شهدت العديد من البلدات الإيطالية الصغيرة ضجة كبيرة خلال العامين الماضيين لبيعها منازل شاغرة مقابل يورو واحد، لكن ما السر وراء بيع هذه المنازل بأسعار زهيدة للغاية؟
مع تزايد هجرة الشباب الإيطاليين إلى المدن وميولهم نحو وظائف عصرية وعالمية بدلاً من المهن الريفية والمجتمعية، بدأت العديد من القرى النائية والأجمل في إيطاليا تُهجر تدريجياً، إذ أصبحت تضم أعداداً قليلة من السكان المسنين الذين يبدؤون بالانقراض.
وقد وجد بعض كبار السن في إيطاليا أنفسهم بلا وريث يتركون له منازلهم، فأوصوا بها للسلطات المحلية، التي باتت تتولى مسؤولية تقرير مصيرها. في الوقت نفسه، ورث بعض المواطنين الأصغر سناً منازل في مناطق لا ينوون الانتقال للعيش فيها.
امتلاك منزل ثانٍ في إيطاليا يعني دفع ضرائب، لذا فإن بيع هذه المنازل المهجورة بأسعار زهيدة قد يكون أكثر ربحية من الاحتفاظ بها.
لهذا السبب، تقدّم نحو 25 بلدية إيطالية عرضاً لا يُقاوَم للراغبين في التملّك: منزل بسعر رمزي قدره يورو واحد فقط (نحو 1.14 دولار أميركي).
وتقوم الفكرة على أن إعادة تأهيل هذه المنازل وسكناها خلال السنوات المقبلة يُعدّ أكثر قيمة للبلدات من بيعها بالسعر الكامل.

«لسنا بحاجة إلى إنشاءات جديدة أو إلى مزيد من التوسّع العمراني. الاستراتيجية لتحسين البيئة السكنية واستعادة هويتنا الثقافية، تكمن في إحياء المراكز الصغيرة المهجورة أو إعادة تطوير المباني المتروكة، التي تحمل في طياتها قصصاً من تاريخنا»، بحسب بيان صادر عن موقع «1eurohouses.com».
تأمل السلطات المحلية في مناطق مثل إميليا-رومانيا، وأبروتسو، وكامبانيا، أن يؤدي تدفّق مالكي المنازل الجدد إلى تنشيط الاقتصاد المحلي، من خلال شرائهم للمنتجات المحلية، وتوظيفهم لعمال البناء المحليين، وضخّهم الأموال في المرافق والمعالم المحلية، بل وحتى تعزيزهم للسياحة عبر إنشاء فنادق بوتيك أو نُزُل.
أنت لا تشتري منزلاً جديداً وبراقاً، فالمنازل المشمولة في هذا البرنامج غالباً ما تكون متهالكة وتتطلب أعمال ترميم كبيرة وهيكلية. ما تشتريه في الواقع هو مشروع ترميم واستصلاح، وليس منزلاً جاهزاً للسكن الفوري، بحسب صحيفة Independent البريطانية.
ومع ذلك، تبقى تكاليف الترميم منخفضة نسبياً مقارنةً بدول أخرى، إذ تتراوح بين 20 ألفاً و50 ألف يورو، بحسب حجم العقار.

ورغم أن معظم المنازل المعروضة هي بيوت ريفية بسيطة أو منازل قرى متواضعة، إلا أن بعض العقارات الفخمة أيضاً تُعرض للبيع، وإن كانت بأسعار أعلى بكثير. فعلى سبيل المثال، يُقدّر بائعو دير سابق خارج بولونيا أن تكلفة الترميمات الأساسية قد تصل إلى 1.5 مليون يورو.
اقرأ أيضاً: أعلى المدن تكلفة لشراء منزل
أما الرسوم القانونية لشراء منزل في الخارج، فقد تُضاف إليها ما يصل إلى 3000 يورو، كما تطلب بعض البلديات «رسوم ضمان» تتراوح بين 1000 و10000 يورو، وفقاً للبلدة وتكلفة مشروع الترميم، كإثبات جدّية في التزام المشتري بتحسين العقار.
ومن الجوانب الإيجابية، أن إيطاليا تقدّم ما يُعرف باسم «المكافأة الفائقة»، وهي إعفاء ضريبي يغطي 110% من النفقات المؤهَّلة لأعمال البناء.
ولا يُسمح للمشترين الجدد بتقديم وعود غامضة حول نيتهم ترميم العقار «في المستقبل»، إذ يُشترط عليهم تقديم تفاصيل مشروع الترميم خلال فترة تتراوح بين شهرين و12 شهراً من تاريخ الشراء (بحسب المنطقة)، والبدء في تنفيذ الأعمال خلال سنة واحدة، وإكمالها خلال السنوات الثلاث التالية.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن ليس كل العقارات تُباع فعلياً مقابل يورو واحد فقط؛ فبعض المنازل المحبوبة شهدت منافسات مزايدة، وبيعت مقابل 5000 يورو أو حتى 20000 يورو.
لذا، فهذا البرنامج موجّه لمن لديهم مدّخرات إضافية تتجاوز مجرد اليورو الرمزي.
تختلف القواعد من بلدة إلى أخرى. ففي بلدة موسّوميلي، الواقعة على بُعد 60 ميلاً جنوب مدينة باليرمو في صقلية، يتعين على المشتري أن يكون قادراً مالياً وعملياً على:
*تحمّل جميع النفقات المتعلقة بصياغة عقد البيع (بما في ذلك رسوم كاتب العدل، وتسجيل العقار، وتحويل الملكية).
*إعداد مشروع لترميم العقار خلال سنة واحدة من تاريخ الشراء، والحصول على التصاريح اللازمة لذلك.
*بدء أعمال الترميم خلال شهرين من تاريخ صدور رخصة البناء.
*إتمام الترميم خلال ثلاث سنوات من الشراء.
دفع مبلغ تأمين (وديعة ضمان) قدره 6772 دولار أميركي ويُصادر هذا المبلغ إذا لم تُباشر أعمال الترميم خلال ثلاث سنوات.
وفي موسّوميلي، يحقّ لك تعديل التصميم الداخلي للعقار كما تشاء، بشرط الحفاظ على الواجهة الخارجية كما كانت في الأصل.
وتُشير التفاصيل القانونية الدقيقة إلى أن للمشتري حرية تنفيذ الترميم بنفسه أو الاستعانة بمن يختار من العمال أو الحرفيين.
ومعظم المدن التي تطبق برنامج «منزل بيورو واحد» تفرض متطلبات مالية مشابهة. لذا يجب على من يرغب بالشراء التحقق من الشروط الخاصة بكل بلدة على حدة.
فبعض البلديات تشترط الإقامة في المنزل بعد ترميمه، في حين تسمح أخرى باستخدامه كمنزل عطلات أو كمشروع تجاري صغير مثل نُزُل (B&B).
اقرأ أيضاً: 6 نصائح عليك معرفتها قبل شراء منزل في إيطاليا بسعر يورو واحد
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي