المغرب.. قراءة في أبرز الفرص والتحديات الاقتصادية على المدى القصير والمتوسط

نشر
آخر تحديث
أعلام مغربية ترفرف قرب رافعات حاويات في المحطة الثانية بميناء طنجة المتوسطي، شمال مدينة طنجة، على مضيق جبل طارق- AFP

استمع للمقال
Play

يبرز المغرب كلاعب إقليمي يحاول أن يجد له موطئ قدم ثابت بين دول شمال إفريقيا والأسواق الناشئة، ورغم التحديات المتزايدة الناجمة عن تقلبات المناخ والضغوط الجيوسياسية المتصاعدة، يبدي الاقتصاد المغربي قدرة لافتة على الصمود والمواجهة، معتمداً على مزيج من الإصلاحات المالية والبرامج التنموية التي تستهدف تعزيز الاستقرار المالي والقدرة الإنتاجية.

في هذا السياق، يقدم تقرير حديث صادر عن مؤسسة "كريدندو" رؤية تحليلية شاملة عن الوضع الاقتصادي في المغرب، مستعرضاً المؤشرات الرئيسية للنمو والمالية العامة، وكذلك التحديات التي تواجه البلاد على المدى المتوسط.

التقرير -الذي أعدّه المحلل أندريس هيرنانديز، ونُشر في الثاني من يونيو/ حزيران-  يسلط الضوء على نقاط القوة التي ساعدت المغرب على تجاوز أزمات السنوات الأخيرة، ويكشف في الوقت نفسه عن المخاطر التي قد تعيق مسار التنمية، في ظل استمرار الاعتماد على قطاعات معرضة للضغط والتأثر السريع بالتغيرات المناخية والاقتصادية العالمية.

أداء اقتصادي كلي قوي ومرن

أبدى الاقتصاد المغربي قدرة على الصمود أمام الصدمات الخارجية المتعددة خلال السنوات الأخيرة. فعقب جائحة كوفيد-19، أظهر المغرب أداءً اقتصاديًا قويًا بشكل عام، مع متوسط نمو للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ 4.1%. وقد تمكنت البلاد، بفضل أساساتها الاقتصادية الكلية الجيدة وسياساتها الاقتصادية الحذرة، من مواجهة الصدمات بشكل أفضل مقارنة بنظيراتها من الاقتصادات في شمال إفريقيا.

وعلى عكس العديد من الاقتصادات الناشئة الأخرى، تمكن المغرب من تجنب تفاقم آثار الصدمات الخارجية، وتعافى سريعًا من تداعيات جائحة كوفيد-19 وارتفاع أسعار السلع الأساسية بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

ويشير التقرير إلى أنه "من المتوقع أن يستمر الأداء الاقتصادي الإيجابي خلال العام الجاري 2025، إذ تشير التوقعات إلى تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ليصل إلى 3.9% في عام 2025، ارتفاعاً من 3.2% في عام 2024، مدعومًا بقطاعي السياحة والصناعة.. وعلى المدى المتوسط، يُتوقع أن يبلغ متوسط النمو الحقيقي 3.6%".

ماذا عن المدى المتوسط؟

واستناداً إلى برنامج الإصلاح المالي الذي تنفذه السلطات المغربية (الإطار المالي متوسط الأجل) والتزامها المتوقع بالإصلاحات، من المفترض أن تتراجع مواطن الضعف الراهنة في المالية العامة، بحسب التقرير، الذي يشير إلى أنه بما يتماشى مع توجهات السنوات الأخيرة، يُتوقع أن تستمر العجوزات الأولية في التقلص، لتعود إلى مستويات ما قبل الجائحة عند نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2025-2028.

أما مستويات الدين العام، والتي ظلت مرتفعة نسبياً منذ جائحة كوفيد-19 (عند 70% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024)، فمن المتوقع أن تبدأ في التراجع بشكل بطيء اعتباراً من هذا العام، لكنها ستظل أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة، عند حوالي 66% من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفق المحلل في كريدندو، أندريس هيرنانديز، فإنه بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع الخارجي للمغرب قوي ومن المتوقع أن يظل متينًا على المدى المتوسط، مشيراً إلى أن المغرب يتمتع بسيولة داعمة بفضل الاحتياطيات الأجنبية الكافية بشكل مريح، ومستويات الدين الخارجي قصير الأجل المعتدلة، وسهولة الوصول إلى الأسواق المالية، فضلاً عن التأثير المهدئ لخط الائتمان المرن المعتمد حديثًا من قبل صندوق النقد الدولي. كما أن مستويات الدين الخارجي معتدلة ومن المتوقع أن تظل مستقرة أيضًا.

ما هي أبرز التحديات؟

رغم التوقعات الاقتصادية الإيجابية، فإن هناك مخاطر هبوطية كبيرة. فعلى الرغم من الصمود خلال السنوات الماضية والنمو الاقتصادي القوي بشكل عام، إلا أن الاقتصاد المغربي لم يحقق الأداء المتوقع وفقاً لإمكاناته، كما أن النمو الاقتصادي كان متقلبًا، وفق التقرير.

وتُعد التحديات المناخية أحد أبرز العقبات التي تواجه اقتصاد شمال إفريقيا. ذلك أنه، وعلى الرغم من جهود التنويع، لا يزال القطاع الزراعي يحتل مكانة مركزية في الاقتصاد المغربي، ففي عام 2023، شكّل هذا القطاع أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، ونحو ثلث إجمالي العمالة.

وبالتالي، فإن حالات نقص المياه المتكررة – إذ شهدت خمس من السنوات الست الماضية شحًا في المياه – قد أثرت سلبًا على الإنتاج الزراعي وسبل العيش.

ونظرًا إلى استمرار الاعتماد على هذا القطاع، فإن النمو الاقتصادي ومستويات التوظيف، وبالتالي القدرة على تنفيذ الإصلاحات لتعزيز الأسس الاقتصادية الكلية، ستظل رهينة لتقلبات الطقس.

كما أن هناك أيضاً تحدٍ مهم آخر يتمثل في التحولات الجيوسياسية الجارية والمخاطر المرتبطة بتجزئة الاقتصاد العالمي. فرغم سعي المغرب إلى ترسيخ مكانته كمركز للإنتاج وبوابة إلى إفريقيا، إلا أن التوترات بين الولايات المتحدة الأميركية/الاتحاد الأوروبي والصين، إلى جانب السياسات التجارية العالمية المتقلبة بشكل عام، قد تؤثر سلبًا على تدفقات التجارة وتُقوض الاستثمارات في القطاعات الرئيسية مثل قطاع السيارات.

التقييمات الائتمانية للمخاطر السياسية

ومع الأخذ في الاعتبار التوقعات بتحسن الأسس الاقتصادية الكلية للمغرب، إلى جانب التحديات الكبيرة التي تواجهه، تُبقي "كريدندو" على نظرتها المستقرة لتصنيفات المخاطر السياسية قصيرة ومتوسطة الأجل للمملكة المغربية.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة