنسبة زيادة بلغت 28%.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

العلامات

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة