"كأن شيئًا لم يكن".. الأسعار تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب الروسية الأوكرانية

نشر
آخر تحديث

بقلم: مصطفى عبدالعزيز

عندما قامت الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير شباط الماضي، قفزت أسعار السلع الأولية سواء النفط أو السلع الزراعية لتصل إلى مستويات لم نراها منذ سنوات عديدة، الأمر الذي أدى لارتفاع أغلب أسعار البضائع والمنتجات في كثير من دول العالم.

وقامت عدد من الحكومات وقتها برفع أسعار البنزين وهو المحرك الرئيسي لأي اقتصاد في العالم، بسبب ارتفاع أسعار النفط لمستويات لم نشهدها منذ عام 2008، فإذا نظرنا إلى خام برنت سنجد أن سعره اقترب من مستويات 140 دولار للبرميل في شهر مارس آذار الماضي، بالإضافة لارتفاع أيضًا خام تكساس لمستويات 130 دولار للبرميل خلال نفس الفترة.

وهو ما انعكس على التضخم في أغلب دول العالم وليس فقط في الدول الفقيرة، فسنرى أن أميركا وصل التضخم بها لأعلى مستوياته في نحو 40 عامًا، وكذلك ألمانيا وبريطانيا.

لكن يبدو الآن أن الوضع يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب الروسية الأوكرانية!

فإذا نظرنا لأسعار النفط خلال تعاملات جلسة اليوم الثلاثاء 16 أغسطس، سنجد أنها تتداول عند أدنى مستوياتها منذ قبل الحرب الروسية الأوكرانية، فخام برنت يتداول أدنى مستويات 94 دولار للبرميل، وخام تكساس يتداول أدنى مستويات 89 دولار للبرميل حتى وقت كتابة هذا التقرير.

وإذا نظرنا إلى السلع الغذائية الأولية، فسنجد أيضًا أن أسعارها تراجعت لما كانت عليه قبل الحرب، فالقمح يتداول حاليًا عند مستويات 8.05 دولار للبوشل، وهي المستويات التي كان عليها قبل الحرب الروسية الأوكرانية.

بالإضافة إلى تراجع أسعار الذرة وفول الصويا أيضًا.

 

لماذا تراجعت الأسعار؟

يرجع السبب الرئيسي في تراجع الأسعار إلى قيام الصين بخطوة فاجأت الأسواق، حيث قامت بكين بخفض أسعار الفائدة، مما يعني أن ثاني أقوى اقتصاد في العالم يرى أن هناك مخاوف قد تعرقل النمو الاقتصادي.

وتسعى الصين مثل أي دولة في العالم تقوم بخفض الفائدة إلى محاولة تحريك الاقتصاد وإنعاشه مرة أخرى، خاصًة بعد عمليات الإغلاق التي شهدتها الصين خلال الأسابيع الماضية بسبب كورونا.

وتسبب القلق إزاء الصين في انخفاض أسعار النفط الخام أيضًا.

وقال بنك كومرتس في مذكرة "البيانات الاقتصادية الضعيفة من الصين أدت لتهدئة أسواق السلع الأساسية في مطلع الأسبوع". 

وذكرت وزارة الزراعة الأميركية في ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين أن توقعات الطقس بتأثير أخف للأمطار هذا الأسبوع، في المناطق  الغربية الجافة من حزام الذرة وفول الصويا بالولايات المتحدة، كانت أيضًا سببًا في الحد من ارتفاع الأسعار.

كما خفت مخاوف الإمدادات المتعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية من خلال شحنات الحبوب الأولى بموجب اتفاق الممر الآمن، حيث غادرت أوكرانيا اليوم الثلاثاء أول شحنة من المساعدات الغذائية متجهة إلى أفريقيا منذ بداية الحرب.

 

لماذا لن تنخفض الأسعار في بعض الدول؟

رغم تراجع أسعار السلع الأولية والنفط في الأسواق العالمية خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن هناك عدد من الدول قد لا تنخفض الأسعار بها إلى ما كانت عليه قبل الحرب.

والسبب سيكون سعر الصرف.

فهناك بعض العملات تراجعت بشدة أمام الدولار الأميركي، مما يعني أن انخفاض أسعار السلع الأولية في الأسواق العالمية لن ينعكس على أسعار السلع في هذه البلاد بسبب تغيير سعر الصرف.

فلكي يحدث انخفاض في الأسعار داخل هذه البلاد يجب أن ينخفض سعر الصرف إلى ما كان عليه قبل بداية الحرب، لكن إذا لم يحدث ذلك سيبقى شبح التضخم يلتهم ميزانيات الأسر في هذه الدول.

بالإضافة إلى وجود أزمات أخرى، مثل نقص الغاز الطبيعي في أوروبا والذي سيتسبب في غلاء بعض المنتجات التي تنتجها المصانع الأوروبية، وتداعيات التغير المناخي أيضًا والتي تسببت خلال الأيام الماضية في انخفاض مستوى المياه في نهر الراين في ألمانيا والذي يعد بمثابة النهر التجاري لأقوى اقتصاد في القارة العجوز.

 

هل سترتفع الأسعار مرة ثانية؟

في ظل الأوضاع والتوترات التي يشهدها العالم سواء في القارة العجوز بين روسيا وأوكرانيا والعقوبات الغربية، بالإضافة إلى الأوضاع المتوترة في آسيا بين الصين وتايوان وتحالف أميركا مع تايوان يزيد الأوضاع سوءًا.

يبدو وأن حلم استقرار الأسعار قد يكون من الصعب تحقيقه خلال هذه الفترة العصيبة.

فاستقرار الأسعار مرتبط باستقرار الأوضاع الجيوسياسية، والتي تبدو أنها في طريقها للتصعيد وليس للتهدئة!

بالإضافة إلى مخاوف تغيير المناخ، والتي أضرت بكثير من المناطق الخضراء خاصًة في أوروبا وتسبب في اشتعال الكثير من الحرائق في مختلف الغابات حول العالم.    

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة