يُواجه الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا»، إيلون ماسك، تراجعاً في شعبيته، لا سيّما بين الجمهوريين، بعد خلافه العلني مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو خلافٌ هدّد بتدهور أكبر في صورته العامة التي كانت أصلاً في تراجع.
وأظهر استطلاع جديد أجرته مؤسسة «مورنينغ كونسالت» أنّ صافي التأييد لماسك تراجع بنحو 14 نقطة مئوية. ورغم ذلك، تشير البيانات إلى تحسّن طفيف في شعبيته الإجمالية منذ 15 يونيو حزيران، حيث ارتفعت بمقدار أربع نقاط حتى 20 يونيو حزيران، أي بعد أسبوع من تصاعد الخلاف العلني مع ترامب.
لكن هذا التحسّن لم يكن كافياً لتعويض التراجع الذي سجّله منذ مغادرته البيت الأبيض في أواخر مايو أيار، إذ لا تزال شعبيته دون المستويات التي كان عليها في تلك الفترة.
أما بين الجمهوريين تحديداً، فقد تراجعت شعبية ماسك بنحو 12 نقطة مئوية، بعدما سجّل انخفاضاً حاداً بمقدار 10 نقاط مباشرة بعد انتقاده العلني لترامب في أوائل يونيو حزيران.
اقرأ أيضاً: "تسلا" تغادر نادي التريليون دولار مع تصاعد الخلاف بين ماسك وترامب
وقال فرانك تي. روثارميل، أستاذ كرسي في كلية «شلر» للأعمال في «جورجيا تك»، في رسالة إلكترونية لـ«بيزنس إنسايدر»: «في الولايات المتحدة، نجح ماسك في تنفير كلّ من اليسار واليمين؛ فاليسار غاضب من دعمه لوزراة كفاءة الحكومة وإدارته لعلاقته مع إدارة ترامب والانتخابات، بينما فقد دعم اليمين بعد تصريحاته على منصة X عقب الخلاف مع الرئيس بشأن "مشروع القانون الجميل الضخم"».
وأضاف: «الجانب الإيجابي في أميركا هو أن ذاكرة الناس قصيرة، وهناك كمّ هائل من الأحداث التي تقع كل يوم».
وقال إيلي يوكلي، محلل الشؤون السياسية الأميركية في «مورنينغ كونسلت»، لموقع «بيزنس إنسايدر»، إن الانقسام في آراء الناخبين تجاه إيلون ماسك بدأ يتصاعد منذ استحواذه على منصة «تويتر»، مشيراً إلى أن تقاربه مع الرئيس ترامب «زاد الطين بلّة» وساهم في تغيّر صورته العامة بشكل ملحوظ مقارنة ببعض أقرانه من رؤساء شركات التكنولوجيا، الذين سعوا بدورهم إلى كسب ودّ البيت الأبيض.
وأضاف يوكلي: «ماسك يتحمّل تبعات هذا القرب من ترامب بطريقة فريدة لم يعشها غيره من الرؤساء التنفيذيين الذين حاولوا مجاملة السلطة، لكنهم لم يواجهوا التداعيات نفسها بالحدة ذاتها».
ولا تُجرى استطلاعات الرأي حول شعبية إيلون ماسك بالوتيرة نفسها التي تُرصد بها شعبية شخصيات مثل الرئيس دونالد ترامب. لكن بيانات متفرقة جمعتها مؤسسة «يوغوف» منذ عام 2018 أظهرت أن ماسك سجّل أدنى صافي تأييد له على الإطلاق مباشرة بعد خلافه مع ترامب.
اقرأ أيضاً: هل يتجاهل ترامب الموعد النهائي للرسوم الجمركية في يوليو؟
وتُظهر مجموعة الاستطلاعات القليلة التي أُجريت بعد الخلاف مؤشرات مقلقة مماثلة، إذ لم يعد العديد من الجمهوريين، الذين كانوا يشكّلون سابقاً قاعدة دعم رئيسية لماسك في ظل تراجع أرقامه، ينظرون إليه بنفس الإيجابية.
ففي استطلاع مشترك أجرته «الإيكونوميست» و«يوغوف» خلال الأسبوع التالي للخلاف، تراجع صافي التأييد لماسك بين الجمهوريين بمقدار 20 نقطة مئوية. أما استطلاع «رويترز–إبسوس» فقد أظهر انخفاضاً قدره 13 نقطة مئوية في صافي التأييد خلال فترة تقارب الشهر الواحد.
في 22 يونيو حزيران، بدأت شركة تسلا بإطلاق تجريبي محدود لخدمة سيارات الأجرة ذاتية القيادة (الروبوتاكسي) في مدينة أوستن، ما دفع بسهم الشركة إلى الارتفاع بنسبة بلغت 11% في اليوم التالي، قبل أن يتراجع لاحقاً ويقلّص مكاسبه بنهاية الأسبوع. وبوجه عام، كان العام الجاري حافلاً بالتقلّبات الحادّة في سعر سهم تسلا.
ويُعدّ إيلون ماسك الواجهة الأساسية لشركة تسلا، وهي علاقة وثيقة تُضفي على الشركة طابعاً شخصياً، لكنها تنطوي أيضاً على قدر من المخاطر. فخلال خلافه الأخير مع الرئيس ترامب، خفّض بعض المحللين تصنيفهم للشركة، في مؤشر على مدى ارتباط صورتها بسلوك ماسك الشخصي ومواقفه السياسية.
اقرأ أيضاً: كيف تتنافس سيارة شاومي الكهربائية الجديدة مع تسلا في السعر والإمكانيات؟
وكتب بن كالو، كبير محللي الأبحاث في شركة «بايرد»، في مذكرة بحثية صدرت في وقت سابق من هذا الشهر: «الحادثة الأخيرة بين ماسك والرئيس ترامب تُجسّد بوضوح مخاطر الاعتماد على شخصية محورية، في ظل النشاط السياسي الذي يمارسه ماسك».
وقد ألمح ماسك إلى نيّته الابتعاد عن السياسة، غير أنّ التزامه بذلك لا يزال محلّ شك حتى الآن.
وفي الأثناء، تواجه شركة تسلا تحدّيات أخرى. ففي الصين، تم الكشف مؤخراً عن طراز «Xiaomi YU7» الجديد، والذي تم تسعيره بطريقة تجعله منافساً مباشراً لطراز «Model Y» الشهير من تسلا. كما تراجعت مبيعات الشركة في أسواق رئيسية مثل أوروبا خلال الأشهر الماضية.
من المرتقب أن تُعلن شركة تسلا، يوم الأربعاء، عن أرقام تسليم السيارات خلال الربع الثاني من العام، في وقت يتوقّع فيه العديد من المحللين أن تُسجّل انخفاضاً على أساس سنوي.
وقال جون هيلفيستون، أستاذ مساعد في جامعة جورج واشنطن، لموقع «بيزنس إنسايدر»، إن «عدم شعبية ماسك سياسياً تُعدّ عاملاً غير مساعد إطلاقاً» في وقت يحاول فيه الرئيس التنفيذي توجيه تسلا وسط التحديات الراهنة التي تواجهها.
وفي السياق نفسه، علّق فرانك روثارميل بالقول: «إيلون ماسك يكون في أقوى حالاته —بل هو من الطراز العالمي، ولا يضاهيه أحد— عندما يركّز على مجالات خبرته الجوهرية، مثل حلّ المشكلات الهندسية التي تبدو مستحيلة».
وأضاف: «لو كنت عضواً في مجلس إدارة تسلا، لكان هذا بالضبط ما أودّ أن يركّز عليه».
ويستند استطلاع «مورنينغ كونسلت» إلى بيانات جُمعت بين 20 و22 يونيو حزيران، من خلال استطلاع تتبّعي شمل عينة تمثيلية من 2,205 ناخبين مسجلين في الولايات المتحدة، مع هامش خطأ يبلغ ±2 نقطة مئوية. أما العينات الفرعية الأصغر فتنطوي على هامش خطأ أكبر.
(النتائج الكاملة للاستطلاع متاحة عبر الرابط المخصص لذلك).
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي