نحو 29 مليون ناخب كندي توجهوا إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات الفدرالية لاختيار رئيس الحكومة الـ43، وسط توترات سياسية تلقي بثقلها على الواقع الاقتصادي.
وتسود هذه الانتخابات هواجس الناخبين حول تحديد هوية القيادي الذي سيواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. واختيار أفضل من يدافع عن المصالح الكندية في هذه المرحلة المفصلية.
وتنحسر الأفضلية بمتنافسين، مع تقدم مرشح الحزب الليبرالي ورئيس الوزراء الحالي، مارك كارني، على زعيم حزب المحافظين بيار بوالييفر.
وفقاً لانتخابات كندا، فقد صوت بالفعل حوالي 7.3 مليون شخص، أي ما يقرب من ربع جميع الناخبين المؤهلين في البلاد، في الانتخابات المسبقة.
أثر ترامب
في وقت سابق، حثّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكنديين على التصويت لتصبح كندا "الولاية الحادية والخمسين العزيزة على قلوبنا"، وذلك في منشور على حسابه على موقع "تروث سوشيال".
رداً على ذلك، حثّ زعيم الحزب المحافظ، بيير بويليفر، ترامب على "البقاء بعيداً عن انتخاباتنا"، مضيفاً أن كندا "لن تكون أبداً الولاية الحادية والخمسين".
وفي إشارة واضحة إلى ترامب، صرّح زعيم الحزب الليبرالي، مارك كارني، للكنديين بأن كندا هي من يقرر "ما يحدث هنا".
في مقطع فيديو نُشر على منصة "إكس"، قبل توجهه إلى قلم الاقتراع دعا كارني الجمهور إلى اختيار "الوحدة والقوة" في مواجهة "الأزمة في الولايات المتحدة"، والتي يقول إنها لا تتوقف عند الحدود الكندية.
وقال إن الولايات المتحدة "قد تصبح منقسمة وضعيفة، لكن هذه هي كندا".
بين المحافظين والليبراليين
وكان من المتوقع أن يحقق المحافظون فوزاً كاسحاً في أي انتخابات مع بداية العام، قبل أن تؤدي رسوم ترامب الجمركية وتصريحاته الساخرة عن جعل كندا "الولاية الحادية والخمسين" إلى قلب المشهد السياسي، مما أعاد الزخم إلى حزب الليبراليين بقيادة مارك كارني.
وتُظهر استطلاعات الرأي النهائية تقدماً طفيفاً لليبراليين، رغم أن الفارق تقلص خلال الأسبوع الأخير، فيما يؤكد زعيم المحافظين بيير بويليفر أن حزبه قادر على الفوز.
وقد اختتمت الحملة الانتخابية التي استمرت 36 يوماً على نغمة حزينة، مع تفاعل قادة الأحزاب مع حادثة الدهس بالسيارة مساء السبت، التي أودت بحياة 11 شخصاً في فانكوفر.
ألغى رئيس الوزراء الكندي الحالي، مارك كارني، زيارة كانت مقررة إلى مدينة هاميلتون صباح الأحد، ليتوجه بخطاب إلى الأمة عقب الهجوم الذي شهد اندفاع سيارة رباعية الدفع نحو حشد خلال مهرجان محلي للجالية الفلبينية.
اقرأ أيضاً: كندا.. كارني يتقدم في استطلاعات الرأي ويطلب تفويضاً للتصدي لتهديدات ترامب
وفي المقابل، أضاف زعيم المحافظين بيير بويليفر محطة انتخابية جديدة في ميسيساغا، إحدى ضواحي تورونتو، للتواصل مع أفراد من الجالية الفلبينية هناك.
وفي وقت لاحق من اليوم ذاته، كثف كارني نشاطه الانتخابي من خلال سلسلة فعاليات في ثلاث مقاطعات: ساسكاتشوان وألبرتا وكولومبيا البريطانية، في محاولة أخيرة لحشد الأصوات في غرب كندا، حيث يحظى المحافظون بدعم أوسع.
وقد أثارت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الجار الشمالي، إلى جانب تهديداته المتكررة بضم كندا بوصفها "الولاية الحادية والخمسين"، موجة من الغضب العميق ومشاعر وطنية كندية متأججة. وظهر ذلك جلياً عندما أطلق مشجعو رياضة الهوكي صيحات الاستهجان أثناء عزف النشيد الوطني الأميركي قبيل المباريات، في مؤشر على مدى التدهور المفاجئ في علاقات البلدين التي اتسمت بالاستقرار لعقود طويلة.
هيمن ترامب على أجواء الحملة الانتخابية، إذ باتت الانتخابات، في نظر كثيرين، بمثابة استفتاء على كيفية تعامل كندا مع الرئيس الأميركي الذي بدأ ولايته الثانية حديثاً في البيت الأبيض.
وخلال جولاته الانتخابية، تحدث كارني، البالغ من العمر 60 عاماً، كثيراً عن الحاجة إلى مواجهة ما وصفه بـ"التهديد الوجودي" الذي يشكله الرئيس ترامب، قائلاً إن الأخير "يحاول تحطيمنا ليستحوذ علينا".
وقدم كارني نفسه باعتباره الأقدر على قيادة البلاد في ظل الأزمة الراهنة، مستنداً إلى خبرته السابقة كمحافظ للبنك المركزي الكندي خلال فترة الركود الكبير، وكحاكم لبنك إنكلترا خلال مرحلة البريكست.
وفي محطة انتخابية له بمدينة ساسكاتون يوم الأحد، شدد كارني على أن كندا ينبغي أن تعزز علاقاتها مع "شركاء تجاريين موثوقين" مثل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، مشيراً في وقت سابق خلال الحملة إلى أن "العلاقة القديمة" التي جمعت كندا بالولايات المتحدة "قد انتهت".
📌الكنديون🇨🇦 يتوجهون اليوم الاثنين إلى صناديق الاقتراع في انتخابات محورية شهدت تحولاً جذرياً بفعل تدخلات الرئيس الأميركي دونالد ترامب🇺🇸
— CNBC Arabia (@CNBCArabia) April 28, 2025
📌كان من المتوقع أن يحقق المحافظون فوزاً كاسحاً في أي انتخابات مع بداية العام، قبل أن تؤدي رسوم ترامب الجمركية وتصريحاته الساخرة عن جعل كندا… pic.twitter.com/OnTA71v0n1
في الأثناء، أجرى زعيم المحافظين بيير بويليفر محطاته الانتخابية الأخيرة في أونتاريو، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تأخر حزبه عن الليبراليين. وتُعد المقاطعة الأكبر من حيث عدد السكان موطناً لـ122 مقعداً في البرلمان من أصل 343 مقعداً، ما قد يغير مسار الانتخابات. ويتطلب تشكيل حكومة أغلبية الفوز بـ172 مقعداً. ويشغل الليبراليون حالياً 152 مقعداً، وهو العدد الأكبر بين الأحزاب، لكنهم بحاجة إلى تحقيق مكاسب إضافية كبيرة لضمان السيطرة على مجلس العموم.
وتركز خطاب بويليفر خلال الحملة على ما أسماه "عقداً ليبرالياً ضائعاً" تحت قيادة رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو، الذي استقال في وقت سابق من هذا العام بعدما تراجعت شعبية حزبه في استطلاعات الرأي.
واعتمد زعيم المحافظين على مشاعر الاستياء العام من ارتفاع تكاليف الإسكان، وتدهور القدرة الشرائية، وتزايد معدلات الجريمة، ليطرح نفسه كالتغيير الذي تحتاجه كندا.
وقال لأنصاره خلال محطة انتخابية في مدينة بيتر بورو شمال شرق تورونتو: "نحتاج إلى التصويت من أجل التغيير كي تتمكنوا من شراء الغذاء والمساكن".
ومع تحول الانتخابات إلى سباق ثنائي بين المحافظين والليبراليين، كافحت الأحزاب الصغيرة لتحقيق أي اختراق ملحوظ.
ويواجه الحزب الديمقراطي الجديد (NDP) ذي التوجهات اليسارية، بقيادة جاغميت سينغ، احتمال خسارة عدد من مقاعده، إذ يتراجع خلف حزب الكتلة الكيبكية الانفصالي الذي يخوض الانتخابات حصراً في مقاطعة كيبيك الناطقة بالفرنسية.
وألغى سينغ عدداً من فعالياته الانتخابية يوم الأحد في أعقاب الهجوم المميت في فانكوفر. وكان زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، الذي يترشح لإعادة انتخابه في إحدى الدوائر الانتخابية بمنطقة فانكوفر، قد التقى مؤيديه في مهرجان لابو لابو قبل دقائق قليلة من وقوع الهجوم. وبدت عليه مشاعر التأثر الشديد عندما تحدث إلى وسائل الإعلام لاحقاً.
وخلال الحملة الانتخابية، دعا سينغ الكنديين إلى التصويت لمرشحي حزبه لضمان وجود قوة رقابية على السلطة في أوتاوا.
اقرأ أيضاً: احتجاج بمذاق القهوة في كندا.. "كنديانو" بدلًا من "أمريكانو"!
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي