WeWork رحلة تدرس في السقوط المذهل

نشر
آخر تحديث
WeWork، Softbank، kodak

استمع للمقال
Play

لمياء نبيل - محررة في  CNBC  عربية

 

في عالم المال والأعمال هناك قصص ملهمة للنجاح، وأخرى تعد بمثابة عبرة في السقوط من القمة إلى القاع.

ويضرب المثل دائما بقصة سقوط "Kodak" التي تسيدت يوما عالم التصوير، قبل أن تهوي إلى دفاتر النسيان نتيجة جمودها في عالم متغير لا يعترف بالتفوق والسمعة، فقد تمسكت "Kodak" بتقليدياتها في الصور المطبوعة، بينما كان العالم يتجه إلى الرقمنة بسرعة فاقت تصورها، لتقع ضحية يقينها برسوخ مركزها في الأسواق.

وحاليا، يمر العالم بتجربة أخرى شديدة الدلالة، مع سقوط شركة "WeWork" المذهل، من قيمة سوقية مفترضة عند 47 مليار دولار إلى "لا شيء".

ورغم أن "ظروفا خارجة عن الإرادة" دفعت الشركة إلى مسارها المحتوم، تمثلت في جائحة كورونا التي أجبرت العالم على الإغلاق في وقت كانت الشركة تطمح فيه إلى "السيادة"، إلا أن جانبها مهما يتمثل في "غياب الرؤية" والحركة السريعة من قبل إدارتها ومستثمريها الأبرز دفع إلى السقوط الهائل.

قبل سنوات، كانت الشركة الرائدة في فكرة تأجير مساحات العمل المشتركة قصة نجاح، مع إقبال واسع النطاق من كثير من المؤسسات على مكاتبها الأرخص سعرا مقارنة بالإيجارات الثابتة.

ومع بداية تفجر أزمة كورونا، تأثرت الأعمال كثيرا مع اتجاه العالم للعمل من المنازل وسط إجراءات عزل صارمة.

وتزامن ذلك مع إعلان "WeWork" عن خطط طرح أسهمها في البورصة، وبقيمة تقديرية تتجاوز 47 مليار دولار في سبتمبر (أيلول) 2019.

لكن مع اقتراب موعد الطرح، أثار كثير من المستثمرين الشكوك حول القيمة العادلة للشركة، خاصة في ظل نتائجها المالية التي تظهر خسائر تبلغ نحو ملياري دولار في 2018، إضافة إلى بيانات تؤكد أن مؤسس "WeWork" أدم نيومان اقترض ملايين الدولارات مقابل أسهم شركته، لتتزايد التسريبات -التي وقفت ورائها إدارة الشركة نفسها- حول نية خفض القيمة التقديرية إلى أقل من 20 مليار دولار.. لتزيد الشكوك، وينتهي الأمر إلى تجميد عملية الطرح برمتها.

وفي ظل هذه الظروف الصعبة والحاجة العاجلة للسيولة، وتناقص أعمال المساحات التأجيرية العاملة للشركة إلى نحو 30% فقط، وافقت "WeWork" على عرض "Softbank" في أكتوبر (تشرين الأول) لاستحواذ على نحو 80% من أسهمها مقابل حزمة انقاذ تشمل شراء أسهم بقيمة 3 مليارات دولار، وقروض بقيمة 5 مليارات دولار، وتمويل بقيمة 1.5 مليار دولار.

لكن بعد عدة أشهر، حاول "Softbank" التخلص من الصفقة، ويرفع مؤسسها قضية تطالبه بالالتزام، وبعد أشهر من التقاضي، يتم تسوية النزاع، قبل إعادة طرحها في بورصة نيويورك عام 2021، مقابل قيمة تقديرية تبلغ 9 مليارات دولار فقط، وخسائر سنوية تبلغ نحو 5 مليارات دولار.

ورغم تقليص الخسائر إلى النصف في العام التالي، إلا أن عدم تحقيق أرباح أدى إلى تراجع سعر السهم حتى بلغ 12 سنتا فقط في أغسطس (آب) الماضي، ولتعلن الشركة اقترابها من الإفلاس.

والأسبوع الماضي، تقدمت "WeWork" بالفعل للمحكمة الفدرالية بطلب للحماية من الإفلاس، مع إدراج أصول بنحو 15 مليار دولار والتزامات نقدية بقيمة تفوق 18 مليار دولار.

في مجمل آراء الخبراء تشير أصابع الاتهام إلى مؤسس "WeWork" أدم نيومان بأن سوء إدارته -وربما فسادها في بعض التقديرات- تسبب في الخسائر الهائلة.. لكن جانبا كبيرا من اللوم وقع على الرئيس التنفيذي لمجموعة "Softbank" ماسايوشي سون، وتحديدا لسوء تقديره لحال الشركة، في وقت اعتبرته فيه الأسواق والمستثمرون خبيرا محنكا في اصطياد الصفقات. 

وبالفعل، فقد تلقت المجموعة اليابانية العملاقة "Softbank"، ضربة قوية جراء انهيار "WeWork"، مسجلة خسارة فصلية غير متوقعة بقيمة 931 مليار ين (6.2 مليار دولار) في الربع المالي الثاني المنتهي في شهر سبتمبر (أيلول).

وأثارت الخسائر انتقادات حادة لسون واستراتيجيته، التي تتمثل في المراهنة بشكل كبير على الشركات الناشئة التي غالباً ما تكون محفوفة بالمخاطر؛ خاصة بعد تكاثر الأقاويل عن تحذيرات "شبه معلنة" من مساعديه حول المخاطر الخاصة بالاستثمار في "WeWork"، والتي تجاهلها سون كثيرا مصرا على وجهة نظره الخاصة في توقع نجاح الشركة في تحقيق مكاسب... لكن هذه الرهانات أسفرت عن خسائر تقدر في أفضل الأحوال بأكثر من ١١ مليار دولار لـ"Softbank".

لكن المشكلة الحقيقية التي تواجهها مجموعة "Softbank" حاليا قد تتخطى الخسائر المالية المباشرة، إذ أنها في العمق تمس ثقة المستثمرين في رؤية سون والمجموعة بوجه العموم في أوجه الاستثمار، وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى قصة حزينة جديدة؛ إذا لم يفلح سون سريعا في تغيير هذه الصورة.

أقرأ أيضا: SoftBank تتكبد خسائر فصلية بـ6.2 مليار دولار

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

العلامات

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة