بعدما وضعت مؤشرات وول ستريت هزة الرسوم الجمركية في أبريل/ نيسان وراء ظهرها لتسجل مستويات قياسية مرتفعة، لا يزال المستثمرون حذرين من عملية صنع السياسات السريعة والفوضوية أحياناً التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويرون أن هذا الصعود هش.
وصعد المؤشر ستاندرد آند بورز 500 والمؤشر ناسداك المجمع إلى ذرى جديدة أمس الجمعة. ومع ذلك، لا يزال المتعاملون والمستثمرون حذرين مما قد ينتظرهم في المستقبل.
اقرأ أيضاً: 🔴 المؤشرات الأميركية تسجل مكاسب أسبوعية وسط إعلان ترامب إنهاء الولايات المتحدة محادثات التجارة مع كندا
وأدت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في الثاني من أبريل/ نيسان على الشركاء التجاريين الرئيسيين إلى اضطراب الأسواق المالية العالمية، ووضعت المؤشر ستاندرد اند بورز 500 على عتبة تصنيف السوق الهابطة عندما هوى المؤشر بنسبة 19% عند الإغلاق من أعلى مستوى إغلاق له على الإطلاق في 19 فبراير/ شباط.
جاء الصعود الأحدث بعد أن أدى وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل وإيران إلى وقف ضربات جوية متبادلة استمرت 12 يوماً، وأحدث قفزة في أسعار النفط الخام وأثار مخاوف من نمو التضخم. غير أن موجة من الارتياح سادت بعد تعامل ترامب مع موجة الذعر الأولى من الرسوم الجمركية التي اجتاحت الأسواق المالية، بتخفيف حدة خططه الأشد قسوة.
وقال جيه بي مورغان تشيس في توقعات منتصف العام التي نشرها فريق الأبحاث العالمي التابع له يوم الأربعاء إن الوضع يتسم "بالضبابية الشديدة فيما يتعلق بالسياسات".
وقال آرت هوجان خبير الأسواق لدى بي. رايلي ويلث "لا أحد يرغب في ختام تعاملات الأسبوع بأن تميل محفظته الاستثمارية نحو مخاطرة... الجميع يدرك أنه في الوقت الذي تشعر فيه السوق بمزيد من اليقين والثقة، فإن إعلاناً واحداً عن سياسة واحدة غير متوقعة ربما يغير كل شيء"، مردفاً "حتى إذا لم يشعل عاصفة نارية من النوع الذي شهدناه في أبريل / نيسان".
اقرأ أيضاً: ترامب ينهي محادثات التجارة الأميركية مع كندا بسبب ضريبة الخدمات الرقمية
في هذا الإطار، قال جوزيف كوينلان خبير الأسواق في بنك أوف أميركا إن جزءاً من هذا الحذر من مؤسسات الاستثمار ربما يعود إلى مدى الصعود الذي بلغ 6% في المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بعد إعادة انتخاب ترامب في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، ووصوله لذروته في فبراير/ شباط.
وأشار إلى أن التركيز على إلغاء الضوابط التنظيمية والتخفيضات الضريبية وصفقات الشركات عزز الثقة والتفاؤل ثم اندلعت معارك الرسوم الجمركية.
ولا يزال كوينلان متفائلاً بشأن التوقعات للأسهم الأميركية وبأن النظام التجاري العالمي الجديد ربما يؤدي إلى فتح الشركات الأميركية لأسواق جديدة وتحقيق إيرادات وأرباح أعلى.
لكنه قال إنه لا يزال حذراً إذ "ستظل هناك طفرات من التقلبات بسبب المجهول من السياسات".
وبشكل عام تراجع الآن مؤشر تقلبات السوق في.آي.إكس في بورصة شيكاغو كثيراً عما كان عليه في ذروة الاضطرابات التي أحدثها إعلان الرسوم الجمركية في أبريل/ نيسان. ونزل المؤشر إلى 16.3 منخفضاً من ذروة بلغت 52.3 في الثامن من أبريل/ نيسان.
أسواق غير مستقرة
قال جيف أوكونور رئيس هيكل السوق في الأميركتين لدى منصة التداول المؤسسية "ليكويدنت" إنه "يبدو أن عملاءنا أصبحوا غير حساسين إلى حد ما تجاه الأنباء، لكن السوق لا تزال غير مستقرة، ويدرك الجميع أن التداول يمكن أن يحدث بناء على أهواء مجموعة من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي".
ولا يظهر التداول في سوق عقود الخيارات علامة تذكر على نوع من النشوة التي ميزت ارتفاعات سوق الأسهم في الماضي القريب.

اقرأ أيضاً: تحديات أمام ترامب تجعل من مهمة تغطية أعباء الدين مشروعاً صعباً
وقال ستيفانو باسكال رئيس أبحاث مشتقات الأسهم الأميركية لدى باركليز "على الصعيد المؤسسي، نرى كثيراً من التردد في ملاحقة ارتفاع السوق".
وقال باسكال إنه على عكس المرات السابقة من موجات البيع الحادة في السوق، ابتعد المستثمرون المؤسسيون إلى حد كبير عن استخدام خيارات الشراء الصاعدة لدفع السوق إلى الارتفاع، في إشارة إلى الخيارات العادية التي تمنح الحق في الشراء بسعر وتاريخ مستقبليين محددين.
تقلبات الأسواق
وفروق الأسعار بين العرض والطلب على عدد من الأسهم أعلى بكثير من المستويات التي شهدها أوكونور في أواخر 2024، في حين أن عمق السوق، وهو مقياس لحجم الطلبات المحتملة وعددها، لا يزال عند أدنى المستويات التي يمكن أن يتذكرها خلال العشرين عاماً الماضية.
من جانبها، رأت ليز آن سوندرز خبيرة استراتيجيات السوق لدى شركة تشارلز شواب أن "أفضل طريقة لوصف الأسواق في الشهرين الماضيين، حتى مع تعافيها، هي القول بأنها غير مستقرة". وذكرت أنها تشعر بالقلق من أن السوق قد تصل إلى "نقطة أخرى من التهاون" شبيهة بتلك التي شهدناها في مارس / آذار.
شاهد أيضاً: مشروع قانون "One Big Beautiful Bill".. هل حقاً إيجابية للاقتصاد الأميركي؟
وأضافت سوندرز "هناك احتمال لأن نكون مهيئين لحركة هبوطية أخرى".
أما مارك سبيندل كبير مسؤولي الاستثمار لدى "بوتوماك ريفر كابيتال" في واشنطن، فقال إنه ابتكر مصطلح "رئاسة سناب تشات" لوصف تأثير سياسات الرئيس المتغيرة باستمرار على الأسواق.
وأضاف سبيندل ملمحاً إلى تقلبات ترامب في سياساته "يبدو وكأنه متداول يومي أكثر من كونه مستثمراً مؤسسياً طويل الأجل... في لحظة ما لن يتفاوض، وفي اللحظة التالية يتفاوض".
ومن أجل التأكد، ينظر المتداولون فيما يبدو إلى هذه التحولات السريعة في المسار على أنها إيجابية في الارتفاع الحالي، مما يشير إلى استعداد ترامب للالتفات إلى إشارات السوق.
وقال ستيف سوسنيك خبير استراتيجيات السوق لدى شركة "إنتراكتيف بروكرز" إنه "في الوقت الحالي، على الأقل، فإن الأسهم على استعداد للتغاضي عن المخاطر التي تصاحب هذا الأسلوب وعدم وجود سياسات متسقة، وإعطاء الإدارة فرصة باعتبارها صديقة للسوق".
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي