صنع في الصين.. رسوم ترامب الجمركية تهدد احتفالات عيد الميلاد في أميركا

نشر
آخر تحديث
مصدر الصورة: AFP

استمع للمقال
Play

على مدار سنوات، كانت سلع عيد الميلاد تصل إلى رفوف المتاجر الأميركية في وقت مبكر، إذ يسعى تجار التجزئة للاستفادة من موسم العطلات المربح، وهي ظاهرة تُعرف في قطاع التجزئة باسم «زحف عيد الميلاد».

لكن الرسوم الجمركية قد تكون «الغول» الذي يعكر أجواء الاحتفالات في نهاية العام، إذ تحاول المصانع الصينية ومشترُوها الأميركيون التعامل مع حالة عدم اليقين بشأن التعرفة لضمان تزويد الأسواق الأميركية بالسلع في الوقت المناسب لموسم عيد الميلاد.

فبعد وقت قصير من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 2 أبريل نيسان، عن رسوم جمركية واسعة النطاق، شملت تعرفة بنسبة 34% على الواردات من الصين، تم رفعها لاحقاً إلى 145%، أوقف العديد من تجار التجزئة الأميركيين طلباتهم من الموردين الصينيين، ما دفع المصانع إلى تعليق الإنتاج، وفقاً لمقابلات أجرتها CNBC.

ومع ذلك، يقول ممثلون عن القطاع إن بعض المصانع استأنفت الإنتاج خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما فاقت المخاوف من خسارة الفرص التجارية واضطرابات الأعمال حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم.

وقال كاميرون جونسون، الشريك البارز في شركة الاستشارات «تايدال ويف سولوشنز» ومقرها شنغهاي، في مقابلة هاتفية يوم الثلاثاء: «إذا لم تبدأ بالإنتاج خلال الأسبوعين المقبلين، فستفقد موسم الجمعة السوداء وعيد الميلاد».

وأضاف: «يحاول الطرفان إبداء قدر من المرونة»، مشيراً إلى أن «تجار التجزئة بدأوا يدركون أنه إذا توقفت سلاسل الإمداد، فسيكون من الأصعب بكثير إعادة تشغيلها».

 

اقرأ أيضاً: بسبب الرسوم الأميركية.. نشاط المصانع في الصين يهبط لأدنى مستوى في عامين خلال أبريل

 

وصف جونسون كيف أن توقّف الطلبات، على سبيل المثال، من مصنع لصناعة الملاعق يؤثر على الشركة التي تقوم بدرفلة الفولاذ، وكذلك على مصهر خام الحديد، قائلاً: «سلاسل الإمداد هذه، خاصة في مراحلها الأولى (المصبّ الأعلى)، بدأت أيضاً في التوقف. وإذا أُغلِقت هذه الحلقات، حتى في حال التوصل إلى اتفاق ما، فسيستغرق الأمر وقتاً لإعادة تشغيل الأمور».

وعلى الرغم من محاولات بعض الموردين إعادة توجيه السلع المصنوعة في الصين عبر دول أخرى، فإن استبدال سلاسل الإمداد الحالية وجداول الشحن ليس بالأمر الذي يمكن تحقيقه بين ليلة وضحاها. ووفقاً لتحليل أجرته «غولدمان ساكس» في وقت سابق من أبريل نيسان، فإن 36% من الواردات الأميركية من الصين لا يمكن تأمين أكثر من 70% منها إلا من الموردين داخل البر الرئيسي الصيني.

وضرب رونو أنجوران، الرئيس التنفيذي لشركة «أجيليان تكنولوجي» المتخصصة في تصنيع الإلكترونيات في الصين، مثالاً على ذلك، قائلاً إن المنتجات الإلكترونية يجب أن تُشحن من الصين بحلول أوائل سبتمبر أيلول لتصل إلى الأسواق الأميركية مباشرة بعد عطلة عيد الشكر في نهاية نوفمبر تشرين الثاني، وذلك بعد احتساب فترات التخليص الجمركي وسلاسل التوزيع. وأوضح أن شركته، التي تتخذ من غوانغدونغ مقراً لها، ترسل نصف إنتاجها إلى السوق الأميركية.

وأضاف أنجوران أن عملية التصنيع والاختبار والتجميع والتغليف تستغرق نحو ستة أشهر، ما يعني أن الموردين كان ينبغي أن يبدؤوا الاستعداد لهذه الطلبات منذ شهر مارس آذار.

 

تخزين البضائع تحسباً للرسوم الجمركية

 

بدأ العديد من المشترين الأميركيين منذ أواخر العام الماضي بتخزين البضائع، تحسّباً لارتفاع الرسوم الجمركية بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض. ونتيجة لهذا «التحميل المسبق»، ارتفعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 9.1% في مارس آذار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لحسابات شبكة CNBC استناداً إلى بيانات الجمارك الرسمية، فيما تراجعت الواردات من الولايات المتحدة بنسبة 9.5% على أساس سنوي. ومن المقرر صدور بيانات التجارة لشهر أبريل نيسان في التاسع من مايو أيار.

لكن هذا الاتجاه بدأ يتراجع مؤخراً. إذ انخفض عدد سفن الحاويات المتجهة من الصين إلى الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الأسابيع القليلة الماضية، بحسب رصد بنك «مورغان ستانلي» لمؤشرات الشحن عالية التواتر. كما قفز عدد الشحنات الملغاة 14 مرة خلال الأسابيع الأربعة الممتدة من 14 أبريل نيسان إلى 5 مايو أيار، مقارنة بالفترة من 10 مارس آذار إلى 7 أبريل نيسان، بحسب البنك الاستثماري.

وفي أبريل نيسان، تراجع مؤشر طلبات التصدير الجديدة من المصانع الصينية إلى أدنى مستوى له منذ أواخر عام 2022، وفقاً لمكتب الإحصاءات الوطني الصيني.

وقال رونو أنجوران: «حالياً، لا نتلقى الكثير من طلبات الشراء من العملاء الأميركيين للأشهر المقبلة». وأوضح أن معظم عملائه كانوا قد خزّنوا مخزونات تم شحنها إلى الولايات المتحدة قبل عطلة رأس السنة الصينية في نهاية يناير كانون الثاني، مع بعض الطلبات القليلة التي وردت في مارس وآذار وأبريل نيسان.

 

اقرأ أيضاً: رغم نفي بكين وجود مفاوضات تجارية.. ترامب يؤكد عقد اجتماع بين أميركا والصين

بعض المشترين الأميركيين ينتظرون ما إذا كانت الرسوم الجمركية ستنخفض إلى مستوى مقبول في مايو أيار قبل استئناف الشحنات، بحسب ما صرّح به ريان تشاو، مدير شركة «جيانغسو غرين ويلو تكس تايل» لشبكة CNBC، موضحاً أن الشركة علّقت حالياً الإنتاج الخاص بطلبات عملائها في الولايات المتحدة.

وأشارت تقارير حديثة إلى وجود بعض التخفيف في الرسوم الجمركية على أرض الواقع، في ظل مساعي الحكومتين الأميركية والصينية للتقليل من الآثار الاقتصادية للرسوم العقابية. وذكرت التقارير أن الصين منحت إعفاءات جمركية لبعض السلع الأميركية، بما يشمل المستحضرات الصيدلانية والمعدات الجوية وأشباه الموصلات وواردات الإيثان.

وفي خطوة جديدة لتخفيف القيود، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يقضي بإعفاء واردات السيارات وقطع الغيار من رسوم جمركية إضافية، بعد خطوة سابقة تمثّلت في التراجع عن فرض رسوم على مجموعة من المنتجات الإلكترونية، بما فيها الهواتف الذكية والحواسيب والرقائق.

 

آمال تخفيف الرسوم الجمركية

 

رغم القلق بشأن هوامش الربحية، تحاول بعض الشركات التوازن عبر استئناف جزئي للطلبات من الصين بدلاً من مواجهة رفوف فارغة، وفقاً لما قاله كاميرون جونسون من شركة «تايدالويف سولوشنز».

وصرّح مارتن كرولي، نائب رئيس تطوير المنتجات في شركة الألعاب الأميركية «توي سميث»، في رسالة بريد إلكتروني يوم الثلاثاء: «أخبرتني بعض المصانع أن مستوردين أميركيين طلبوا استئناف الإنتاج في محاولة لتوقيت محتمل لتخفيف الرسوم الجمركية». ووفقاً لموقع الشركة، فإنها تحثّ العملاء على تقديم طلباتهم بحلول 16 مايو أيار، ليتم الشحن بحلول 31 يوليو تموز، «لتثبيت الأسعار الحالية غير الخاضعة للرسوم».

وأضاف كرولي أن العديد من المصانع في مراكز التصنيع في ييوو وشانتو ودونغقوان تلقّت في الأيام الأخيرة موافقات من شركتي وولمارت وتارغت لاستئناف الإنتاج. ولم ترد الشركتان فوراً على طلب من شبكة CNBC للتعليق.

في الوقت ذاته، يقوم بعض عملاء شركة «أجيليان» بتقديم طلبات صغيرة نسبياً، على أمل أن تنخفض معدلات الرسوم الجمركية بحلول الوقت الذي تصل فيه المنتجات إلى الموانئ الأميركية.

لكن، وفي حال حصول اختراق في المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين واندفع المستوردون لتقديم طلباتهم، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن.

وقال رونو أنجوران: «من الممكن التسريع وترتيب الإنتاج بسرعة إذا لم تكن الكميات كبيرة... ولكن إذا اندفع جميع العملاء الأميركيين في الوقت ذاته، فإن المصانع ستُرهق، وسترتفع تكلفة الشحن الجوي بشكل كبير».

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة