قصة ‏Fanta‏ .. هل تصدقون أنها من فضلات الطعام في الحرب العالمية الثانية؟

نشر
آخر تحديث

تعد العلامة التجارية ‏Fanta‏ من بين أشهر الأسماء في صناعة المشروبات الغازية ‏على الإطلاق، وتتميز بين المستهلكين بألوانها البرّاقة والحملات الإعلانية المتنوعة ‏التي لا تخلو من الموسيقى والابتهاج.‏


وتُعرف العلامة التجارية ‏Fanta‏ بأنها مفضلة لدى الكثيرين كما أنها تعكس بعض ‏المرح لدى عشاقها فضلاً عن أن مشروباتها تجذب المستهلكين إلى أنواع مختلفة ‏من المذاقات، لكن وراء هذه الشهرة الواسعة والمنتجات المتنوعة قصة لا يعرفها ‏الكثيرون.‏

 


Coca-Cola‏ تصل للعالمية


تمتلك شركة ‏Coca-Cola‏ المدرجة في سوق الأسهم الأميركية علامات تجارية ‏عدة، من بينها ‏Fanta، ولكن من يصدق أن الشركة قررت إطلاق مشروبات ‏Fanta‏ في خضم الحرب العالمية الثانية؟


في كتابه تحت عنوان: "‏For God, Country and Coca-Cola‏"، قال الكاتب ‏مارك بندرجراس إن القصة بدأت عام 1923 عندما انتخب روبرت وودروف ‏رئيساً لمجلس إدارة شركة ‏Coca-Cola، وكان لديه طموحات كبيرة بتوسيع نطاق ‏منتجات الشركة لتصل إلى كافة أرجاء العالم.‏


قبل ذلك العام بسنوات، مرت الشركة ببعض الصعوبات عندما تسبب منتجو ‏مشروبات ‏Coca-Cola‏ بفرنسا في إصابة بعض المستهلكين بالإعياء بسبب بعض ‏الأنشطة غير الصحية أثناء تعبئة المشروبات.‏


وكردة فعل على ذلك، انخفض الطلب العالمي على منتجات الشركة، لكن تحت ‏قيادة وودروف، أسست الشركة وحدة خاصة بالعمليات الأجنبية تحت اسم "القسم ‏الأجنبي"، وهو قسم كان مختصاً مصانع تعبئة رسمية تابعة لـ‎ Coca-Colaفي نحو ‏‏27 دولة مع ضرورة وضع تلك المصانع جميعاً تحت الرقابة الصارمة والإشراف ‏الشديد من مسؤولي ‏Coca-Cola‏.‏


ورغم أن ‏Coca-Cola‏ وفرت المذاق والمكونات والمواد اللازمة للتصنيع، إلا أن ‏كل مصنع في تلك الدول الـ27 كان يوفر معدات التعبئة والسكر، وهذا ما أدى لاحقاً ‏إلى طفرة عالمياً في انتشار منتجات الشركة.‏


وأطلقت الشركة حملات ترويجية وإعلانية واسعة النطاق، ووضع اسم ‏Coca-‎Cola‏ على الواجهات والطرق واللوحات البارزة والملابس وحتى أغطية الرأس، ‏كما ظهر بقوة البطولات الرياضية مثل دورة الألعاب الأولمبية في أمستردام عام ‏‏1928.‏


ولدت في ألمانيا!‏


وأصبح اسم ‏Coca-Cola‏ يجسد ما عرف بـ"الحلم الأميركي"، ووصلت منتجاتها ‏في كل مكان بقارة أوروبا حتى وصلت ألمانيا، وكان أحد الأميركيين ويدعى راي ‏ريفينجتون باورز مسؤولاً عن مصنع الشركة في ألمانيا.‏


وعرف عن باورز لباقته وخبرته الواسعة في المبيعات، وكان يتعهد لمن يشتري ‏مشروبات الشركة بأنه سيمتلك فيلا فاخر في فلوريدا، ونجح ذلك في قفزة بمبيعات ‏Coca-Cola‏ من 6000 مشروب إلى 100 ألف سنوياً.‏


ورغم براعته في المبيعات، إلا أنه لم يكن جيداً في الشؤون المالية، وهو ما أدى ‏إلى أزمة مالية بفرع ‏Coca-Cola‏ في ألمانيا.‏


وفي عام 1933، قفز أدولف هتلر للسلطة في ألمانيا، وبدأت حقبة جديدة في تاريخ ‏ألمانيا وأيضاً ‏Coca-Cola، وبعدها تولى الألماني ماكس كيث قيادة وحدة الشركة ‏في البلاد، والتي قادها ببراعة في ظل انتعاش الاقتصاد المحلي.‏


وأعاد كيث الترويج للعلامة التجارية لشركة ‏Coca-Cola، ليس كتجسيد أو رمز ‏أميركي، بل بأنها تنتج مشروبات صالحة لاستهلاك المواطن الألماني، وكان شغله ‏الشاغل تسويق المزيد من المنتجات وبيعها في السوق للمواطنين غير مهتم بما ‏يجري من أحداث سياسية.‏


لكن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، بدأت الحكومة الألمانية في معاقبة الشركات ‏الأجنبية، وحاول كيث النأي بالشركة عن أي عمليات مصادرة حكومية حتى وقع ‏الهجوم الياباني على بيرل هاربر الأميركي عام 1941.‏

 


في ذلك العام، دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية رسمياً مع الحلفاء ضد ‏دول المحور التي تشمل ألمانيا النازية، وهذا بالتبعية ما أدى إلى قطع العلاقات بين ‏واشنطن وبرلين.‏


ورغم أن العديد من الشركات الأجنبية كانت غير قادرة على الإنتاج، إلا أن كيث ‏كان مصراً على استمرار ‏Coca-Cola‏ في الإنتاج، وأتى بفكرة عبقرية، وهي ‏الإشراف على ابتكار مشروب غازي ألماني.‏


وقام كيث بتعيين كيميائي لهذا الغرض من أجل ابتكار مشروب يشبه ‏Coca-Cola، ‏لكنه غني بالكافيين وكذلك بمزيج من المذاقات متنوعة غير المتعارف عليها.‏


لكن بدلاً من صناعة هذا المشروب من الوصفة السرية الخاصة بـ‎ Coca-Cola، ‏فإن الكيميائي صنع المشروب الجديد من فضلات الطعام المهملة من صناعات أخرى ‏خاصة بقايا التفاح سواء الألياف أو القشور، وكذلك الجبن المتخثر، وكان المشروب ‏الناتج يشبه الزنجبيل.‏


وطلب كيث من فريق الكيميائيين استخدام مخيلاتهم أي ‏Fantasies‏ لإطلاق اسم ‏مبتكر على المشروب، ومن هنا جاء الاسم ‏Fanta‏.‏


وانتشر الاسم بشكل واسع النطاق، وأقبل الألمان بقوة على شراء المشروب المنتج ‏لهم حصراً لا سيما وأن أغلب المشروبات الأخرى كانت غائبة عن السوق بسبب ‏الحرب.‏


واستغل كيث لاحقاً علاقاته بحكومة هتلر من أجل الإشراف على جميع مصانع ‏Coca-Cola‏ في ألمانيا والدول التي احتلتها، مما أسهم في انتشار أوسع لمشروب ‏Fanta‏.‏

 


ونجحت كيث بابتكاره في زيادة المبيعات في جميع أنحاء أوروبا حتى بلغت 3 ‏ملايين عبوة سنوياً قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبعد هزيمة ألمانيا النازية، ‏صادرت قوات الحلفاء مصانع ‏Coca-Cola، وقام كيث بتسليم فكرة منتجه ‏Fanta‏ ‏إلى مقر الشركة الأم في أتلانتا.‏


وطرأ على مشروبات ‏Fanta‏ العديد من التطورات والتحسينات في الجودة ‏والمذاق، ثم أعيد تصميم العلامة التجارية في عام 1955 بإيطاليا إلى اللون ‏البرتقالي الشهير حالياً‎ ‎نتيجة إضافة مذاق الحمضيات إلى المنتج.‏

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة