تعيش الأسواق العالمية حالة ترقّب حذر قبيل قرار الفدرالي الأميركي اليوم بشأن معدلات الفائدة، وسط شبه إجماع بين المحللين والمراقبين على أن الفدرالي سيتجه إلى خفض جديد بمقدار 25 نقطة أساس، ليهبط النطاق المستهدف إلى 3.75%-4.00% بعد أن كان بين 4.00%-4.25%.
وسيكون هذا الخفض الثاني خلال أسابيع قليلة بعد قرار سبتمبر، حين قلّص الفدرالي الفائدة من 4.25%-4.50% إلى 4.00%-4.25% في أول خفض هذا العام.
وبرر باول حينها بأن مخاطر الهبوط في سوق العمل ارتفعت، وبات يرى أن ضغوط التوظيف أكثر إلحاحًا من مخاطر التضخم، رغم أن الأخير لا يزال أعلى من مستهدف 2% عند نحو 3% على أساس سنوي في سبتمبر.
اقرأ أيضاً: استقرار العقود الآجلة للأسهم الأميركية مع ترقب المستثمرين لقرار الفدرالي بشأن أسعار الفائدة
وعلى مدى عامي 2022 و2023 رفع الفدرالي الفائدة بقوة إلى ذروة قرب 5.25%-5.50% لكبح موجة تضخمية هي الأعلى منذ أربعة عقود، قبل أن يبدأ مسار خفض تدريجي في أواخر 2024. وبعد توقفٍ لمعظم عام 2025، عاد لخفض الفائدة في سبتمبر ملمّحًا إلى استعداده لمزيد من التيسير إذا تباطأ سوق العمل. وتشير توقعاته إلى خفضين إضافيين محتملين قبل نهاية العام، قد يهبطان بالفائدة إلى نطاق 3.50%-3.75%.
في المقابل، صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقاداته للفدرالي ورئيسه جيروم باول، متهمًا البنك بأنه "يتحرك ببطء"، وأن استمرار الفائدة المرتفعة يضغط على ثقة الأعمال ويهدد النمو الاقتصادي.
رهانات الأسواق على خفض شبه محسوم
الأسواق تحسم أمرها سلفًا متبنيه سيناريو الخفض بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر، إذ يرى اقتصاديون أن الفدرالي مضطر للمضي في مسار التيسير النقدي بدعم من عاملين رئيسيين:
وقد دفع تباطؤ سوق العمل وتراجع نمو الوظائف وارتفاع البطالة تدريجيًا مخاوف الفدرالي من "مخاطر هبوط" على صعيد التوظيف، وهي اللغة التي ظهرت بوضوح في بيان سبتمبر كمؤشر مبكر على تحول أكثر ليونة في السياسة النقدية.
رغم بقاء المعدلات فوق 2%، إلا أن القراءة الأساسية البالغة 3% تشير إلى أن الأسعار ليست في حالة تسارع جديدة.
وتُظهر أدوات العقود الآجلة أن احتمال خفض الفائدة اليوم يقارب 97%، ما يعني أن المفاجأة ستكون فقط في حالتة تثبيت الفائدة خلافًا للتوقعات، أو خفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، كما يطالب بعض الأعضاء الأكثر ميلاً للتيسير.
انعكاسات القرار على الأسواق
الأسهم الأميركية بدأت تتعامل أن دورة التيسير النقدي قد انطلقت فعليًا. وإذا جاء الخفض كما هو متوقع، قد يواصل الجزء القصير من منحنى العائد الأميركي الهبوط، ما يدعم أسهم القطاعات الحساسة للفائدة مثل العقارات والتمويل الاستهلاكي.
اقرأ أيضاً: الذهب يرتفع بدعم من توقعات خفض الفائدة ومخاوف سياسية واقتصادية
في سوق الإسكان الأميركي، بدأت معدلات الرهن العقاري فعليًا بالانخفاض قبل القرار مع تسعير الأسواق لخفض الفائدة. وقد يستمر التراجع إذا اتضح أن الفدرالي يتجه نحو مسار خفض متتالٍ وليس خفضًا وحيدًا.
انعكاسات القرار على النفط والذهب
أسعار النفط قفزت الأسبوع الماضي بفعل عقوبات أميركية جديدة على شركات روسية كبرى، ما زاد مخاوف الإمدادات. أي خفض إضافي للفائدة قد يعزز توقعات الطلب على الطاقة ويدعم الأسعار، خاصة إذا رافقه خطاب من باول يؤكد التزام الفدرالي بـ"حماية النمو".
ومن جانب المعدن الأصفر يستفيد عادة من خفض الفائدة عبر ضعف الدولار وتراجع العوائد الحقيقية على السندات، ما يقلل تكلفة الاحتفاظ به. وفي حال لمح باول إلى سلسلة خفض قادمة، قد يميل الذهب للصعود كتحوط من تباطؤ اقتصادي محتمل ومن بقاء الضغوط التضخمية الناتجة عن الرسوم الجمركية والحروب التجارية.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي