يشهد السوق موجة غير مسبوقة من الاهتمام بالذكاء الاصطناعي، إذ تتسابق الشركات إلى الإعلان عن استراتيجياتها في هذا المجال، بينما تتدفق الأموال نحو الأسهم المرتبطة بالتقنيات الذكية، في سباق عالمي لبناء سلاسل توريد مستقلة للذكاء الاصطناعي.
وقد تهافت المستثمرون على أسهم الشركات التكنولوجية التي تقود تطوير الذكاء الاصطناعي أو تمكّنه، ما دفع بأسعار أسهمها إلى مستويات قياسية. وسجّلت مؤشرات الأسهم الأميركية أرقاماً قياسية جديدة في الأسابيع الأخيرة، إذ ارتفع مؤشر «ناسداك كومبوزيت» الثقيل بالتكنولوجيا أكثر من 27% خلال الاثني عشر شهراً الماضية.
لكن هذا الارتفاع السريع أثار مخاوف من نشوء «فقاعة مالية» شبيهة بفقاعة الإنترنت مطلع الألفية، حيث ينقسم كبار المستثمرين والبنوك حول ما إذا كانت السوق تمر فعلاً بمرحلة تضخم مفرط في التقييمات.
اقرأ أيضاً: الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان: ننفق ملياري دولار سنوياً على الذكاء الاصطناعي
وفي هذا السياق، يرى «غولدمان ساكس» أن الوقت لم يحن بعد للقول بوجود فقاعة، موضحة أن الفقاعات التاريخية غالباً ما تبدأ نتيجة ابتكار تقني جديد يجذب المستثمرين، ما يؤدي إلى تدفق رؤوس الأموال وظهور منافسين جدد، ثم ارتفاع الأسعار والتقييمات بصورة مفرطة تزيد من المخاطر النظامية في الأسواق.
كتب محللو بنك «غولدمان ساكس» في مذكرة بتاريخ 8 أكتوبر تشرين الأول أن «سلوك المستثمرين وتسعير السوق حالياً يتشابهان جزئياً مع مراحل فقاعات سابقة، بما في ذلك ارتفاع التقييمات المطلقة، والتركيز المرتفع في السوق، وزيادة كثافة رأس المال لدى الشركات الكبرى، وظهور التمويل عبر الموردين». وأضافوا: «مع ذلك، نرى اختلافات جوهرية».
ورغم ذلك، حذر البنك المستثمرين من مخاطر التركّز المفرط في السوق، داعياً إلى تنويع المحافظ الاستثمارية مع احتدام المنافسة في قطاع الذكاء الاصطناعي. وجاء في المذكرة: «هناك أسباب وجيهة لتوزيع المخاطر عبر قطاعات مختلفة لتخفيف أثر التركّز، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أننا أمام فقاعة مالية مفرطة».
يرى محللو «غولدمان ساكس» أن الارتفاع الحالي في تقييمات قطاع التكنولوجيا مدفوع بـ«نمو فعلي في الأساسيات» أكثر من كونه «مضاربات غير عقلانية حول النمو المستقبلي»، مشيرين إلى أن الشركات الرائدة في القطاع مثل «ميتا»، و«مايكروسوفت»، و«غوغل»، و«إنفيديا» تتمتع بميزانيات قوية وعوائد متينة، ما يقلل من احتمالات الانفجار المفاجئ في الأسعار.
وجاء في المذكرة أن «الفقاعات عادة ما تتشكل حين تتجاوز القفزة في الأسعار والتقييمات القيمة المستقبلية المتوقعة للتدفقات النقدية التي يمكن أن تولدها الشركات المرتبطة بالابتكار».
وأشار المحللون إلى أن القيمة الإجمالية لشركات «المجموعة المذهلة السبع» في عام 2025، عند النظر إلى مضاعف الربحية المستقبلي، لا تتجاوز نصف القيمة التي بلغتها شركات التكنولوجيا الكبرى في عام 2000. وأضافوا: «تقييمات قطاع التكنولوجيا باتت مرتفعة.. لكنها لم تصل بعد إلى المستويات التي تتماشى مع فقاعات سابقة».
وتأتي هذه التحليلات بعد أيام من تصريح الرئيس التنفيذي للبنك ديفيد سولومون الذي حذر من احتمال «تصحيح» في أسواق الأسهم خلال العام أو العامين المقبلين، موضحاً أن «الأسواق تعمل في دورات، وكلما شهدنا تسارعاً كبيراً في تبني تقنية جديدة تجذب رؤوس أموال ضخمة وتولد شركات ناشئة كثيرة حولها، نرى الأسواق تميل إلى المبالغة، لتفرز في النهاية فائزين وخاسرين».
في المقابل، يرى الملياردير ومدير صندوق التحوط بول تيودور جونز أن الأسواق تتجه نحو موجة ارتفاع قوية قبل بلوغ ذروة السوق الصاعدة، قائلاً في مقابلة مع قناة CNBC: «أعتقد أن كل العوامل مهيّأة لحدوث انفجار تصاعدي كبير، والتاريخ يعيد نفسه غالباً.. وإذا حدث ذلك الآن، فسيكون أكثر قوة مما شهدناه في عام 1999».
اقرأ أيضاً: ملياردير صناديق التحوط يتوقع موجة ارتفاع أخيرة للأسهم.. ويقدم نصيحة ذهبية ما هي؟
وتزايدت المخاوف من الفقاعة المحتملة مع توجه بعض المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، إذ قفز سعر الذهب إلى مستوى قياسي جديد بلغ 4000 دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ يوم الثلاثاء.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي