الغابون.. "جنة أفريقيا" على خطى التغيير!

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

بقلم نور العنبكي
منتجة تنفيذية في CNBC عربية

 

 

استفاق العالم على أخبار الغابون وهو يتصدر النشرات والعواجل بعناوين ذات صياغات مختلفة لكنها تصب في اتجاه واحد هو استيلاء عسكري على السلطة، وذلك بعد ساعات من إعلان فوز الرئيس الحالي علي بونغو بولاية ثالثة، في الانتخابات الرئاسية، مع حصوله على نسبة 64.27% من الأصوات.

الضباط الذين قدموا أنفسهم بصفتهم أعضاء في لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات وضعوا  الرئيس الذي حكمت عائلته البلاد منذ 56 عاماً رهن الإقامة الجبرية وسط اتهامات بعدم نزاهة وشفافية انتخابات 26 أغسطس،  وانتقادات بتبديد ثروات البلاد النفطية والتعدينية أيضا في بلد يعيش ثلث سكانه في الفقر  دون خدمات أساسية. وتم الإعلان عن إلغاء نتائج الانتخابات وإغلاق الحدود وحل مؤسسات الدولة.

في مشهد متكرر في القارة السمراء وعلى غرار  ما حدث في النيجر  قبل أسابيع خرج المئات إلى شوارع العاصمة ليبرفيل للاحتفال بهذا الانقلاب الذي -إذا نجح- سيصبح الثامن في سلسلة انقلابات منذ عام 2020 في غرب ووسط أفريقيا والتي بدأت بمالي ولم تنته في النيجر على ما يبدو. 

يشكل الانقلاب مشكلة كبيرة للاتحاد الأوروبي بحسب بروكسل، كما أنه يضفي المزيد من الغموض حول مستقبل الوجود الفرنسي في المنطقة في الوقت الذي تتصاعد فيه المشاعر المناهضة له.

سارعت الدولة المستعمرة سابقاً للغابون إلى التأكيد على أنها تراقب الوضع عن كثب، فلدى فرنسا 350 جندياً في البلد الأفريقي الذي دخل على خط التغيير  وتتخوف فرنسا من التداعيات كما حدث في النيجر عندما ألغى قادة الانقلاب التفاهمات العسكرية معها.  

التواجد الفرنسي في الغابون ليس عسكرياً فقط، توجد حوالي 110 شركات فرنسية في الغابون تنتج مبيعات تقدر بأكثر من 3.2 مليار يورو . وتعد فرنسا المورد الرئيسي للغابون بحصة سوقية تصل إلى 26% متقدمة على بلجيكا والصين. وتتعلق الواردات الفرنسية بالمواد الهيدروكربونية التي تمثل 55% من الواردات، وكذلك الخشب والمنغنيز.

تنتج الغابون نحو 200 ألف برميل نفط يومياً ما يعادل 0.2% من الإمدادات العالمية ما يجعها واحدة من أعلى الدول دخلاً في أفريقيا، لكن معظم الإنتاج من حقول مستنزفة تعمل فيها شركات أوروبية، من بينها، بيرينكو البريطانية الفرنسية وتوتال إنرجيز الفرنسية التي تعد الموزع الرئيسي للمنتجات البترولية بالبلاد عبر 45 محطة وقود. وقد شكلت الغابون 0.6 % من إنتاج الشركة من النفط والغاز في عام 2022.   
            
شركة موريل آند بروم الفرنسية والمتخصصة في التنقيب عن النفط لديها استثمارات في الغابون وكانت قد استحوذت منتصف عام 2023 على أصول برية في الغابون بقيمة 730 مليون دولار فيما تمتلك شركة إرامبت للتعدين الفرنسية عمليات ضخمة لإنتاج المنغنيز. فالغابون تعد ثالث أكبر منتج للمعدن بإنتاج يصل إلى 2.8 مليون طن.

فرنسا كانت تعد أيضاً مشترياً رئيسياً لصادرات الخشب الخام قبل أن تحظره الغابون للحفاظ على ثروتها الوطنية ونظامها البيئي ويعتبر البنك الدولي الغابون بأنه "ممتصّ كبير للكربون ورائد في مبادرات صافي الانبعاثات الصفرية".

 

ما هي قصة الغابون؟

 

تقع الغابون على خط الاستواء على الشواطئ الغربية لوسط أفريقيا ويحدها خليج غينيا من الغرب، وجمهورية الكونغو من الشرق والجنوب، والكاميرون من الشمال، وغينيا الاستوائية من الشمال الغربي، وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 268 ألف كيلومتر مربع، في حين يبلغ عدد سكانها قرابة 2.3 مليون نسمة. 

تتمتع "جنة أفريقيا" بواحد من أعلى معدلات التحضر في أفريقيا و تعد ليبرفيل وبورت جنتيل موطنًا لـ 59٪ من سكانها  وتغطي  الغابات نحو 88% من البلاد.

اقتصاد الغابون الذي لم يسلم من تداعيات الجائحة في عام 2020 استطاع العبور إلى الضفة الاخرى والنجاة من التداعيات، واستطاعت البلاد من تحقيق نمواً اقتصادياً وصل إلى 3.1% في عام 2022 ارتفاعاً من 1.5% في عام 2021، وتحول الميزان التجاري من عجز قدره 1.9% في عام 2021 إلى فائض بنسبة 3% في عام 2022 ، وهو أقوى فائض منذ صدمة أسعار النفط عام 2014.

وبفضل التعافي التدريجي، انخفض الدين العام في عام 2022، ليصل إلى 52% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 60.7% في عام 2021. ووفق تحليل استدامة الديون الصادر عن صندوق النقد الدولي في يوليو/تموز 2022، يعتبر الدين العام في الغابون مستداماً وقد تراجعت المخاطر. .

بقيمة صادرات سنوية تصل إلى 4.6 مليار دولار  تعد الغابون رابع أكبر منتج للذهب الأسود في أفريقيا جنوب الصحراء بحسب البنك الدولي، وتملك البلاد احتياطيات نفطية مؤكدة بقرابة 2 مليار برميل، وقد شكل قطاع النفط 38.5% من الناتج المحلي الإجمالي و70.5% من الصادرات.

تعد الغابون من بين أصغر منتجي النفط في "منظمة الدول المصدرة للنفط" (أوبك) التي انضمت لها في عام 1975 قبل أن تنهي عضويتها في عام 1995، لتعود تحت مظلة المنظمة مرة أخرى في عام 2016، وتتوقع أوبك أن يصل إنتاج البلد الأفريقي إلى 177 ألف برميل يومياً في عام 2024.

الغابون بالإضافة إلى كونها منتجاً ومصدراً صافياً للنفط، تمتلك وفرة من المواد الأولية،  ولديها ثروة زراعية وسياحية وهي قطاعات متنامية.

الأخشاب واليورانيوم يعدان من الصادرات البارزة الأخرى للبلاد، وأيضا المنغنيز الذي كان أحد أبرز محركات النمو الاقتصادي القوي الذي شهدته البلاد السمراء خلال العقد الماضي.  كما ويعد الذهب أحد أهم صادرات البلاد  ففي عام 2021 بلغت قيمة الصادرات 34.5 مليون دولار ، وتحتل الغابون المرتبة 114 عالمياً بإنتاجٍ وصل إلى 100 ألف كغم. 

 

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة