إلى دافوس وعلى ارتفاع 1560 متراً فوق مستوى سطح البحر تصعد النخبة العالمية إلى الجبال مرة أخرى مع عودة الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي خلال فصل الشتاء للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات.
تسبب الوباء بعمليات إغلاق للتجمعات الشتوية في يناير في 2021 و 2022 ، وتوجه القادة بالفعل إلى دافوس في مايو الماضي مع أول جلسة صيفية للمنتدى على الإطلاق، لكن مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب أعاد إحياء التقاليد للتجمع الشتوي هذا العام ليجتمع كبار صانعي القرار وأكثر من 2700 سياسي ومسؤول تنفيذي ومستثمر ومصرفي وأكاديمي في أعلى مدينة في أوروبا لمعالجة القضايا والأولويات العالمية الرئيسية للعام المقبل، خصوصاً وأن العالم يقف اليوم عند نقطة انعطاف حرجة في ظل العدد الهائل من الأزمات المستمرة والتي تستدعي اتخاذ إجراءات جماعية جريئة.
يحمل المؤتمر الـ53 عنوان "التعاون في عالم مجزأ"، وهو العنوان الذي يعكس ملامح الأزمات التي يعانيها العالم في ظل المخاوف العديدة التي تحيط به ما بين الحرب الروسية في أوكرانيا إلى شبح الركود العالمي الذي يلوح في الأفق ناهيك عن ارتفاع تكاليف المعيشة.
مخاوف المناخ هي الأخرى تطل برأسها في دافوس بشكل واضح خصوصاً وأن هناك علامات استفهام حول إذا ما كان هنالك ما يكفي من الثلوج للتزلج هذا العام، فالمدينة السويسرية هي أيضاً موطن لمحطة طقس تحتوي على أطول سلسلة من البيانات اليومية لعمق الثلوج على ارتفاعات عالية، وبحسب العلماء فإن الأقمار الصناعية تشير إلى أن الغطاء الثلجي انخفض بنسبة 10% خلال الأربعين عاماً الماضية فيما تضاءلت كتلة الثلج بنسبة 40% في المتوسط مقارنة بعام 1971 عندما انعقد الاجتماع السنوي الأول للمنتدى الاقتصادي العالمي.
إليك ما تحتاج إلى معرفته عن اجتماع دافوس هذا العام:
المستشار الألماني أولاف شولتز هو زعيم مجموعة السبع الوحيد القادم إلى دافوس وسيتحدث على المسرح الرئيسي للمرة الثانية منذ توليه منصبه في عام 2021.
هذه ليست المرة الأولى التي يحضر فيها القليل من قادة الاتحاد السياسي القوي للقمة فعلى مدار العشر سنوات الماضية، وصل في بعض الأحيان اثنان أو ثلاثة فقط إلى المنتجع الجبلي السويسري الخلاب، في عام 2017 ظهرت فقط تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا في ذلك الوقت وأيضا الرئيس الصيني شي جين بينغ.
لكن الرقم القياسي لعدد الحضور كان في عام 2018، عندما حضر ستة زعماء من مجموعة السبع من أصل سبعة، وشمل ذلك الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي حضر مرتين خلال فترة ولايته الأولى على عكس سلفه باراك أوباما الذي لم يحضر قط.
في قمة 2023 ترسل بكين هذا العام نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو هي بالاضافة إلى رؤساء الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وفنلندا واليونان وإسبانيا والفلبين وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية.
فيما ترسل الولايات المتحدة وزير العمل مارتي والش، والممثلة التجارية كاثرين تاي، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي.
سيحضر ما لا يقل عن 100 ملياردير. يأتي الجزء الأكبر من هؤلاء من الولايات المتحدة ، ومن بينهم لورنس فينك من شركة بلاك روك وستيف شوارزمان من شركة بلاكستون. سيكون المليارديرات الهنود والسعوديون حاضرين أيضًا بالأرقام.
ستكون وول ستريت ممثلة بشكل جيد، مع جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لشركة جي بي مورجان ، وديفيد سولومون من مجموعة جولدمان ساكس، وجين فريزر من بنك سيتي جروب، إلى جانب نظرائهم من بنك أوف أميركا، ومورغان ستانلي ، ويو بي إس ، ودويتشه بنك.
سيكون هنالك أيضا رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، ووزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وبينما سيسافر وفد من الحكومة الأوكرانية إلى سويسرا، فلن يكون هناك أي وفد من روسيا، فالعقوبات الغربية نتيجة دخول فلاديمير بوتين أوكرانيا تسبب أيضا بحرمان المنتدى من مساهمات الروس في تمويل الحملات الدعائية والإعلانات كما سيكون هنالك عدداً أقل من الممولين الجدد الذين ظهروا في قمة مايو مع انهيار العملة المشفرة.
أظهر تقرير المخاطر العالمية السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، استنادًا إلى استطلاع أجراه المنتدى، أن خطر الركود وأزمة تكلفة المعيشة وضائقة الديون المتصاعدة ستهيمن على التوقعات للعامين المقبلين.
كان البنك الدولي قد خفض الأسبوع الماضي توقعاته للنمو لمعظم البلدان محذراً من أن الركود أصبح قريباً من العالم بشكل خطير. ومع ذلك ، فإن الشتاء الأوروبي الأكثر دفئًا مما كان يُخشى وإعادة فتح الصين بعد إلغاء سياسة صفر كوفيد قد أنعشت الآمال إلى حد ما.
موضوعات أخرى ستغطيها دافوس تشمل النظرة المستقبلية للعولمة والأمن الغذائي وسلاسل التوريد، فضلاً عن مخاطر التحول في قطاع العقارات وأعباء الديون.
من المرجح أن تهيمن حرب روسيا في أوكرانيا وآفاقها على المناقشات السياسية.
كما ولا تزال الولايات المتحدة والصين تدوران حول بعضهما البعض وتكافحان لإيجاد طريقة لمنع الاصطدام بشأن مواضيع مثل التجارة وإنتاج أشباه الموصلات.
مدى نجاح الحكومة الصينية في إعادة البلاد إلى طبيعتها بعد الإغلاق الوبائي وتداعياته العالمية سيكون موضوعًا ساخنًا أيضًا.
لطالما كان الاحتباس الحراري موضوعًا متكررًا في دافوس، وهذا العام لا يختلف.
سجلت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية مستوى قياسيًا جديدًا في عام 2022 بعد عودة الحكومات في أوروبا إلى الفحم خلال أزمة الطاقة التي سببتها الحرب الروسية الأوكرانية.
تخصص أجندة عام 2023 أكثر من ثلث المناقشات حول موضوع الاحتباس الحراري والانبعاثات خصوصاً إذا ما لاحظنا ان موضوع "المناخ" يُذكر في جدول الأعمال أكثر من ذكر موضوعات "الطاقة" أو "الأزمات الجيوسياسية"، ولعل السبب يرجع إلى إن الحديث عن قضايا المناخ قد يكون وسيلة لتجنب المواجهات.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي