ماذا نعرف عن اقتصاد الهند وهل وصل إلى المرتبة الرابعة عالمياً؟

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

أثارت ادعاءات هندية في الأيام الأخيرة بشأن حجم الاقتصاد الجدل بعد إعلان مسؤول حكومي أن البلاد أصبحت صاحبة رابع أكبر ناتج محلي إجمالي في العالم متجاوزة اليابان، لتأتي بعد الولايات المتحدة، والصين، وألمانيا، لكن خبراء يرون أن هذا الإعلان ربما كان سابقاً لأوانه.

وقال رئيس مركز أبحاث السياسات العامة التابع للحكومة الهندية "Niti Aayog"، بي في آر سوبراهمانيام، خلال مؤتمر صحفي يوم الأحد: "نحن رابع أكبر اقتصاد في الوقت الحالي. اقتصادنا يبلغ أربعة تريليونات دولار في الوقت الحالي، وهذه ليست بياناتي، بل بيانات صندوق النقد الدولي ". وأضاف: " الهند اليوم أكبر من اليابان ".

ويعتقد سوبراهمانيام أن الهند في طريقها إلى إزاحة ألمانيا من مكانتها كثالث أكبر اقتصاد، لتحتل المركز الثاني خلف الولايات المتحدة والصين، في غضون ثلاث سنوات تقريباً.

هل وصل إلى المرتبة الرابعة حقاً؟

يعد الاقتصاد الهندي أحد أسرع الاقتصادات الناشئة نمواً على مستوى العالم، حيث تتراوح معدلات النمو في السنوات الأخيرة بين 6 و7%، ويتميز بتنوعه الكبير مع الجمع بين الزراعة، والصناعات الحديثة، والخدمات عالية التقنية. 

ومن المتوقع بالفعل من جانب صندوق النقد الدولي أن يصل حجم الاقتصاد الهندي إلى 4.187 تريليون دولار خلال العام 2025، بفارق طفيف جداً عن الناتج المحلي الإجمالي لليابان، الذي من المتوقع أن يبلغ 4.186 تريليون دولار.

وعلى الرغم من التوقعات بأن يتجاوز حجم الاقتصاد الهندي نظيره الياباني، إلا أن الأمر يبقى حتى الأيام الأخيرة في إطار التوقعات من صندوق النقد الدولي، ولم يصدر ما يؤكد تحول الأمر إلى واقع بعد.


اقرأ أيضاً: لتعزيز النمو المتباطئ.. البنك المركزي الهندي يخفض معدلات الفائدة 25 نقطة أساس


وتقول كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في بنك الاستثمار ناتيكسيس Natixis في هونغ كونغ، أليسيا غارسيا هيريرو، لصحيفة الإندبندنت، إن بيانات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن الهند لم تتفوق على اليابان بعد بحلول مايو 2025.

وفي ظل التوقعات بأن تتجاوز الهند اليابان هذا العام، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتجاوز حجم الاقتصاد الهندي نظيره الألماني في عام 2028 ليصبح في المركز الثالث بعد الولايات المتحدة والصين، عندما يصل إلى 5.584 تريليون دولار مقابل 5.251 تريليون دولار لألمانيا.

فجوة كبيرة في مستوى المعيشة

مع ذلك يظل الفارق كبير فيما يتعلق بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، الذي يعتبر أحد المؤشرات على قياس مستوى المعيشة، سواء بين الهند واليابان أو بينها وبين ألمانيا، نظراً للفارق الكبير في عدد السكان، ومعدلات التغير فيه أيضاً.

وبحسب توقعات صندوق النقد، يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الهند خلال 2025 إلى 2878 دولاراً مقابل 33956 دولاراً في اليابان، و55911 دولاراً في ألمانيا.

وتشير تلك الأرقام والتوقعات الخاصة بها على مدار السنوات المقبلة أيضاً إلى استمرار فارق الرفاهية بين مواطني ألمانيا واليابان، وبين مواطني الهند على الرغم من فوز الأخيرة المتوقع في صراع حجم الاقتصادات.


اقرأ أيضاً: الهند وباكستان... دولتان نوويتان على حافة الحرب فما هي تداعياتها الاقتصادية والسياسية؟


نمو الاقتصاد الهندي بأسرع وتيرة في السنة

في أحدث البيانات الحكومية المتعلقة بنمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند، سجل الاقتصاد الهندي نمواً بمعدل سنوي أسرع من المتوقع بلغ 7.4% في الربع الرابع من السنة المالية 2024-2025 المنتهي في مارس/ آذار، على الرغم من حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي المتزايدة.

وجاءت قراءة الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع من السنة المالية أعلى بشكل حاد من توقعات النمو البالغة 6.7% التي وضعها خبراء الاقتصاد في استطلاع لوكالة رويترز.

ويمثل ذلك أقوى نمو ربع سنوي في السنة المالية 2025، وفقاً للبيانات الحكومية الصادرة يوم الجمعة. وسجل الاقتصاد الهندي بذلك نمواً بنسبة 6.5% في السنة المالية 2025 بالكامل، بما يتماشى مع تقديرات الحكومة في فبراير/ شباط.

ومن المتوقع أن يصمد نمو الاقتصاد الهندي، وهو ما يعود جزئياً إلى تحسن الطلب الاستهلاكي في المناطق الريفية. 

وساهم الاستهلاك بأكثر من نصف الاقتصاد الهندي، حيث شكلت المناطق الريفية ما يقرب من 40% من إجمالي مبيعات السلع الاستهلاكية في الربع الأول من عام 2025، وفقًا لبيانات شركة أبحاث السوق نيلسن آي كيو.


شاهد أيضاً: في الهند.. شركات التأمين تدرس فرض رسوم إضافية على سكان نيودلهي


أبرز الأرقام المتوقعة للاقتصاد الهندي

بحسب بيانات تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لصندوق النقد الدولي أبريل/ نيسان 2025، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الهندي خلال عام 2025 (ما يعادل السنة المالية 2026) بنسبة 6.2% على أن يصل المعدل إلى 6.3% في العام التالي.

وبالنسبة للتضخم، توقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ بنهاية 2025 في الهند 4.1% وأن ينهي السنة التالية عند نفس المستوى، وذلك مقابل 3.9% في نهاية 2024.

لكن على مستوى متوسط الفترة، فمن المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 4.2% خلال عام 2025 مقابل 4.7% في عام 2024، على أن يصل إلى 4.1% في عام 2026.

ومن المتوقع أن يبلغ عجز ميزان المعاملات الجارية 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2025 مقابل 0.8% في عام 2024، على أن يرتفع إلى 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026.

خفض بنك الاحتياطي الهندي معدلات الفائدة هذا العام مرتين لأول مرة منذ خمس سنوات، لتصل إلى مستوى 6% بعد خفضين بنسبة 0.25% في كل مرة.

وبحسب بيانات أصدرها صندوق النقد في فبراير/ شباط، من المتوقع أن يتراجع مستوى الدين الحكومي من 82.7% (متوقعة) في عام 2024-2025 إلى 81.4% في عام 2025-2026.

كما توقع أن ترتفع الصادرات السلعية إلى 458.7 مليار دولار في 2025-2026 مقابل 443.3 مليار دولار في 2024-2025 (متوقعة) بزيادة 3.5%.

أيضاً توقع الصندوق ارتفاع الواردات السلعية بنحو 5.5% خلال 2025-2026 إلى 768.6 مليار دولار مقابل 728.8 مليار دولار متوقعة في 2024-2025.

ومن المتوقع، بحسب بيانات الصندوق في فبراير، أن يصل الدين الخارجي للبلاد إلى 787.3 مليار دولار في نهاية عام 2025-2026 مقابل 726.5 مليار دولار في نهاية 2024-2025، لكن كنسبة من الناتج المحلي توقع الصندوق انخفاضه إلى 18.6% مقابل 18.9%.


شاهد أيضاً: وسط تصاعد الحرب التجارية.. الهند والسعودية فصل جديد من التقارب الاقتصادي


الحاجة إلى الإصلاحات

تتمتع الهند بعوامل داعمة قوية تدعم اقتصادها، ولكنها تحتاج إلى القيام بالعديد من الإصلاحات لضمان النمو المستدام، بحسب شبكة CNBC.

في حين من المتوقع أن تصبح الهند رابع أكبر اقتصاد في العالم، إلا أن هناك "فجوة هائلة في مستوى المعيشة والبنية الأساسية الاجتماعية والاقتصادية والمادية بين الهند واليابان"، بحسب ما قالته كبيرة الاقتصاديين في شؤون الهند في شركة TS Lombard، شوميتا ديفيشوار.

وأشارت ديفيشوار إلى أن "هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به في الهند لسد هذه الفجوة، ويبدأ ذلك من زيادة الإنفاق الرأسمالي على البنية التحتية مثل شبكات النقل، إلى تحسين الوصول إلى التعليم، ورفع مستوى مهارات القوى العاملة والوظائف بشكل عام".

وذكر استراتيجي الصرف الأجنبي والخبير الاقتصادي في بنك ANZ، ديراج نيم، أن تحول الهند إلى رابع أكبر اقتصاد في العالم هو مجرد "مسار طبيعي للأحداث".

وقال نيم: "هذا لا يعني لي الكثير. الهند الآن خامس أكبر اقتصاد، لكنها ليست مزدهرة بما يكفي، لذا لا بد من بذل المزيد من الجهود لزيادة رخاء المواطنين".

وشدد على ضرورة انفتاح الهند بشكل أكبر على الشركات الأجنبية التي لديها بالفعل حافز للتواجد في البلاد نظراً لانخفاض تكاليفها.

ويقترح نيم أن يُحدد صانعو السياسات القطاعات التي تتمتع فيها الهند بميزة نسبية بشكل استراتيجي، بدلاً من محاولة تصنيع كل شيء. فالتركيز على صناعات مختارة ضمن مجموعة من القطاعات سيضمن امتلاك القوى العاملة للمهارات اللازمة لإنتاج منتجات عالية الجودة، قادرة على منافسة المنتجات المُنتجة في الأسواق الناشئة الأخرى ذات التكاليف المنخفضة.

ويُشدد ديفيشوار على ضرورة أن يضمن صانعو السياسات سرعة تنفيذ الإصلاحات، بما يضمن استدامة النمو. فنقص القدرات والقوى العاملة والبنية التحتية المادية أعاق إطلاق السياسات، لذا فإن التنفيذ الفعال ضروري لتحقيق أهداف طموحة.

وأضاف ديفيشوار: "كانت هناك عقبات وتأخيرات في تنفيذ السياسات، مثل إقرار إصلاحات العمل والإصلاحات الزراعية وغيرها من الإصلاحات غير المكتملة، مما أعاق الإنتاجية  والمخرجات في العديد من القطاعات. نحن بحاجة إلى معالجة ذلك حتى تظل الهند قادرة على المنافسة وتحافظ على مكانتها كأكبر رابع - أو ربما ثالث - اقتصاد في العالم في المستقبل".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة