الكتاب البيج هو تقرير دوري يصدر عن بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي يجمع معلومات اقتصادية من مختلف المناطق الأميركية، بهدف تقديم لمحة شاملة عن حالة الاقتصاد الوطني. يعتمد التقرير على ملاحظات مباشرة من البنوك الفيدرالية والشركات والمؤسسات التجارية حول النمو، سوق العمل، الأجور، التضخم، وأنشطة المستهلكين، ويُستخدم كأداة لمساعدة صانعي السياسة النقدية على تقييم اتجاهات الاقتصاد قبل اتخاذ قراراتهم.
هذا التقرير ضمن ملف خاص أعدته CNBC عربية قبل آخر اجتماعات الفدرالي في 2025.. تحت عنوان: (كيف يفكر الفدرالي الأميركي؟)
→ التقرير السابق — التقرير التالي ←
يعتمد الفدرالي الأميركي في وضع السياسة النقدية على ما يُعرف بـ"الكتاب البيج"، والذي يُنشر 8 مرات خلال العام، عادةً قبل اجتماعات لجنة الفدرالي الخاصة بوضع صياغة السياسة النقدية، فما هو الكتاب البيج، وأين تكمن أهميته، وكيف يؤثر في السياسة النقدية للولايات المتحدة؟
ما هو الكتاب البيج؟
الكتاب البيج (Beige Book) هو كتاب يُنشر بصفة دورية 8 مرات في العام الواحد، ويُعد مرجعاً يُقدم ملخصاً لمستوى الاقتصاد الأميركي الكلي، ويتم ذلك عبر إجراء كل بنك من مصارف الفدرالي الـ 12 في الولايات المتحدة مقابلات مع المسؤولين والمحللين وخبراء أسواق المال والمستثمرين، وكل ما يمثّل قطاعات محلية (صناعة، تجارة، خدمات، عقارات… وغير ذلك)، ثم يتم تلخيص هذه التقارير وتجميعها في الكتاب البيج.
ولا يعتمد الكتاب البيج على الإحصاءات الرسمية مثل معدلات الإنتاج المحلي الإجمالي والبطالة والتضخم فحسب، بل يمثل نبضاً واقعياً للأسواق وفق رؤية رجال الأعمال والمحللين في الولايات والمناطق المرصودة.
◾ تقرير يُنشر 8 مرات في السنة
◾ يقوم كل بنك احتياطي فدرالي بجمع معلومات وصفية حول الظروف الاقتصادية الحالية في منطقته
يصف الكتاب الأوضاع الاقتصادية الإقليمية وآفاقها
◾ تعتمد البنوك الفدرالية فيه على تقارير من مديري البنك والفروع ومقابلات مع جهات أعمال رئيسية وخبراء اقتصاديين، ومتخصصي السوق ومصادر أخرى
◾ يُلخص الكتاب هذه المعلومات حسب المنطقة والقطاع ويتم إعداد ملخص عام لتقارير المناطق الـ 12 بواسطة بنك احتياطي فدرالي معين بالتناوب
◾ أحدث تقرير صدر في نوفمبر وكشف عن أن النشاط الاقتصادي لم يشهد تغيراً يُذكر منذ التقرير السابق
ما أهمية الكتاب البيج؟
الكتاب البيج بمثابة رادار واقعي وفوري للاقتصاد الأميركي أكثر مرونة وأسرع في التقاط التحولات من الإحصائيات الرسمية، فهو يرسل إشارات مبكرة على التغيّرات في الاقتصاد لأصحاب القرار قبل أن تنعكس في الإحصائيات الرسمية، والأهم أنه في أوقات تأخر البيانات الرسمية أو انعدامها مثلما حدث وقت الإغلاق الحكومي عندما تأخر صدور البيانات الرسمية للتضخم والبطالة، يلجأ الفدرالي الأميركي والمستثمرون والمحللون في أسواق المال إلى الكتاب البيج كمرجع لهم يرصد بشكل واقعي وشبه فوري لواقع الاقتصاد.
اقرأ أيضاً: بنك أوف أميركا: رئيس الفدرالي المستقبلي سيحاول خفض أسعار الفائدة إلى ما دون 3% بكثير
ويساعد الكتاب البيج أيضاً في اكتشاف المتغيرات الخفية مثل ضغوط على الأجور، تغيّر في نية التوظيف مثل تجميد توظيف، تجنُّب تعيينات جديدة، أو توظيف بدائل فقط، توجهات في إنفاق المستهلكين، أو ضغوط سعرية في سلاسل الإمداد، وجميعها مؤشرات تؤثر على قرارات الفائدة والسياسة النقدية، بل يساعد أيضاً في التنبؤ بالركود قبل ظهور الأرقام الرسمية.
كيف يعتمد الفدرالي على الكتاب البيج؟
قبل اجتماعات السياسة النقدية لتحديد موقف أسعار الفائدة سواء بالرفع أو الخفض، ينظر مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى الكتاب البيج كمرجع لتقييم نبض الاقتصادي الأميركي والبحث عن إجابات للأسئلة التالية: هل الأسواق تنمو؟ هل العمالة تتراجع أو تنشط؟ هل التضخم مرتفع؟ هل الإنفاق والطلب يضعف؟
ويمنح الكتاب البيج قيادات الفدرالي رؤية أكثر واقعية وأعمق من الإحصاءات الرسمية، لأنه يجمع آراء المسؤولين ورجال الأعمال والخبراء الماليين والمتخصصين في أداء الاقتصاد، خصوصاً في أوقات ضعف البيانات الرسمية أو تأخر صدورها مثل أوقات الإغلاقات الحكومية.
ويساعد الكتاب البيج الفدرالي الاميركي في تقييم تمييز الأقاليم (Regional divergences)، فبعض مناطق الولايات المتحدة قد تكون أقوى أو أضعف من غيرها، ومن خلال رصد الكتاب البيج لأداء كل منطقة يتمكن الفدرالي من تحقيق التوازن العام في الاقتصاد الكلي عبر رصد أداء جميع المناطق.
ماذا قال الإصدار الأخير (نوفمبر 2025)؟
نُشر الإصدار الأخير من الكتاب البيج 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، وأظهر إشارات عدة مهمة، أبرزها أن النشاط الاقتصادي على الصعيد الوطني "لم يتغير كثيراً" بشكل عام، فيما أبلغت بعض المناطق عن تراجع طفيف، البعض الآخر أبلغ عن استقرار، وعدد قليل عن نمو طفيف.
وأظهرت تحليلات الكتاب البيج ضعف في مؤشر سوق العمل، فبعض الشركات جمدت التعيينات، أو تعتمد على التعويض عن مغادرين فقط (replacement-only hiring)، أو أعادت جدولة ساعات العمل بدلاً من تسريح موظفين.
وبالنسبة للتضخم، كشف ملخص الكتاب البيج ارتفاع معتدل في الأسعار، فبعض الشركات تواجه ضغوط على التكاليف، سواء من المواد أو الأجور، ما ينعكس على أسعار المنتج النهائي، وإن لم يكن على وتيرة متفشية في كل القطاعات.
وعن النظرة المستقبلية التي رصدها الكتاب البيج فهي تحولت من النظرة الحيادية أو المعتدلة إلى النظرة الأكثر تحفظاً، فكثير من جهات الاتصال أعربت عن توقعات بتباطؤ أكبر في الأشهر المقبلة، مع انخفاض الطلب، وضغوط تكلفة، وتردد في استثمارات أو توظيف جديد.
وتكمن أهمية إصدار نوفمبر من الكتاب البيج في أنه صدر خلال وقت تأخرت فيه بيانات رسمية جراء الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، ما زاد من أهميته كمرجع حيّ يعطي إشارة واضحة على تباطؤ في سوق العمل والطلب الاستهلاكي، وهو ما قد يدفع الفدرالي إلى التفكير في تخفيض سعر الفائدة في اجتماعه المرتقب خلال 9 – 10 ديسمبر/ كانون الأول 2025.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي