استطلاع لـ CNBC عربية: الصراع الإيراني الإسرائيلي يهدد الاقتصاد المصري

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play
 كشف استطلاع حديث أجرته CNBC عربية عن قلق واسع في مصر ازاء تداعيات الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل على الاقتصاد المصري.
 
 وتُظهر نتائج الاستطلاع الذي شارك فيه 20 من كبار ‏المستثمرين والمحللين وخبراء الاقتصاد في شركات وبنوك استثمار، أن هذه الحرب قد لا تكون مجرد أزمة عابرة، بل مرشحة لأن تُحدث تحولات أعمق في اقتصاد مصر.
 
ورغم أن 45% من المشاركين وصفوا تأثير الصراع الدائر حالياً بأنه "متوسط"، فإن قرابة الثلث حذروا من احتمال تصاعد التأثير ليصبح أكثر حدة حال استمرت الحرب لأكثر من ثلاثة أشهر.
 
التحول من الإصلاح إلى الدفاع
 
ويبدو أن الحرب ستُعيد تشكيل أولويات القاهرة الاقتصادية على نحو لافت، حيث كشف الاستبيان عن تحول واضح في بوصلة السياسات الاقتصادية؛ فربما تكون إدارة الأزمة على حساب الإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل حيث أجمع أغلبية المشاركين على أن الحكومة تركز حاليًا على "السيطرة على عجز الموازنة وتأمين الدولار".
 
كما أن إدارة الأزمة قد تنعكس على ملف تحرير أسعار الوقود والطاقة، فرغم عزم الحكومة تحرير أسعار المواد البترولية بنهاية العام بشكل كامل، يرى 50% من المشاركين في الاستطلاع أن التحرير سيبقى جزئيًا، بينما يرى 25% أنه سيتم تأجيل أي خطوات كاملة في ظل الحرب ومراعاة للبعد الاجتماعي، فيما رأى 10% أن الحكومة ستتجه لتحرير أسعار الطاقة بنهاية 2025.
 
وفيما يتعلق بإدارة أزمة العملة، يرى 55% من المشاركين أنها "ناجحة حتى الآن"، فيما يؤكد ثلث المشاركين أنها مؤقتة ولا تعالج السبب الجذري للأزمة.
 
ملف الجنيه: مكاسب أم استقرار هش؟
 
ورغم أن الجنيه المصري شهد تحسنًا نسبيًا أمام الدولار في الأسابيع الأخيرة من مايو الماضي ليصل لمستويات دون 49.5 جنيها لكل دولار،  إلا أن المكاسب بدأت تتقلص خلال الأسبوع الأخير، ما يعكس برأي بعض المشاركين هشاشة هذا التحسن أمام التوترات الإقليمية.
 
وبشأن مصادر الضغط على الجنيه، فقد تباينت آراء المشاركين، وجاء تفاقم الصراع الإقليمي في مقدمة الإجابات، ولا يتوقع أغلب المشاركين أن يتحسن سعر الجنيه كثيرًا؛ بل رجّح 60% أن يتحرك الجنيه بين 52 و55 جنيهًا للدولار، في حين رأى 15% من المشاركين أن سعر الدولار سيبقى دون 50 جنيهاً.
 
ورغم فعالية بعض الإجراءات لتأمين الدولار كالصفقات الخليجية أو عمليات بيع الأصول وتنويع مصادر الاقتراض، فإن 45% من المشاركين يطالبون بإعادة هيكلة المنظومة بالكامل بدلاً من الاعتماد على حلول قصيرة الأجل.
 
الغاز والكهرباء: أزمة مزدوجة
 
وعن أسباب نقص إمدادات الغاز وتقليص أحمال الكهرباء، قال 45% من المشاركين إن الأزمة مزدوجة، تجمع بين تداعيات الحرب الإقليمية والتي تسببت في وقف إمدادات الغاز من إسرائيل وبين احتمالات صعوبة الاستيراد فضلا عن الحاجة للاستثمار في بدائل مستدامة.
 
وكان الرأي الأغلب هو تنويع مصادر التوريد عبر الربط الإقليمي أو التوسع في الاستيراد، مقابل نسب أقل دعت إلى إبرام عقود طويلة الأجل بأسعار تفضيلية، وإعادة هيكلة دعم الطاقة وتوجيهه للقطاعات الإنتاجية بدلًا من الإبقاء عليه بشكل أفقي، في حين دعا آخرون إلى حلول طويلة الأجل مثل الاستثمار في الهيدروجين والطاقة الشمسية.
 
تمثل ارتفاعات أسعار النفط بسبب الحرب تحدياً آخر، حيث يرى 55% من المشاركين أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع فواتير الاستيراد ومضاعفة أعباء دعم الوقود المحلي، ما يضع ضغوطًا جديدة على الموازنة المصرية.
 
الصناعة تحت الضغط
 
وعن تأثير مجريات الأحداث على القطاع الصناعي وما نتج عن أزمة نقص إمدادات الغاز للمصانع، انقسمت الآراء بين من يرى أن التأثير على الصناعة المصرية سيكون مباشرًا، ومن يراه غير مباشر، ولكن ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج والطاقة وتكاليف النقل الناتج عن استمرار الحرب وتصاعد كلفة التأمين البحري والشحن  سيُثقل كاهل القطاعات الصناعية، ويؤدي إلى زيادة تكلفة المنتج النهائي.
 
كما يرى 35% من المشاركين أن التأثير سيكون سلبياً على الصادرات بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، فيما يقول 30% من المشاركين إن التأثير سيكون محدودًا، بينما يتوقع آخرون أن تستفيد بعض القطاعات المصرية إيجاباً من تغيرات المشهد الإقليمي.
 
الاستثمار غير المباشر: مزاج متقلب
 
وأفاد أكثر من ثلثي المشاركين بأن حركة الاستثمار الأجنبي غير المباشر  سواء في أدوات الدين أو سوق الأسهم ستتسم بالتذبذب الشديد  وفقاً لمجريات الأخبار،  في حين رأى 25% منهم أنه سيتأثر بشدة وسيكون هناك خروج لرؤوس الأموال خلال الأيام المقبلة.
 
وبشأن مستقبل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، عبر 45% من المشاركين عن قلق بالغ خصوصًا إذا استمرت التوترات الحالية لفترة أطول؛ أما أكثر من الثلث بقليل، فرأى أن استمرار بعض مظاهر الثبات في السياسات النقدية والاقتصادية الداخلية قد يسهم في الحفاظ على مناخ استثماري مقبول.
 
ورغم الجهود الحكومية الأخيرة نحو تقليص الاستيراد، رأى 35% من المشاركين أن الفاتورة الاستيرادية سترتفع في حال تطور الصراع القائم، في حين يعتقد 40% أنها ستبقى عند مستوياتها أو ترتفع بشكل طفيف، فيما رأى 25% انخفاض الواردات وهي وجهة نظر ترتبط بتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي العام.
 
قطاع السياحة: الصورة غير قاتمة
 
ورغم المخاطر الإقليمية، فالصورة ليست قاتمة بشأن قطاع السياحة، فأكثر من نصف المشاركين يتوقعون استمرار الحركة السياحية على حالها، مدفوعة بتحسن في بعض الأسواق مثل أوروبا الشرقية، وخاصة إذا لم تتوسع رقعة الحرب أو تقع أحداث مفاجئة في البحر الأحمر أو مناطق جذب سياحي.
يعكس هذا الاستبيان تصورًا عامًا بأن الاقتصاد المصري لا يزال في وضع دفاعي، يعتمد على حلول مؤقتة لمواجهة ضغوط مركبة، دون الدخول في إصلاحات هيكلية واسعة. ورغم أن الحرب لم تفرض بعد صدمة حادة، فإن استمرارها يحمل خطر تحولها إلى نقطة انعطاف اقتصادية وسياسية قد تغير شكل النمو والاستثمار والإنفاق خلال الفترة القادمة.
 

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة