الرقائق الإلكترونية الأميركية.. تشدد في الأرباح وتساهل في الإنتاج!

نشر
آخر تحديث

بقلم نهى علي

 

 

تحتل تقنية الرقائق الإلكترونية موقع الصدارة في الكثير من الصناعات، وهي رقائق متناهية الصغر، لكن لا غنى عنها لتصنيع جميع المنتجات الإلكترونية. هذه الرقائق هي عبارة عن حزم مع توصيلات إلكترونية مدمجة في رقاقات من السيليكون، العنصر المستخرج من الرمال. من أهم الشركات العالمية في تصنيع أشباه الموصلات Intel الأميركية، وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة، المعروفة اختصاراً باسم TSMC، إضافة للشركات الأميركية وQualcomm، و Micron. عادةً ما يستغرق صناعة الرقاقة حوالي الثلاثة أشهر، وتتطلب تلك الصناعة تمويلات ضخمة ومعدات معقدة تحتكرها شركات محدودة، في أوروبا وأميركا.

 

بسبب أهمية تلك الصناعة، أشارت العديد من مراكز الأبحاث إلى أن مَن يتحكم في تصميم هذه الرقائق وإنتاجها سوف يحدد مسار القرن الحادي والعشرين. واليوم تُعدّ تايوان مركزاً عالمياً لإنتاج الرقائق الإلكترونية، إذ تحتكر تصنيعها حول العالم من خلال شركتها العملاقة TSMC.
 

في حزيران يونيو من العام 2021، وافق الكونغرس على منح حزم تحفيزية بقيمة 52 مليار دولار لدعم صناعة أشباه الموصلات الأميركية، على مدى العقد القادم. لكنّ أعضاء رابطة SIA وهم شركات Intel، وIBM، وQualcomm، وTexas Instruments، وBroadcom، أنفقوا في الفترة ما بين 2011 و2020 مبلغاً يفوق 249 مليار دولار على عمليات إعادة شراء الأسهم، ما يعني خمسة أضعاف الدعم الحكومي الذي سعت إليه رابطة " SIA" .


فهل حقاً تحتاج هذه الشركات لمبلغ 52 مليار دولار كدعم حكومي من أموال دافعي الضرائب كي يحفزها للاستثمار في تطوير أشباه الموصلات؟


الجواب هو "لا" بحسب البيانات. حيث بدا أن الهدف الرئيسي من المليارات التي أنفقتها تلك الشركات على إعادة شراء الأسهم هو رفع أسعار أسهمها عبر زيادة الطلب عليها. باعتبار أن إعادة شراء الأسهم، تدعم حصول زيادة في الطلب السوقي على أسهم الشركة.

وعليه تشير البيانات أنه في الفترة ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2012، وحزيران/ يونيو 2021، أنفقت شركة Apple مبلغ 444 مليار دولار على عمليات إعادة شراء الأسهم، أي ما يساوي 87% من دخلها الصافي، بالإضافة لإنفاق 114 مليار دولار أخرى لتوزيع أرباح، أي ما يساوي 22% من دخلها الصافي. أي أنه لو لم يتم  تضييع  جزء من هذه الأموال على إعادة شراء الأسهم، لكان بإمكان Apple أن تستثمر مباشرة في تطوير رقائقها الخاصة على الأرض الأميركية.

لكن منذ 2011، جنت Apple أرباحاً إضافية من تعهيد تلك الصناعة إلى الخارج- إلى شركة Hon Hai التايوانية، الأمر الذي مكّن فرع الشركة التايوانية في الصين - Foxconn- من أن تكون في الصدارة في تلك الصناعة على مستوى العالم. استتبعت Apple تلك الخطوة، بنقل عقدها لسبك الرقائق من سامسونغ الكورية إلى TSMC التايوانية.

و في العام 2020 ، أجبرت إدارة الرئيس دونالد ترامب- في إطار الحرب التجارية مع الصين– شركة TSMC التايوانية على التوقف عن سبك الرقائق لصالح شركة Huawei الصينية. حيث أنه في العام 2019 ، كانت شركة Huawei تشكّل 24% من أرباح شركة TSMC التايوانية، الأمر الذي عنى حرمان TSMC من جزء كبير من الأرباح.


بدلاً من ذلك تم تشجيع الشركة التايوانية لفتح مصنع جديد لها في أريزونا الأميركية. بهذا الإطار، أطلقت الشركة خططاً لإنفاق 100 مليار دولار على المدى المتوسط ،لتعزيز سبك الرقائق، من ضمنها 12 ملياراً لبناء منشأة رقائق  5 نانومتر في أريزونا، تُدفع على ثلاثة أعوام. لكنّ هذا الرقم يبدو ضئيلاً جداً بالمقارنة مع ما أنفقته Apple على إعادة شراء الأسهم خلال ثلاثة أعوام، في الفترة بين 2018 إلى 2021 والتي تجاوزت الـ 280 مليار $ . كان من الممكن لتلك المبالغ المليارية أن تتكفل ببناء منشأة سبك خارقة في الولايات المتحدة، لصالح Apple ، وهو الأمر الذي لم يحصل. وبدلاً من ذلك تم توجيه دفة المنافسة، عبر إجبار الشركة التايوانية على التوقّف عن التعامل مع Huawei، وإلا تعرضت لعقوبات أميركية. إضافة لذلك مارست واشنطن ضغوطاً نوعية، لمنع وصول معدات تصنيع أشباه الموصلات للشركات الصينية، وتحديداً من قبل شركات مثل Applied Materials و KLA وغيرها...
 
يبدو أن الصراع سيبقى محتدماً في سوق تصنيع الرقائق الإلكترونية، لحصرها بشركات محدودة  تحتكر التحكم بها. في تلخيص لمسار ذلك الصراع ذكر الشريك الأول في شركة McKinsey بيل وايزمان "إذا كنت تبني جهاز مقياس طيفي جماعي بقيمة 350 ألف دولار، ولا يمكنك شحنه لأنك لا تملك شريحة سعرها 50 سنتاً، فأنت على استعداد لفعل أي شيء" ...

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة