8 أشهر على الحرب.. هل حققت العقوبات الاقتصادية ضد روسيا أهدافها؟

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

بقلم نهى النحاس

محررة في CNBC عربية

8 أشهر مضت على بداية الحرب الروسية الأوكرانية، شهدت خلالها فرض عقوبات اقتصادية متعددة من الغرب على موسكو لوقف حربها مع كييف.

قائمة طويلة من العقوبات

تستهدف المفوضية الأوروبية من تلك العقوبات إضعاف قدرة موسكو على تمويل الحرب وإضافة تكاليف اقتصادية وسياسية على النخبة الروسية.

كما تستهدف النظام المالي الروسي مع طرد بعض البنوك من نظام سويفت وحظر التمويل العام والاستثمارات في روسيا.

العقوبات استهدفت أيضاً فرض حظر على صادرات الاتحاد الأوروبي من التقنيات المتطورة والمنتجات والسلع الفاخرة وسلع مثل الصلب والخشب والأسمنت والذهب.

وكانت الجولة الأخيرة من تلك العقوبات في نهاية سبتمبر أيلول، حينما استهدفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مئات الأشخاص والكيانات في روسيا رداً على قرار الرئيس فلاديمير بوتين بضم أجزاء أوكرانية.

 وشملت عقوبات وزارة الخزانة الأميركية 14 مورداً دولياً ساعد سلاسل التوريد العسكري الروسي، وكذلك 109 أعضاء في مجلس الدوما الروسي و169 عضواً في مجلس الاتحاد للجمعية الفدرالية للاتحاد الروسي.

كما أضافت الخزانة الأميركية إلفيرا نابيولينا محافظة المركزي الروسي والمستشارة السابقة لبوتين إلى قائمة العقوبات.

فيما تقترح جولة جديدة من العقوبات التي صاغتها المفوضية الأوروبية فرض حظر إضافي على الواردات الروسية، كما سيتم حظر تصدير المزيد من السلع التقنية.

لكن مع عدم سريان الحظر على النفط الروسي حتى الآن، هل تحقق العقوبات الغربية هدفها المنشود؟

انكماش اقتصادي.. وارتفاع مستوى الفقر

يتوقع الاتحاد الأوروبي تراجع الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنحو 6.2% في العام الجاري وبنسبة 4.1% في 2023.

وصرحت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بأن الحرب الراهنة أضعفت الاقتصاد الروسي وأبطأت آفاق النمو في البلاد خلال المستقبل المنظور.

وأضافت: الاقتصاد الروسي من المتوقع أن ينكمش في العام الجاري والمقبل.

وترى الرئيسة السابقة للاحتياطي الفدرالي أن العقوبات المفروضة ضد روسيا من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أدت لعزل موسكو عن أسواق رأس المال الغربية، وحرمت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الإيرادات التي يحتاجها لتمويل الحرب.

كما أشارت تقديرات الاتحاد الأوروبي إلى أن التدابير المشددة التي تم فرضها على التجارة الروسية أدت إلى تراجع صادرات وواردات موسكو بنحو 30.9% و35.2% على الترتيب هذا العام.

أما فيما يتعلق بالتضخم، فالتقديرات أشارت إلى أنه سيصل إلى مستويات 22% عن إجمالي 2022.

وعلى الرغم أن البنك الدولي رفع توقعاته لأداء الاقتصاد الروسي عن العام الجاري إذ يتوقع انكماشه بنحو 4.5% وهو مستوى أفضل بنحو 4.5% عن التقديرات السابقة، إلا أنه حذر من أن انخفاض الأجور الحقيقية يؤدي إلى تآكل الاستهلاك كما أن العقوبات والانسحابات الطوعية من جانب الشركات الأجنبية وعدم اليقين الشديد يلقيان بثقلهما على الاستثمار.

وحذر البنك من احتمالات ارتفاع الفقر قرب مستويات 2020 بعد تراجع الانتعاش المُسجل بعد جائحة كورونا.

كما يتوقع البنك انكماش الاقتصاد بنسبة 3.6% في 2023 وهو مستوى أعلى بنحو 1.6% من التقديرات السابقة وذلك في سياق استمرار الحرب والعقوبات.

وشدد البنك الدولي على أن تداعيات العقوبات من المتوقع تفاقمها مع مرور الوقت.

إجراءات روسية خففت وطأة العقوبات

روسيا كانت قد عززت بالفعل استقلاليتها في قطاعات محددة منذ عام 2014 بسبب القيود المفروضة عليها بسبب أزمة القرم.

وعلى صعيد القطاع المصرفي طورت موسكو نظام اتصالات بين البنوك خاص بها، كما طورت نظاماً لبطاقات الدفع في 2015، ولذلك لم تعاني بشكل كبير عندما علقت كل من Visa وMastercard عملياتهما في روسيا بعد بدء الحرب.

وعدل المركزي الروسي  توقعاته للاقتصاد، إذ يرى الآن أن الناتج المحلي الإجمالي سينكمش بنحو 4.2% في 2022 مقابل تقديرات بـ9.2% في أبريل.

ورفع صندوق النقد الدولي تقديراته للاقتصاد الروسي، فهو يتوقع الآن انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 3.4% في العام الجاري، مقابل توقعاته بالانكماش بنحو 6% في يوليو وبنسبة 8.5% في أبريل.

كما أن التضخم الذي ارتفع سريعاً في بداية الحرب لُيسجل 16.7% في مارس على أساس سنوي و17.8% في أبريل نتيجة التراجع الحاد في قيمة الروبل، تباطأ إلى 14.3% في أغسطس ثم عند 13.7% في سبتمبر.

وفيما يتعلق بالعملة الروسية، فإن الإجراءات الرقابية التي تم اتخاذها في سوق المال في بداية الحرب عززت قيمة الروبل، وبعدما كانت قيمة الدولار تزيد عن 80 روبلاً لكل دولار، فقد تراجع الآن عند 60 روبلاً.

وتم تخفيف العديد من القيود في الصيف لكن دون منع الروبل من مواصلة الارتفاع.

وبسبب تأثير العقوبات، أصبحت روسيا تستورد القليل جداً ولم تعد الشركات الروسية تستخدم الدولار أو اليورو للحصول على الإمدادات من الخارج.

وصرح أوليج فيوجين الخبير الاقتصادي الروسي لرويترز بأن العقوبات ضد روسيا لم تكن فعالة إلا بنسبة تتراوح ما بين 30% إلى 40% لأن موسكو وجدت طرقاً للتغلب عليها.

واستفادت روسيا بشكل كبير من ارتفاع أسعار النفط مع بداية الحرب عندما وصل الخام لأعلى مستوى منذ الأزمة العالمية.

وأشارت بيانات  Centre for Research on Energy and Clean Air  إلى أن روسيا جمعت 158 مليار دولار من صادرات الوقود الأحفوري في الأشهر الستة الأولى من الحرب.

تداعيات محتملة على المدى الطويل

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في بداية الحرب بسبب ارتفاع أسعار النفط، ابتعد المشتريون الغربيون بعد ذلك عن النفط الروسي تدريجياً مما أدى إلى خفض قيمته.

كما أن ارتفاع الروبل قد يضر بالصادرات ويقوض عائدات الميزانية الروسية.

وأشارت جامعة Yale الأميركية إلى أنه منذ بداية الحرب يحرص الكرملين على الكشف عن البيانات الإيجابية فقط.

وأقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوجود مشاكل في الخدمات اللوجيستية، وبحسب بيانات جماعة Yale غادرت 1200 شركة أجنبية موسكو إذ شكلت تلك الشركات 40% من الناتج المحلي الإجمالي.

هل استغلت روسيا ثروتها من الطاقة؟

تضررت صادرات وإنتاج روسيا من النفط الغاز الطبيعي، بسبب خلافات موسكو مع الدول الأوروبية التي كانت تعتبر المستورد الرئيسي للغاز الروسي.

وأعلنت الشركة المملوكة للحكومة الروسية غازبروم أن إمداداتها للدول خارج الاتحاد السوفيتي قبل انهياره تراجعت بنحو 40% إلى 84.8 مليار متر مكعب منذ بداية العام الجاري وحتى منتصف الشهر الماضي.

وعلى مدار نفس الفترة بلغ إنتاج الشركة مستويات 300.8 مليار متر مكعب وهو ما يمثل تراجعاً بنحو 16% على أساس سنوي.

كما تراجع الطلب المحلي على الغاز لدى الشركة بنحو 3.3% في العام الجاري.

وكانت روسيا مسؤولة عن توفير 45% من إمدادات الغاز لأوروبا في العام الماضي، ولكن تلك الحصة انخفضت إلى 9% فقط هذا العام.

وصرح ألكنسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي بأن صادرات الغاز الروسي لدول الاتحاد الأوروبي ستتراجع بنحو 50 مليار متر مكعب في العام الجاري. 

وتدرس أوروبا وضع سقف سعري لأسعار الغاز الروسي كوسيلة لوقف الارتفاع الصاروخي في أسعار الطاقة ولتنفيذ المزيد من العقوبات ضد روسيا.

لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن أن روسيا ستتوقف عن تصدير طاقتها إذا تم فرض مثل هذه القيود.

وفي الوقت نفسه ترى جازبروم أنه لا يوجد بديل عن الغاز الروسي في أوروبا، إذ صرح أوليج أكسيوتين نائب الرئيس التنفيذي للشركة بأنه لا توجد دولة قادرة على توفير موارد تضاهي موارد حقول الغاز في سيبيريا وشبه جزيرة يامال.

كما تسعى روسيا لتنويع مستورديها عبر الاتجاه للهند وتركيا والصين لخفض اعتمادها على المستورد الأوروبي.

ومن أجل جعل المنتجات البترولية أكثر جاذبية للعملاء مثل الهند وإندونيسيا قدمت موسكو خصومات كبيرة بمتوسط 30 دولاراً للبرميل مقابل خام برنت.

وبحسب بيزنس إنسايدر استفادت بعض الاقتصادات الناشئة والتي تعاني من ارتفاع التضخم من تلك الخصومات مثل باكستان وكوبا وسريلانكا.

لكن مع ذلك أشارت S&P Global Insights إلى أن تلك الخصومات تتناقص رغم أن بعض المحللين يتوقعون استمرارها مما يجعل واردات النفط الخام الروسية مقبولة بالنسبة للدول منخفضة الدخل.

وعلى الرغم من ذلك كشفت بيانات شركة تحليل تجارة السفن KPLER عن انخفاض صادرات النفط الخام  الروسي عبر السفن في مايو ويونيو ويوليو حيث كانت الصين والهند وإيطاليا هي الوجهات الرئيسية.

وخلال النصف الأول من الشهر الماضي واصلت الشحنات انخفاضها بحوالي 314 مليون برميل يومياً على أساس شهري، وبحسب S&P Global Insights فإنها أقل مستويات منذ بداية الحرب.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة