تواجه الصين تحدياً كبيراً قد يقودها إلى موقف صعب في حال لم تنفذه بشكل ذكي، ويتلخص بكلمات بسيطة "اتفاق سلام أوكراني دون إلحاق أي ضرر بحليفتها روسيا".
بكين، التي أرسلت ممثلين إلى أوكرانيا وروسيا والعديد من الدول الأوروبية في محاولة لوضع الأساس لمحادثات السلام، لديها مصلحة خاصة في أن تظهر موسكو بمظهر من لا يبدو عليها وكأنها هُزمت في أي تسوية، لأن هذا قد يأتي بنتائج عكسية في بالنسبة للصين.
حيث قالت بوني جلاسر، مديرة برنامج آسيا في صندوق مارشال الألماني "GMF" بالولايات المتحدة، لـ CNBC: "الهزيمة الروسية الكاملة لا تخدم المصالح الصينية، خاصة إذا أدت إلى زوال بوتين".
وأضافت "روسيا شريك مهم بشكل متزايد لشي جين بينغ، ولا يوجد بلد آخر يمكنه المساعدة في إضعاف القيادة الأميركية في العالم وأعادة ضبط النظام الدولي".
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن الصين تكثف جهودها لجلب روسيا وأوكرانيا إلى طاولة المفاوضات مع الممثل الصيني الخاص لشؤون أوراسيا، لي هوي، والذي يزور أوروبا لإجراء محادثات "بشأن تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية".
وأحد العوامل الرئيسية التي تربط بين الصين وموسكو هو الكراهية المشتركة والعميقة وعدم الثقة في الغرب، مع انتقاد كلاهما لهيمنة الولايات المتحدة على الشؤون العالمية.
وفي ظل ذلك، بقيت موسكو وبكين مقربتين بشكل واضح طوال الحرب مع إجراء شي وبوتين مكالمات عديدة وزيارة في مارس. وفي المقابل، اتصل شي فقط بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لأول مرة في أبريل.
وليس هناك شك في أن الصين تريد إنهاء الحرب، معتبرة إياها أزمة غير مرحب بها تؤثر على الاقتصاد العالمي. لكنها تحتوي أيضًا على احتمال وجود خطر سياسي على الصين أيضًا، حيث يُنظر إلى روسيا المهزومة على أنها معرضة جدًا لعدم الاستقرار السياسي والاضطراب وحتى تغيير النظام.
على هذا النحو ، فإن تحرك الصين للتوسط في السلام بين روسيا وأوكرانيا لا يُنظر إليه على أنه عمل إيثار، بل تحركه المصلحة الذاتية. ويمتد هذا الاهتمام إلى ضمان ألا تبدو روسيا، جارتها وحليفتها، وكأنها تعرضت للإذلال و "الهزيمة" في أي اتفاق سلام مع أوكرانيا.
وتأتي غزوة الصين الأخيرة على ساحة الدبلوماسية العالمية بعد النجاح الأخير في التوسط في صفقة في الشرق الأوسط، بين السعودية وإيران، اتفقا فيها على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات في البلدين.
يقول المحللون إن تكرار هذا الإنجاز بين أوكرانيا وروسيا سيكون أصعب بكثير، مشيرين إلى أن بكين لديها طريق وعر لإقناع الجانبين بالتوصل إلى اتفاق بوجود كثير من المسائل على المحك.
وقالت أوكرانيا إن أي تسوية للحرب يجب أن تركز على انسحاب القوات الروسية من المناطق المحتلة واستعادة سيادتها الإقليمية، بما في ذلك عودة أربع مناطق أعلنت روسيا ضمها في سبتمبر الماضي ، وكذلك شبه جزيرة القرم التي تم ضمها عام 2014 إلى روسيا.
وبالمقابل، تطالب روسيا كييف بالاعتراف بسيادة روسيا على المناطق التي تم ضمها وتقبل استقلال "الجمهوريات" الانفصالية الموالية لروسيا في لوهانسك ودونيتسك في شرق أوكرانيا، وتريد موسكو أيضًا رؤية أوكرانيا "منزوعة السلاح"، بما في ذلك ضمانات بأنها لن تنضم أبدًا إلى الناتو.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي