أسبوع المناخ بالشرق الأوسط يوازن بين طاقات اليوم والغد

نشر
آخر تحديث
AFP

استمع للمقال
Play

مع افتتاح فعاليات اليوم الأول لـ"أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2023"، المنعقد في العاصمة السعودية الرياض، ظهر واضحا أن كبار المسؤولين بالمنطقة ينظرون بعين الاعتبار إلى الطاقات المستقبلية، ويعرضون تقدمهم الواسع في مجالاتها ربما بما يفوق باقي دول العالم، لكنهم في ذات الوقت يوازنون بين ذلك وبين ضرورة التعقل فيما يخص وتيرة التخلص من الطاقات الأحفورية التقليدية.

وظهر ذلك بقوة خلال مشاركة وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان في جلسة حوارية بعنوان "تعزيز المشاركة الشاملة والاقتصاد الدائري لتحقيق تحولات طاقة عادلة ومنصفة"، بمشاركة وزير الطاقة والبنية التحتية في الإمارات سهيل المزروعي، ووزير النفط في العراق حيان عبدالغني، ووزير التغير المناخي في باكستان أحمد إسلام.

وأكد وزير الطاقة السعودي خلال الجلسة التي شهدت مشاركة 3 من وزراء الدول النفطية الكبرى، أن السعودية تحظى بإمكانات تسمح لها باحتجاز الكربون وتخزينه، مشيرا إلى أنه "لا يوجد أكثر أهمية للمملكة ودول مجلس التعاون الخليجي والعراق من الاستثمارات الكافية لضمان عمل هذه التقنيات من خلال المحفزات والممكنات"، مبينًا أن نجاح ذلك سيعود بالنفع على الجميع ويتوافق مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ.

وأضاف: "يمكننا أن نكون المصدِّر للهيدروجين النظيف، والمنتج والمصدِّر للكهرباء النظيفة أيضًا"، مفيدًا أن المملكة تبنت نهجًا شاملًا يتضمن جميع إمكاناتها، لإنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، وخطوطًا وأنابيب لتوزيعه، ونقل الكهرباء"، بحسب وكالة الانباء السعودية "واس".

التمويل المشترك 

وأكد المشاركون خلال الجلسة أن التمويل المشترك يجب أن يكون هو الأساس الذي ينطلق منه العالم، مؤكدين على أهمية توظيف التقنيات وكذلك استخدام الهيدروجين الأخضر والأدوات الكفيلة بالوصول إلى الأهداف المستقبلية العالمية، منوهين بضرورة عمل الدول المتقدمة على المشاريع التي من شأنها تخفيف الأعباء الناتجة عن الانبعاثات الكربونية.

كما أكد المشاركون على أهمية تعاون الدول فيما بينها بالمشاريع التي تخص الطاقة النظيفة التي تُعد تقنية جديدة تهدف إلى تقليل الانبعاثات الحرارية والحد من بصمة الكربون في كثير من العمليات فيها، متمنين أن تسهم قمم التغير المناخي في إطلاق مشاريع خفض الانبعاثات الكربونية، والعمل على كثير من الخيارات التي من شأنها أن تسهم في التقليل من هذه الانبعاثات.

لكن في مقابل الانفتاح الكبير على الطاقات المتجددة والنظيفة، فإن المشاركون في الجلسات شددوا على ضرورة اتخاذ نهج واقعي ومتعقل في العملية الانتقالية.

ودعا رئيس مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) الوزير الإماراتي سلطان الجابر الأحد، إلى التخلي عن فكرة التخلص سريعا عن مصادر الطاقة الحالية سعيا لتحقيق أهداف معركة المناخ. وقال: "لا يمكننا فصل نظام الطاقة الحالي اليوم قبل أن نبني نظام الغد الجديد. إنه ببساطة أمر غير عملي أو ممكن".

وأضاف المسؤول الذي يرأس شركة "مصدر" للطاقة المتجددة الحكومية وشركة النفط الوطنية الإماراتية "أدنوك" ويتولّى منصب وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة "علينا أن نفصل الحقائق عن الخيال، والواقع عن الخيال، وتجنب فخ الانقسام".

ودعت الدول المنتجة للنفط إلى مواصلة الاستثمار في الوقود الأحفوري لضمان أمن الطاقة، حتى في الوقت الذي تتطلع هذه الدول إلى التحول في نهاية المطاف بعيدا عن مصادر الطاقة التقليدية. وتشكل الفجوة في التمويل حجر العثرة الرئيسي الآخر في مفاوضات المناخ.

فالبلدان النامية تسعى إلى الحصول على الأموال من الدول الأكثر ثراءً للتكيف مع عواقبه المدمرة والمكلفة على نحو متزايد. وفي عام 2009، تعهدت الدول الغنية بتقديم 100 مليار دولار كل عام للدول النامية، لكنها فشلت في الوفاء بالموعد النهائي في عام 2020.

وهناك آمال في تحقيق الهدف هذا العام.

وقال الجابر الأحد: "يجب الوفاء بالوعود القديمة، بما في ذلك التعهد بمبلغ 100 مليار دولار الذي تم طرحه منذ أكثر من عقد من الزمن".

مزيد من الجهود

وأكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي أن دول الخليج المنتجة للنفط تقوم بالمزيد من الجهود في مجال الاستثمار، وتنفق أموالاً أكبر في توسعة منظومة الطاقة المتجددة مقارنة بأي دولة أخرى في العالم.

وشدد المزروعي على أن دول الخليج "تنفق أموالاً أكبر في توسعة منظومة الطاقة المتجددة مقارنة بأي دولة أخرى في العالم، ومقارنة بأي استثمار نضعه حتى في النفط والغاز"، منبهاً بأن "هذا يؤشر إلى مستوى الالتزام لدى قياداتنا فيما يتعلق بدعم هذا الجهد، والتأكد من أننا نمثل منتجين يعوّل عليهم في مجال الطاقة، وليس في مجال النفط والغاز فقط".

ودعا الوزير الإماراتي لإيجاد "حلول مبتكرة لتسريع وتيرة العمل المناخي"، مشيراً إلى أن "الدول المنتجة للنفط لها دور رئيسي في الانتقال إلى الطاقة النظيفة"، وطالب "بضرورة تعزيز الربط بين دول العالم في مجال نقل الطاقة".

وأضاف أن "المبالغة في الاحتياجات الكهربائية بسبب غياب الربط بين الدول تؤذي البيئة، لأنك بحاجة إلى المزيد من الموارد، واستخلاص هذه الموارد سيؤذي البيئة، وبالتالي؛ فإن إنتاج هذه المواد من دون توفير ربط بين هذه الدول سيكون أمراً يسبب تلفاً للبيئة".

وأشار الوزير المزروعي إلى أن دول الخليج "تقوم بالمزيد من الجهود في مجال الاستثمار، وشركات مثل (أكوا باور) و(مصدر) وغيرها التي تقدم أمثلة مميزة في هذا الشأن؛ تستثمر في الكثير من الدول، وتنشر منظومة الطاقة المتجددة فيها".

توازن تحول الطاقة

ومن جانبه، أوضح رئيس شركة أرامكو أمين الناصر أن الهدف الأساسي هو تحقيق الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات في 2050، مبينا أن المملكة تركز على الطاقة المتجددة وتحاول التقليل من الانبعاثات الكربونية... لكنه شدد على ضرورة أن يكون هناك توازن في تحول الطاقة، كما يجب أن تكون هناك إمدادات كافية لتكون هناك استدامة.

وأشار الناصر إلى أنه "للمضي قدما في "رؤية 2030"، نركز على الهيدروجين الأزرق والطاقة المتجددة ونحاول تقليل الانبعاثات الكربونية، ونعمل على التسريع لتقليل ثاني أكسيد الكربون بنسبة 15 بالمائة، و20 طن من الانبعاثات الكربونية بحلول 2050".

وقال "خطواتنا الحثيثة نركز فيها على عملية تخزين الكربون، إضافة إلى الاستثمار في مشاريع أخرى تركز على كفاءة الطاقة". كما أوضح أن هناك فجوة بين احتياجات العالم النامي والمتقدم، مؤكدًا أن الشركة تحاول المضي نحو تحقيق التوازن. مشيرا إلى أن أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يوفّر منصة لتسليط الضوء على الحلول والابتكارات الإقليمية، الأمر الذي يمهد الطريق لتعزيز التعاون بين الدول والقطاعات والتخصصات.

وانتهت محادثات مؤتمر (COP27) العام الماضي في شرم الشيخ بمصر بإنشاء أول صندوق على الإطلاق "للخسائر والأضرار" لصالح الدول الفقيرة التي تعاني أكثر من غيرها من العواصف والفيضانات والجفاف الأكثر شدة وتكرارًا. وأكد الجابر "يجب أن نجعل صندوق الخسائر والأضرار الذي وعدنا به في شرم الشيخ واقعا في دبي".

وقال منظمو المؤتمر في الرياض في بيان الأحد إن المحادثات في العاصمة السعودية تهدف إلى "تسليط الضوء على التحديات والحلول في المنطقة الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ".

وذكر البيان أن المنطقة "تواجه بالفعل ارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه، حيث لا يحصل أكثر من 60% من السكان إلا على قدر ضئيل للغاية من المياه الصالحة للشرب، إن وجدت"، محذّرا من أنّه "من المتوقع أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى مزيد من الجفاف الحاد".

وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعيش تبعات تغير المناخ "من خلال تجربتها المباشرة مع موجات الحر الشديدة ونقص المياه".

من جهته، قال لأمين التنفيذي لتغير المناخ التابع للأمم المتحدة سايمون ستيل إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "تقف عند مفترق طرق". وأضاف ان المنطقة "لا تواجه الآثار المدمرة لتغير المناخ فحسب، بل تواجه أيضا التحدي المتمثّل في تحويل اقتصاداتها لضمان الرخاء في عالم متسق مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة