تسعى إدارة ترامب إلى الموافقة على بيع مئات الآلاف من رقائق الذكاء الاصطناعي لشركتين مرتبطتين بحكومات في الشرق الأوسط، في محاولة لبناء حصن منيع ضد الصين، وتمكين المنطقة من التحول إلى قوة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ووفقًا لمصدرين مطلعين على المفاوضات لواشنطن بوست، إن هذه الاتفاقيات، التي قد تُبرم خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المنطقة، ستُتيح لشركة G42 الإماراتية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، ولشركة Humain السعودية التي أُعلن عنها مؤخرًا، الحصول على رقائق أميركية الصنع.
اقرأ أيضاً: إدارة ترامب تبدأ خطة للتوسع في التنقيب عن النفط والغاز في البحر
وأشار مصدر ثالث، فضّل أيضًا عدم الكشف عن هويته، إلى أن جزءًا من هذه الرقائق سيُباع عبر شراكة جديدة بين G42 وشركة OpenAI، بينما سيُباع جزء آخر مباشرةً إلى G42. وكانت صحيفة نيويورك تايمز أول من كشف عن هذه الصفقات، ولم يصدر تعليق رسمي من البيت الأبيض حتى الآن.
كما وافقت إدارة ترامب على مذكرة تفاهم بقيمة 9 مليارات دولار بين شركة أميركية وشركاء سعوديين، لاستخراج ومعالجة معادن حيوية تُستخدم في الصناعات التحويلية المتقدمة، والطاقة، والدفاع، بحسب شاهال خان، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "بورخان وورلد" الأميركية للاستثمارات، وهي أحد الأطراف المشاركة في الصفقة. وبحسب وثائق حصلت عليها واشنطن بوست، ستتولى شركة سعودية تُدعى "جراند ماينز ماينينغ" عمليات التنقيب عن الليثيوم والكوبالت والعناصر الأرضية النادرة في المملكة وأماكن أخرى مثل أفريقيا، مع إمكانية تصدير هذه الموارد إلى الولايات المتحدة.
ويمثل السماح بتصدير كميات كبيرة من رقائق أشباه الموصلات – وهي مكونات حيوية لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، والتصنيع المتقدم، والأسلحة المدعومة بالذكاء الاصطناعي – تحولًا لافتًا في السياسة الخارجية الأميركية. فقد فرضت إدارة بايدن قيودًا مشددة على تصدير هذه الرقائق إلى الدولتين بسبب مخاوف من علاقاتهما الوثيقة مع الصين والحكومات الاستبدادية.
وكانت الولايات المتحدة قد سمحت سابقًا بتصدير هذه الرقائق بوتيرة محدودة، مع خطة لتدقيق مراكز البيانات على مراحل، بالإضافة إلى قيود تقنية أخرى.
وقد أسهمت الثروات النفطية الهائلة في المنطقة، إلى جانب وفرة الطاقة الكهربائية، في تعزيز التعاون بين الحكومات الخليجية وشركات وادي السيليكون، خاصة في قطاع الذكاء الاصطناعي. وأجازت الحكومة الأميركية بعض هذه الشراكات بشروط محددة. على سبيل المثال، نصت اتفاقية وُقّعت العام الماضي بين مايكروسوفت وG42، بالتعاون مع حكومتي الولايات المتحدة والإمارات، على إزالة جميع معدات هواوي – المنافس الصيني الأبرز – من أنظمة G42، إضافة إلى قيود أخرى.
اقرأ أيضاً: استجابة للتعرفات .. هوندا تعتزم شراء بطاريات تويوتا أميركية الصنع
وتعتقد إدارة ترامب، وفقًا لمصدر مطلع، أن تسريع مبيعات الرقائق يخدم المصالح الأميركية، من خلال تعزيز الارتباط الاستراتيجي مع المنطقة، والمساهمة في توسع الشركات الأميركية.
ومن المتوقع أن تعزز الوتيرة الجديدة في تصدير الرقائق قدرات الذكاء الاصطناعي في دول المنطقة، ما يمنحها أفضلية نسبية في سباق التسلح العالمي في هذا المجال. وعلّق سام وينتر ليفي، الزميل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمتخصص في قضايا التكنولوجيا والجغرافيا السياسية، قائلاً:
"لقد أمضينا نصف قرن نحاول تقليص اعتمادنا على هذه الدول بسبب تحكّمها في إمدادات النفط، فلماذا نعيد بناء التبعية؟"
وأضاف: "أنتم تنقلون تكنولوجيا استراتيجية – قوة الحوسبة – إلى الخارج، وتخلقون مصادر جديدة للاعتماد على أنظمة استبدادية لها علاقات وثيقة مع الصين وروسيا."
ويشارك في الاجتماعات الجارية هذا الأسبوع كبار قادة التكنولوجيا في المنطقة، من بينهم ديفيد ساكس، قيصر الذكاء الاصطناعي في إدارة ترامب، وأندرو فيلدمان، الرئيس التنفيذي لشركة Cerebras Systems، وسام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، والملياردير إيلون ماسك، المستشار والمموّل البارز لحملة ترامب، وفقًا لمصدرين مطلعين.
منذ بداية ولايتها، عملت إدارة ترامب على التوسط في استثمارات ضخمة لبناء بنية تحتية أميركية لمراكز البيانات، ممولة من جهات سعودية وإماراتية. وقد دفعت التكاليف الباهظة لإنشاء هذه المراكز شركات وادي السيليكون إلى البحث عن تمويل خارجي، غالبًا ما يُشترط فيه بناء قدرات محلية في دول الخليج كجزء من الصفقة.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي