تترقب الساحة الخليجية زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الجاري، تشمل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، في جولة خليجية تحمل ملفات اقتصادية واستراتيجية متشابكة.
غير أن ملف العلاقات التكنولوجية يبرز هذه المرة كأحد أبرز محاور النقاش، لا سيما بين أبوظبي وواشنطن، لا سيما في ظل محطات بارزة من الشراكة المتنامية بين البلدين في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، والتي باتت تشكل ركيزة أساسية في صياغة ملامح المستقبل الاقتصادي والاستراتيجي للطرفين.
يأتي ذلك في وقت تخطط فيه الإمارات إلى استثمار "عشرات المليارات من الدولارات" في الولايات المتحدة و"وضع نفسها كقائد عالمي في التكنولوجيا الناشئة" وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية هذا الأسبوع، كشف عن أنه "من المقرر أن تتوسع مجموعة الذكاء الاصطناعي G42 في أبو ظبي في الولايات المتحدة".
وفق التقرير، ونقلاً عن مصادر مطلعة، فقد أنشأت شركة الذكاء الاصطناعي مؤخراً شركة أميركية كجزء من خطوة لزيادة وجودها في واشنطن.
يأتي ذلك في خطٍ متوازٍ مع الاستثمارات والشراكات الضخمة التي أُبرمت بين شركات عملاقة مثل مايكروسوفت، وكوالكوم، وإنفيديا، وشركات إماراتية رائدة مثل G42 وداماك و"بريسايت"، والتي تحولت إلى مكونات رئيسية في معادلة الشراكة "الذكية" بين البلدين.
ومع اقتراب موعد الزيارة، تتجه الأنظار إلى طبيعة الاتفاقات والفرص الجديدة التي ستُطرح على الطاولة، خاصة في ظل المنافسة العالمية على ريادة الذكاء الاصطناعي، ورغبة الإمارات في ترسيخ موقعها كلاعب محوري في مشهد التكنولوجيا العالمي بالشراكة مع الولايات المتحدة.
يأتي ذلك أيضاً مع تناقل أنباء بشأن قرار أميركي محتمل لتخفيف القيود على رقائق "إنفيديا" إلى الإمارات، وبما يتيحه ذلك من فرص للدولة الخليجية، ويدفع العلاقة مع واشنطن نحو مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي في مجال التكنولوجيا المتقدمة، لا سيما الذكاء الاصطناعي.
محطات عديدة شهدتها الأشهر القليلة الماضية في مسار تلك الشراكة، اتصالاً بمحطات سابقة أخرى خلال السنوات الماضية.. فما أبرزها؟
استثمار مايكروسوفت
في أبريل/ نيسان 2024، أعلنت شركة مايكروسوفت عن استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة G42 الإماراتية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي. تضمنت الصفقة انضمام رئيس مايكروسوفت، براد سميث، إلى مجلس إدارة G42، مع التزام الشركتين بتوسيع البنية التحتية الرقمية في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا الوسطى، وتعزيز استخدام منصة مايكروسوفت السحابية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
في نفس الشهر، أعلنت G42 عن شراكة استراتيجية مع شركة كوالكوم الأميركية، تهدف إلى دمج منتجات كوالكوم للذكاء الاصطناعي السحابي في منصة "كوندور" التابعة لـ G42، مما يعزز قدراتها في معالجة البيانات والتعلم الآلي.
شراكة
في يونيو/ حزيران 2024، وقعت شركة World Wide Technology الأميركية اتفاقية مع NXT Global الإماراتية لإنشاء أول مركز تكامل للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر بأبوظبي، بهدف تطوير حلول مبتكرة في مجالات متعددة.
كما أعلنت شركة "بريسايت" الإماراتية في يوليو/ تموز 2024 عن شراكة مع شركة Wand AI الأميركية، تهدف إلى نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع في المؤسسات الإماراتية، مما يعزز من قدراتها التكنولوجية.

إطار تعاون مشترك
في سبتمبر/ أيلول 2024، أعلنت الإمارات والولايات المتحدة عن إطار تعاون مشترك في مجال الذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تعزيز تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وموثوق، مع التركيز على الابتكار والتنمية المستدامة.
في نفس الشهر، أعلنت G42 عن شراكة مع شركة إنفيديا الأميركية لتطوير حلول متقدمة في مجال تكنولوجيا المناخ والطقس، باستخدام منصة Earth-2 التابعة لإنفيديا، مما يسهم في تحسين دقة التنبؤات الجوية عالمياً.
اقرأ أيضاً: بالأرقام.. العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والسعودية
كما أعلنت كل من "إم جي إكس" الإماراتية، و"بلاك روك"، و"جلوبال إنفراستركتشر بارتنرز"، و"مايكروسوفت" عن إطلاق شراكة عالمية تهدف إلى استثمار ما يصل إلى 100 مليار دولار في مراكز البيانات والبنية التحتية للطاقة، لدعم نمو الذكاء الاصطناعي.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استثمار شركة داماك الإماراتية بقيمة 20 مليار دولار في بناء مراكز بيانات في الولايات المتحدة، مما يعكس الثقة المتبادلة بين البلدين في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
تعكس هذه الشراكات والاستثمارات المتبادلة التزام الإمارات والولايات المتحدة ببناء مستقبل مشترك في مجال الذكاء الاصطناعي، يقوم على الابتكار والتعاون والمسؤولية.
وأعلن البيت الأبيض أن الإمارات التزمت بإطار عمل استثماري مدته 10 سنوات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، وذلك بعد لقاء عقده ترامب مع مستشار الأمن القومي طحنون بن زايد آل نهيان في واشنطن.
وتشمل القطاعات الرئيسية لاستثمارات الإمارات في الولايات المتحدة ، الطاقة المتجددة، والاتصالات، والطاقة، والعقارات، والخدمات البرمجية، إضافة إلى تكنولوجيا المعلومات.
ووفق بيانات نشرتها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام"، فإن استثمارات الإمارات المباشرة في الولايات المتحدة الأميركية بلغت حوالي 3.7 مليار دولار بين عامي 2018 و2023، بينما بلغت استثمارات الولايات المتحدة في الإمارات حوالي 9.5 مليار دولار خلال المدّة ذاتها.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي