هل شعرت يوماً وأنت على متن الطائرة أن مذاق الطعام مختلفاً مقارنة بالطعم الطبيعي وهل سألت نفسك عن السبب عندما تكرر ذلك؟
أثبتت دراسات أن هناك اختلاف في إدراك الناس للأطعمة والروائح في الهواء مقارنة بالوضع على الأرض، وذلك مع تأثير انخفاض الضغط على تجربة التذوق.
وأجرى معهد فرانهوفر الألماني لفيزياء البناء دراسة في عام 2011 بالتعاون مع شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا Lufthansa AG، وقالت كيميائية الروائح، أندريا بورداك فريتاغ، التي نفذت الدراسة، إن كل شيء له طعم مختلف في الهواء.
وأضافت: "في الهواء، يكون مذاق الطعام والشراب مماثلًا لما نشعر به عندما نصاب بالبرد".
بسبب جفاف الهواء في المقصورة، يعاني البشر من الجفاف الذي يقلل من كل قطرة رطوبة يحتاجونها من الممرات الأنفية والشعب الهوائية - ولهذا السبب تتغير حاستي التذوق والشم لدينا بشكل كبير على متن الطائرة، حسبما أفاد موقع Food & Wine.
اقرأ أيضاً: دراسة: اتباع النظام الغذائي الكوكبي يقلل خطر الوفاة المبكرة بنسبة 30%
وقال الخبير في علم الذوق، من جامعة بريستول، بيتر بارهام، إنه بالإضافة إلى الضوضاء البيضاء، فإن انخفاض الرطوبة والضغط المنخفض يؤثران على الطريقة والترتيب الذي تنتقل به الجزيئات إلى حواسنا. على ارتفاع 30 ألف قدم، يكون هواء المقصورة أكثر جفافاً من الهواء الموجود في معظم الصحاري. وهذا يضعف حاسة الشم لدينا، والتي يستمد منها معظم ذوقنا، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
لذلك، عندما يتذوق الركاب البيرة في الهواء، تتغير نكهتها لأن البيئة تؤثر على "الطريقة التي يفسر بها الدماغ الإشارات"، كما قال برهام.
كما لا يعتبر ارتفاع ضغط الهواء ومستوى الضوضاء الذي يصل إلى 80 ديسيبل صديقاً لهذه الحواس.
وتعمل الضوضاء الخلفية على متن الطائرة على قمع الطعم الحلو والمالح، كما قال أستاذ علم النفس التجريبي في جامعة أكسفورد، تشارلز سبنس، الذي يقدم المشورة لشركات الطيران بشأن الطعام، وفقاً للصحيفة.
وبحسب الدراسة التي أجراها المعهد الألماني، يعتبر الملح أقل كثافة بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30%، والسكر أقل كثافة بنسبة 15 إلى 20% في الهواء. وهو ما يقلل إحساس تذوقهما.
على النقيض من ذلك، فإن إدراك روائح الفواكه والأحماض أكثر استقراراً في الطائرة. وهذا يعني على سبيل المثال أن نكهة الأطباق الآسيوية، التي لها رائحة قوية جداً على أي حال، تظل ثابتة عند الضغط المنخفض. من ناحية أخرى، تتطلب الأطباق الخفيفة مثل الأسماك أو الدواجن المزيد من التوابل بالملح والأعشاب.
وتقول الدراسة إن هناك أسباب مختلفة وراء اختلاف إدراك الناس للروائح والأذواق في الهواء عنها على الأرض. فمن ناحية، يؤثر انخفاض الضغط في الطائرة على جسم الإنسان: حيث يقل تشبع الأكسجين في الدم، وبالتالي يقلل أيضاً من فعالية مستقبلات الشم والذوق. وفي الوقت نفسه، يؤثر الطيران أيضاً على الإدراك النفسي.
وقالت أندريا بورداك فريتاغ: "إذا كانت البيئة مختلفة، يتغير الإدراك أيضاً". في البيئة غير المألوفة في مقصورة الطائرة، يكون الأشخاص أكثر عرضة للمحفزات الأساسية وأقل عرضة لملاحظة التفاصيل. يؤدي هذا إلى رفع الحدود المطلوبة للتحفيز، مما يؤدي إلى الحاجة إلى حافز أقوى لتحفيز الاستجابة".
اقرأ أيضاً: تناول هذه الأطعمة قد يؤدي إلى الوفاة المبكرة
ووفقًا لمقابلة أجراها موقع نيويورك بوست مؤخراً مع عالم النفس التجريبي في جامعة أكسفورد في إنكلترا، تشارلز سبنس، والذي يدرس كيفية تأثير بعض البيئات والأصوات على الذوق، فإن "ارتداء سماعات الرأس المانعة للضوضاء يمكن أن يجعل مذاق الطعام والشراب أفضل في الهواء".
وقال سبنس: "لولا الملل الذي يشعر به الكثيرون أثناء الطيران، لكانت التوصية الأفضل دائماً هي تناول الطعام على الأرض".
ولكن إذا كنت تريد طعاماً لائقاً في السماء، فاختر شيئاً حاراً أو مالحاً، مثل الطعام المكسيكي أو السوشي.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي