"نصف جهاز الأمن الفدرالي مكلف بحماية الأسد".. هذا ما نقله صحافي مقيم في موسكو يتابع حياة الرئيس السوري السابق العاصمة موسكو-، عن مصادره في أجهزة الأمن الروسية.
وبحسب الصحافي الروسي فإنه "حتى لو كانت هذه النسبة مبالغ بها، فمن الواضح أن الروس يأخذون أمن الأسد وأفراد عائلته على محمل الجد".
وفي التصريحات التي نقلها عنه تقرير لصحيفة "يسرائيل هوم" الإسرائيلية، يُبرر الصحافي المقيم في موسكو -الذي لم يذكر التقرير اسمه- هذه التشديدات الأمنية رغم أن الأسد على بعد آلاف الأميال من سوريا وربما يُعتقد بأنه آمن نسبياً- بقوله: "لا ننسى أن مواطني دول آسيا الوسطى التي كانت ذات يوم جزءاً من الاتحاد السوفييتي يمكنهم دخول روسيا دون تأشيرات، وقد قاتل بعض مواطني هذه الدول في صفوف الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، وانضموا إلى تنظيم الدولة، وخضعوا للتطرف الراديكالي، وعاد بعضهم إلى بلدانهم الأصلية. وقد يأتون إلى موسكو سعياً للانتقام من الرجل الذي قمع رفاقهم الجهاديين".
ولا تغطي وسائل الإعلام الروسية الراسخة أنشطة عائلة الأسد في موسكو. وينقل التقرير عن صحافيين روس قولهم "إن هذا موضوع محظور للتغطية"، مؤكدين أن أي صحافي لن يجرؤ على انتهاك الحظر والإبلاغ علناً عن مكان إقامة أفراد الأسرة، وما يفعلونه، وكيف يبدو روتينهم اليومي.
لكنهم أفادوا بأنه "ليس من المستحيل أن يقرر إحضار المنفي السوري أمام الصحافيين المعتمدين وتقديم رسالة (..) ربما قصة مؤثرة عن مدى روعة الحياة في روسيا.. لكن في الوقت الحالي، ليس لدى السلطات الروسية ما تكسبه من مثل هذا الكشف (..) فالتفاخر بالأسد قد يزعج السلطات السورية الجديدة، ومن ثم يمكن للكرملين أن ينسى حلم الحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في سوريا".
لكن الافتقار إلى الدعاية لم يمنع الدوائر الاجتماعية النخبوية في موسكو من ترديد الشائعات حول تجارب عائلة الأسد في مكان إقامتهم الجديد.
▪️ يخضع الأسد لحماية مشددة من جهاز الأمن الفدرالي الروسي، الذي يعتبر أمنه وأمن عائلته أولوية.
▪️ نقل الأسد معظم ثروته إلى روسيا منذ سنوات، واشترت عائلته 19 شقة فاخرة في موسكو لضمان النفوذ والاستقرار.
▪️ رغم امتلاكه إمكانيات المشاركة في الحياة الاجتماعية بموسكو، فإنه يعيش في عزلة قد تعود لمرض زوجته، أو اكتئابه، أو تعليمات أمنية صارمة.
▪️ يُتوقع أن ينخرط الأسد في الأعمال التجارية عبر أبنائه، وخاصة حافظ الأسد، الذي أنهى دراسته في موسكو ويعدّ رهان العائلة للمستقبل.
يلفت التقرير إلى أن قنوات تيليغرام، وهي أداة فعّالة إلى حد ما في المشهد الإعلامي الروسي الخانق، لم تقف صامدة، إذ تقدم من حين لآخر قطعاً مختلفة من المعلومات. ومن يجمع هذه القطع معاً، كما يفعل الصحافي المقيم في موسكو، يمكنه أن يرسم صورة موثوقة لحياة الحاكم السوري السابق.
ثروة الأسد
يقول الصحافي المقيم في موسكو: إن الثروة التي نقلها الأسد إلى روسيا قبل فترة طويلة تشكل العنصر الأكثر أهمية في وجوده بالبلاد "الأمر بسيط للغاية: بعد حصولك على حق اللجوء، إما أن تكون متسولاً خاضعاً لأهواء الدولة المضيفة، أو تكون ثرياً.. يمكنك شراء النفوذ، وترويض وكالات إنفاذ القانون وما إلى ذلك - كل هذا طالما أنك لا تبالغ، وتتبع قواعد اللعبة.. سوف يتعلم بشار الأسد قواعد اللعبة. في الواقع، ربما تعلمها بالفعل".
وبحسب الصحافي المقيم في موسكو، اشترت عائلة الأسد ما لا يقل عن 19 شقة مختلفة في مختلف أنحاء مدينة موسكو على مر السنين. وكان سعر الشقة العادية في أبراج مدينة موسكو حوالي 2 مليون دولار في ذلك الوقت، لكن ممثلي الأسد فضلوا الوحدات القياسية الأعلى من المعتاد.
وأضاف أن عمليات الشراء منحت أفراد عائلة الأسد الممتدة أكثر من مجرد قناة استثمارية جذابة - فقد شكلت ما لا يقل عن تذكرة دخول إلى نادي النخبة في موسكو. فمدينة موسكو هي رمز للمكانة، ومع الرمز تأتي الامتيازات المرتبطة بها.
وتبعاً لذلك، ورغم أن الأسد ومع امتلاكه أسباب المشاركة في الحياة الاجتماعية الثرية في موسكو، إلا أنه يتجنبها تماما حتى الآن، فبحسب الصحافي المقيم في العاصمة الروسية "ربما يكمن التفسير في مرض زوجته أسماء الأسد الخطير، أو ربما يكون الأسد نفسه مكتئباً بعد فقدانه السلطة، أو ربما يتلقى تعليمات من أجهزة الأمن الروسية بعدم الخروج دون داع بسبب خطر الاغتيال".
غياب
ويردف: "لا أعرف التفسير الصحيح، لكن هناك شيء واحد لا جدال فيه: لم ير أحد الأسد في حفلات أو مناسبات أخرى متألقة تفتخر بها النخبة في موسكو".
ووفق التقرير فإن "سرطان الدم الذي أصاب أسماء الأسد تفاقم، وأنها الآن في عزلة تامة في أحد المرافق الطبية المرموقة في موسكو لتقليل مخاطر العدوى". فضلاً عن ذلك، فمن المشكوك فيه ما إذا كان الأسد قد تكيف مع وضعه الجديد كمنفى ثري يقضي أيامه في الحفلات.
اقرأ أيضاً: سوريا بعد سقوط الأسد.. إجراءات انتقالية وتطلعات وتحديات مستقبلية (خاص CNBC عربية)
وإلى ذلك، يتنبأ الصحافي بأن "الأسد سوف يخوض غمار الأعمال التجارية، إن لم يكن شخصياً فمن خلال أبنائه.. وقد تم بالفعل بناء الأساس له، استناداً إلى الأموال النقدية التي تم نقلها جواً من سوريا قبل عدة سنوات (250 مليون دولار من الأوراق النقدية، يبلغ وزنها الإجمالي طنين، نٌقلت إلى موسكو في أكثر من 20 رحلة جوية)".
ووفق التقرير، فإن آمال العائلة ترتكز على حافظ الأسد، الابن الأكبر لبشار، الذي أكمل دراساته للدكتوراه في جامعة موسكو الحكومية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وبفضل دراسته، يفهم الثقافة الروسية، وهو معروف هناك أيضاً.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي