سيناريوهات ضبابية تفرض نفسها على "انتخاب رئيس لبنان".. وهذه أبرز الأسماء المرشحة

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

بعد عامٍ شهد متغيرات إقليمية كبرى نالت بيروت نصيباً وافراً منها، تعود الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان إلى الواجهة، مع جلسة مرتقبة لمجلس النواب في التاسع من شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، لانتخاب رئيس جديد للبلاد، بعد أن ظلّ المنصب شاغراً على مدار عامين.

هذه الجلسة، التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري، تمثل محاولة جديدة للخروج من الفراغ الرئاسي المستمر منذ 2022، وهو الفراغ الذي بات مرآة واضحة لتشظي المشهد السياسي اللبناني وصعوبة التوافق بين القوى السياسية المتناحرة في البلاد.

منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، دخل لبنان في مرحلة من الجمود السياسي والمؤسسي، مع فشل البرلمان في انتخاب رئيس خلال 12 جلسة متتالية، نتيجة الخلافات الحادة بين الكتل النيابية وانعدام التوافق على مرشح جامع.

هذا الفراغ الرئاسي تزامن مع وجود حكومة تصريف أعمال مستقيلة منذ نهاية ولاية عون، وهي حكومة محدودة الصلاحيات، لم تنل ثقة البرلمان المنتخب قبل أشهر من انتهاء ولاية الرئيس.

ألقى هذا الوضع بظلالٍ قاتمة على مؤسسات الدولة كافة؛ مما زاد من تعقيد الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها بيروت، على اعتبار أن  الشلل المؤسسي يحول دون تنفيذ أي إصلاحات ضرورية للحصول على دعم دولي للخروج من الأزمة، مما عمّق معاناة المواطنين الذين يواجهون انهياراً في قيمة العملة الوطنية وارتفاعاً غير مسبوق في معدلات الفقر والبطالة، وهي أوضاع زادتها حدة وخطورة الضربات التي تعرض لها لبنان في 2024 من جانب إسرائيل، والتوترات الأمنية الواسعة بالبلاد.

شاهد أيضاً: لبنان 2024.. اقتصاد متهالك وخسائر بمليارات الدولارات نتيجة الحرب

لم يكن الفراغ الرئاسي في لبنان معزولاً عن التحولات الإقليمية التي شهدتها المنطقة خلال العام 2024؛ فقد تصاعدت الضربات الإسرائيلية على لبنان، بما في ذلك استهداف مواقع حزب الله في لبنان وسوريا، واغتيال قادة بارزين في الحزب، وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصر الله.

هذه الضربات وجهت ضربة قاصمة للمحور الإيراني الذي يواجه رياحاً معاكسة، في ظل المواجهات مع إسرائيل، بعد الهزيمة التي تلقاها في لبنان، وبعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.

في هذا السياق، كان لبنان ساحة للصراع بين المحاور الإقليمية والدولية. فإلى جانب الحضور الإيراني المتراجع، تسعى محاور أخرى بما في ذلك إسرائيل إلى تعزيز نفوذها في لبنان، مستفيدة من حالة الانقسام الداخلي ومن تراجع نفوذ حزب الله.



من هم أبرز المرشحين المحتملين؟

وفيما يُمني اللبنانيون النفس بالخروج من دائرة الفراغ، وبينما تنتظرهم مهام شديدة الصعوبة وتطلعات واسعة في المرحلة المقبلة، بما في ذلك إعادة الإعمار، تُطرح مجموعة من الأسماء على الساحة السياسية كأبرز المرشحين المحتملين لشغل منصب رئيس البلاد، تتفاوت فرصهم بشكل واسع، بينما تظل المفاجآت والسيناريوهات كافة مطروحة على الطاولة، في ظل مشهد سياسي شديد التعقيد، وسط موائمات وتشابكات سياسية تفرض نفسها بقوة.

قائد الجيش العماد جوزاف عون (61 عاماً) والذي يشغل المنصب منذ منذ 8 مارس/ آذار 2017، يُعد الاسم الأبرز، لما يتمتع به من دعم داخلي ، خاصة في ظل دور الجيش كضامن للأمن خلال الفترات العصيبة.

إلا أن ترشيحه يواجه عقبات تتمثل في رفض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، إضافة إلى تردد حزب الله وحركة أمل في دعمه، ورغم تأكيدات حزب الله الأخيرة على أنه لا يمانع ترشحه.

مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله، وفيق صفا، قال قبيل أيام إن الحزب لا يعترض على ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون للرئاسة (القائد الرابع عشر للجيش اللبناني)، بينما اعتبر أن الاعتراض الوحيد هو على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

ويعترض انتخاب عون، عقبة دستورية، إذ أن المادة 49 من الدستور تنصّ على أنه "لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام مدة قيامهم بوظيفتهم، وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد". وقائد الجيش لا يزال في الخدمة الفعلية. لذا يحتاج انتخابه إلى تعديل من مجلس النواب.

انتخاب عون، من دون تعديل دستوري، يحتاج إلى ضمانه ثلثي النواب، أي 86 نائباً من أصل 128، من الدورة الأولى.


هل يكون 2025 "عام إطفاء الحرائق" والتوصل لتسويات؟


من بين الأسماء التي تطرح بقوة أيضاً رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية  (60 عاماً)، والذي شارك بالحكومة لأكثر من مرة وحمل أكثر من حقيبه وزارية، ويحظى بدعم من حزب الله وحركة أمل. ومع ذلك، يواجه رفضاً من الكتل النيابية الأخرى التي ترى في ترشيحه تجاوزاً لمتطلبات المرحلة الحالية.

فرنجية كان كرر مرات عدة أنه قد يسحب ترشيحه لمصلحة عون في حال التوافق عليه.

كما يُطرح اسم اقتصادي بارز على المشهد، وهو جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، كمرشح توافقي قادر على بناء جسور الثقة بين الأطراف المتصارعة. ويكتسب ترشيحه زخماً في حال فشل التوافق على جوزاف عون.

ويبرز اسم رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع (72 عاماً)، والذي يُعد من أبرز المعارضين لحزب الله. بينما ترشيحه يواجه رفضاً قاطعاً من الحزب وحلفائه، مما يجعله خياراً غير واقعي في ظل الظروف الراهنة.

ويظهر إلى الواجهة أيضاً اسم مدير  الأمن العام بالإنابة، إلياس البيسري، والذي يُطرح اسمه كحل بديل في حال استمرار الجمود حول الأسماء الرئيسية المطروحة. لكن العقبة الدستورية ذاتها التي تنطبق على قائد الجيش جوزاف عون تسري عليه.

وتشمل قائمة الأسماء المطروحة أيضاً نواباً مثل نعمة افرام (57 عاماً) الذي يرأس حالياً اللجنة الوطنية للاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط. إضافة إلى رئيس لجنة المال والموازنة في المجلس النيابي إبراهيم كنعان (63 عاماً) وفريد الخازن،  ورجال أعمال مثل سمير عساف (65 عاماً)، والعميد المتقاعد جورج خوري.

ما هي السيناريوهات المحتملة؟

وعملية انتخاب الرئيس اللبناني تتطلب غالبية الثلثين من أصوات النواب (البالغ عددهم 128 عضواً) في الجولة الأولى، بينما يكفي الحصول على الغالبية بأكثر من 50% في الجولات التالية.

تتداخل الأزمة الرئاسية في لبنان مع مشهد إقليمي معقد. فالهزيمة التي تعرض لها المحور الإيراني في لبنان وسوريا أعادت رسم خارطة التحالفات. من جهة، تحاول قوى خارجية تعزيز نفوذها في لبنان من خلال دعم مرشحين يتماهون مع رؤيتها السياسية والاقتصادية. ومن جهة أخرى، لا يزال النفوذ الإيراني حاضراً، مما قد يعرقل التوصل إلى توافق سريع.


2024.. عام التحوّلات الكبرى في الشرق الأوسط


وفي ضوء ذلك، ثمة مجموعة من السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك سيناريو "التوافق الوطني"، من خلال  انتخاب رئيس يتمتع بقبول داخلي وخارجي، قادر على قيادة البلاد في ظل التحولات الراهنة.

فيما لا يزال السيناريو المعاكس يفرض نفسه، والمرتبط بـ "استمرار الفراغ" من خلال فشل جديد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة ويزيد من تدخل القوى الخارجية.

ولا تُستثنى من سلسلة السيناريوهات "الحلول المفاجئة"، في ظل أسماء تفرض نفسها كخيارات غير متوقعة، خاصة في ظل التحركات الدبلوماسية المكثفة.

وبين الأزمات الداخلية والتحولات الإقليمية، يقف لبنان أمام مفترق طرق تاريخي، فالجلسة المنتظرة قد تحمل بوادر حل لأزمة الفراغ الرئاسي، أو تعيد إنتاج مأزق جديد يُبقي البلاد رهينة التجاذبات الداخلية والخارجية.

ويبقى اللبنانيون يترقبون بحذر، آملين أن تكون هذه المحاولة خطوة نحو الاستقرار واستعادة الثقة بمؤسسات الدولة، لا سيما في ظل حركة الاتصالات الدبلوماسية والسياسية المكثفة الحالية. 

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

العلامات

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة