تتفاقم معاناة القطاع الصحي في غزة، مع استمرار الحرب منذ يوم السابع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وعلى مدار شهرين تخللتهما هدنة انتهت أخيراً بعد أن استمرت لأسبوع واحد.
تسببت الحرب في "وضع كارثي" للقطاع الصحي في القطاع، والذي بلغ" نقطة اللاعودة" طبقاً لوصف الصليب الأحمر، ولا سيما مع خروج عشرات من المستشفيات عن العمل، وتعرض مستشفيات ومراكز صحية أخرى إلى تدمير جزئي جراء القصف، ومع انعدام أو نقص المستلزمات الطبية الأساسية.
يأتي ذلك في خطٍ متوازٍ مع انتشار عديد من الأمراض والعدوى هناك، وتردي الوضع الصحي، لا سيما بالنسبة للفئات الأكثر ضعفاً، وعلى رأسهم الأطفال وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة.
ويضيف تجدد الحرب بعد أسبوع من الهدنة مزيداً من المخاطر على الوضع الصحي بالبلاد، وهو ما نبهت إليه منظمة الصحة العالمية.
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وصف في تعليق له على منصة X (تويتر سابقاً) التقارير عن الأعمال العدائية المستمرة والقصف العنيف في غزة بأنها "مرعبة".
The health needs of the population of #Gaza have increased dramatically, but they are now being serviced by 1/3 of the hospitals and primary care clinics.
— Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) November 30, 2023
We continue to call for a sustained ceasefire so that aid can continue to be delivered to end further civilian suffering. pic.twitter.com/2TnhZ5jRHV
واستعرض في تدوينته جانباً من الوضع الصحي بالقطاع، وذلك بقوله: "زار فريقنا مستشفى نصار الطبي في الجنوب.. كان مكتظًا بـ 1000 مريض، أي أكثر بثلاث مرات من طاقته الاستيعابية.. كان عدد لا يحصى من الناس يبحثون عن مأوى، وملء كل ركن من أركان المنشأة.. وكان المرضى يتلقون الرعاية على الأرض، ويصرخون من الألم".
The reports of ongoing hostilities and heavy bombardment in #Gaza are petrifying.
— Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) December 3, 2023
Yesterday our team visited Nassar Medical Hospital in the south. It was packed with 1,000 patients — 3 times over its capacity. Countless people were seeking shelter, filling every corner of the…
وتابع: "هذه الظروف غير كافية على الإطلاق - ولا يمكن تصورها لتوفير الرعاية الصحية.. لا استطيع أن أجد كلمات قوية بما يكفي للتعبير عن قلقنا إزاء ما نشهده.. وقف إطلاق النار الآن".
ونبهت المنظمة، في وقت سابق قبل نهاية الشهر الماضي، إلى خطورة تفشي الأمراض بدون توافر العلاج في غزة، وبما يهدد بموت عدد كبير من السكان "أكثر من الذين يموتون جراء القصف"، وذلك حال ما إن لم يستأنف القطاع الصحي عمله.
وتشير بيانات المنظمة حتى 29 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن هناك خمس مستشفيات فقط في القطاع "تعمل بشكل جزئي" شمال غزة (مركز التوغل البري الإسرائيلي)، كذلك يعمل 8 مشافٍ من أصل 11 في الجنوب الذي طالب الجيش الإسرائيلي المدنيين بالنزوح إليه.
غير أن مشفاً واحداً من المستشفيات الثمان لايزال تتوافر لديه قدرات علاج الحالات الحرجة أو إجراء عمليات معقدة.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: القطاع الصحي في غزة وصل إلى نقطة الانهيار
ونبهت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارغريت هاريس، في مؤتمرها الصحافي الأخير في جنيف، إلى تفشي الأمراض المعدية في منشآت الأمم المتحدة للنازحين والتي تضم نحو 1.1 مليون شخص، مشيرة في الوقت نفسه إلى انتشار حالات الإسهال بين الأطفال (36 ألف حالة لأطفال دون الخامسة) فوق المستويات الطبيعية بأكثر من 100 مرة.
وأضافت: "سوف نرى في النهاية موت عدد أكبر من الناس بسبب هذه الأمراض أكثر مما يسقطون جراء القصف ما إن لم يتم إعادة بناء النظام الصحي في غزة".
ووفق أحدث البيانات التي كشف عنها المدير الإقليمي للصحة العالمية لشرق المتوسط، أحمد المنظري، السبت 2 ديسمبر (كانون الأول)، فإن هناك نحو 100 ألف شخص داخل غزة يعانون من التهاب رئوي، علاوة على 70 ألف آخرين يعانون من نزلات معوية حادة.
وطبقاً للمنظري، فإن إجمالي ما دخل إلى القطاع خلال الهدنة من مساعدات لا يلبي الاحتياجات، مشدداً في الوقت نفسه، في تصريحات إعلامية له، على أنه ليس بوسع القطاع الطبي التعامل مع المرضى والمصابين جراء الحرب، وفي ظل إعاقة دخول المستلزمات الطبية الأساسية، وبما يعكس جانباً من حجم معاناة القطاع.
وفيما يخص القطاع الطبي، تشير آخر البيانات الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي لقطاع غزة، إلى وفاة 207 من الكوارد الطبية في غزة (أطباء وممرضين ومسعفين).
بخلاف اعتقال الطواقم الطبية وعلى رأسهم اعتقال مدير عام مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية.
وأفاد المكتب بأن القطاع الصحي مازال يعيش مرحلة بالغة الخطورة في ظل استهداف الجيش الإسرائيلي المستشفيات والمراكز الصحية وكل المؤسسات الطبية، مشيراً إلى تدمير كل المستشفيات في محافظتي غزة وشمال غزة.
وخرج عن الخدمة نتيجة الحرب (26) مستشفى ًو(55) مركزاً صحياً، كما تم استهداف (56) سيارة إسعاف، كذلك خرجت عشرات سيارات الإسعاف عن الخدمة بسبب نفاد الوقود.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي