هل تسرع التحولات الإقليمية "اتفاق سلام محتمل" بين سوريا وإسرائيل؟ (خاص -CNBC عربية)

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

اقرأ في هذا الملف:

▪️▪️ نُذر تحولات متسارعة للعلاقات بين سوريا وإسرائيل، بعد سقوط نظام الأسد، وسط إشارات متعددة عن مفاوضات غير معلنة قد تفضي إلى اتفاق سلام.

▪️▪️ تبدو دمشق "مدفوعة بجملة من الدوافع الاستراتيجية في مقدمتها البحث عن شرعية دولية ودعم اقتصادي، في ظل تراجع نفوذ حلفائها التقليديين"، بحسب محللين سياسيين أميركيين في تصريحات متفرقة لـ CNBC عربية. 

▪️▪️ مع توقيع ترامب أمر تنفيذي بـ "رفع العقوبات على سوريا".. هل يأتي ذلك تمهيداً لانخراط سوريا في الاتفاقيات الإبراهيمية، خاصة في ظل تصاعد المؤشرات على وجود تفاهمات غير معلنة بين دمشق وتل أبيب برعاية واشنطن؟

خاص- CNBC عربية- محمد خالد

برز الحديث مؤخراً – في ظل تحولات إقليمية جذرية تشهدها منطقة الشرق الأوسط خلال الأشهر الماضية- حول احتمالات إقدام دول عربية على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، من بينها سوريا، بعد أن برزت في الآونة الأخيرة عديد من الإشارات -المباشرة وغير المباشرة- بخصوص اتجاه دمشق لإبرام اتفاق سلام مع تل أبيب، لكن دون تأكيدات رسمية أو خطوات عملية تؤكد تلك العملية المثيرة للجدل.

أحدث الإشارات المباشرة جاء على لسان المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، يوم الأحد 29 يونيو/ حزيران، عندما قال إن الرئيس السوري، أحمد الشرع "أوضح أنه لا يكره إسرائيل، وأنه يريد السلام على هذه الحدود".

يأتي ذلك بعد جملة من التطورات الميدانية في دمشق بعد سقوط نظام الأسد، والتي شملت توغل القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة منزوعة السلاح في هضبة الجولان، وشنّ مئات الغارات الجوية على مواقع عسكرية سورية، في محاولة لمنع السلطات الجديدة من السيطرة على ترسانة الجيش السوري السابق.

واعتبر الدبلوماسي الأميركي أن "الشرق الأوسط مستعد لحوار جديد"،مردفاً: "أعتقد بأنكم سترون الجميع يعودون إلى الاتفاقات الإبراهيمية خصوصا مع تحسن الأوضاع في غزة.. وهذا الرهان الرئيسي"، وفق ما نقلته وكالة الأناضول التركية.

وضمن تلك الإشارات أيضاً تأتي تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، قبيل أيام، والتي قال فيها إن تل أبيب مهتمة بتطبيع علاقاتها مع سوريا ولبنان. فيما ذكر أن هضبة الجولان السورية المحتلة ستبقى "جزءا لا يتجزأ" من إسرائيل في أي اتفاق سلام محتمل.

جاءت تلك التصريحات اتصالاً بتقارير إعلامية إسرائيلية نقلت عن مسؤولين في تل أبيب قولهم إن الرئيس السوري أحمد الشرع، قد لا يوافق على اتفاق سلام لا يتضمن بشكل واضح الانسحاب الإسرائيلي من مرتفعات الجولان.

مفاوضات

ومن بين الإشارات الرئيسية في هذا السياق أيضاً، ما يرتبط بالأنباء حول اللقاءات المباشرة التي عقدت بين إسرائيل وسوريا في الأشهر الماضية. وهي المفاوضات التي نقلت "رويترز" في نهاية مايو/ آيار الماضي عن مصادر مطلعة -لم تسمها- أنها تأتي في محاولة لخفض التوترات ومنع اندلاع صراع أوسع.

لكنّ القناة الـ 12 الإسرائيلية، ذكرت في وقت لاحق هذا الشهر أن المفاوضات بين دمشق وتل أبيب "تتقدم على مستويات متعددة". وذكرت تقارير إسرائيلية أن الولايات المتحدة الأميركية تم إبلاغها بالمفاوضات بين البلدين "التي تركز على أكثر من مجرد ترتيبات أمنية".

فيما رجحت تقارير إسرائيلية توقيع البلدين اتفاق سلام قبل نهاية العام الجاري. ونقل موقع "آي 24 نيوز" الإسرائيلي عن مصدر سوري مطلع -لم يسمه- قوله إن المفاوضات تنص على انسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها بعد 8 ديسمبر.

كذلك أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المبعوث الأميركي إلى سوريا في 11 يونيو، أن إسرائيل "مهتمة بالتفاوضات مع الحكومة السورية الجديدة" وترغب في وساطة واشنطن في هذه المفاوضات، طبقاً لما نقله موقع "أكسيوس".

على الجانب السوري، فإن التصريحات الرسمية تكتفي بالإشارة إلى عدم سعي دمشق للحرب، والتزامها التام باتفاقية فض الاشتباك، وهو ما أكده وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني - في مؤتمر صحافي مع المفوضة الأوروبية لمنطقة المتوسط في الرابع من يونيو- عندما قال إن "سوريا لا تسعى للحرب، وملتزمة باتفاقية فض الاشتباك مع إسرائيل لعام 1974".

كما تقول الحكومة السورية إنها تعمل عبر قنوات مختلفة ومفاوضات غير مباشرة مع وسطاء دوليين من أجل وقف التوغل الإسرائيلي والاعتداءات جنوب البلاد، مع التأكيد على أن الحفاظ على سيادة سوريا "فوق كل اعتبار".

ما هي الدوافع المحتملة لسوريا؟

وفي ظل حالة من السيولة تشهدها منطقة الشرق الأوسط حالياً، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعتي هاملين ومينيسوتا، ديفيد شولتز لـ CNBC عربية، إن ثمة مجموعة من العوامل التي يمكن أن تدفع قرار سوريا فيما يخص الاتجاه نحو اتفاق سلام جديد مع إٍسرائيل.

أول هذه العوامل هو فقدان الدعم الروسي والإيراني، لا سيما أنه بعد انهيار نظام الأسد لا ترى روسيا أن دعم سوريا لا يزال يخدم مصالحها.. ومع انشغال موسكو المتزايد بالحرب في أوكرانيا، فإن قدرتها على دعم نظام جديد في سوريا باتت محدودة.

"كذلك اعتمدت سوريا تاريخياً على إيران في الدعم العسكري وغيره من أشكال الدعم. وإذا ما تغيّر النظام الإيراني أو أُطيح به، فإن ذلك سيُحدث تحولاً جذرياً في المشهد الاستراتيجي بالنسبة لدمشق. مثل هذا التغير قد يدفع سوريا إلى إعادة تقييم تحالفاتها وخياراتها"، بحسب شولتز.

يفسر ذلك التحليل التصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، والذي ربط بين الصراع الأخير بين إسرائيل وإيران (حرب الـ 12 يوماً كما يسميها الرئيس الأميركي دونالد ترامب) والتمهيد لما وصفه بـ "طريق جديد" في الشرق الأوسط. وقال باراك: "ما حصل للتو بين إسرائيل وإيران، هو فرصة لنا جميعا للقول: توقفوا، فلنشق طريقًا جديدًا".

وبالتالي فإنه في تصور شولتز فإن  "فقدان الدعم الروسي والإيراني سيترك سوريا في عزلة، بينما هي في حاجة ماسة للمساعدة.. ومن أجل إعادة الإعمار، قد تحتاج إلى دعم دولي - ربما من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي - وهو ما قد يكون مشروطًا بالسلام مع إسرائيل".

"بالإضافة إلى ذلك، تظل إسرائيل القوة العسكرية المهيمنة في المنطقة، ومن منطلقات أمنية بحتة، قد تجد الحكومة السورية الحالية دافعًا للتفاوض وتطبيع العلاقات"، ضمن الأسباب التي يسوقها استاذ العلوم السياسية في معرض تحليله عن العوامل التي قد تقود توجه دمشق للسلام مع إسرائيل.

فقدان الدعم الروسي والإيراني من العوامل التي تدفع سوريا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بشروط أميركية

استاذ العلوم السياسية، ديفيد شولتز

كيف يمكن أن يؤثر ذلك التوجه على المنطقة؟

وفي ضوء هذه المتغيرات الراهنة التي تشهدها المنطقة، لا يبدو ذلك التوجه السوري -الذي كشف عنه المبعوث الأميركي ولم تنفه دمشق- بمعزل عن السياق الإقليمي الأوسع، حيث تشهد المنطقة موجة متسارعة من إعادة التموضع السياسي والدبلوماسي.

التطورات المتسارعة الجديدة التي تشهدها المنطقة الجديدة بما في ذلك الانكفاء الروسي -وسط الانشغال بحرب أوكرانيا- وكذلك الضغوط الاقتصادية على طهران، تشمل أيضاً تغيراً تدريجياً في مقاربات بعض الأنظمة العربية تجاه إسرائيل، وسط حسابات تتجاوز الصراع التقليدي.

من هذا المنطلق، فإن الخيارات المطروحة أمام دمشق تتقاطع مع بعض تلك التحولات الإقليمية، وبما يدفع باتجاه إعادة رسم خريطة التحالفات والمصالح، فنجاح الاتفاقيات الإبراهيمية في فتح قنوات التواصل العلني بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، قد يشكل ضغطاً إضافياً على أنظمة أخرى، بما في ذلك الحكومة السوري، لإعادة تقييم مواقفها التقليدية، في ظل معادلات جديدة للنفوذ الإقليمي وشبكات المصالح الاستراتيجية.

في هذا السياق، وبالعودة لحديث أستاذ العلوم السياسية بجامعتي هاملين ومينيسوتا، فإنه يشرح التداعيات المحتملة لتلك التوجهات على منطقة الشرق الأوسط، موضحاً أن "إن التوسع الإضافي في اتفاقيات السلام العربية مع إسرائيلة يعالج أحد مصادر الصراع المزمنة في المنطقة، لكنه بالتأكيد لا يحلّ جميع القضايا. فمصير غزة وفلسطين ولبنان لا يزال غامضاً ومشحوناً بالتقلبات".

ويضيف: "مستقبل الشرق الأوسط لا يزال غير محسوم، ويمكن تصوّر عدة سيناريوهات محتملة. أحدها هو قيام نظام أحادي القطب، تكون فيه إسرائيل القوة الإقليمية المهيمنة بشكل ساحق. وسيناريو آخر يتمثل في ترتيب ثنائي القطب، تكون فيه إسرائيل في مواجهة قوة إقليمية منافسة - ربما السعودية أو تركيا - يمثل كل منهما قطباً إقليمياً".

أما الرؤية الثالثة فتتمثل في شرق أوسط متعدد الأقطاب، تشارك فيه إسرائيل والسعودية وإيران وتركيا وربما دول أخرى، في توازن قوى متغيّر باستمرار. وكل من هذه الترتيبات يقدم تصوراً مختلفاً جذرياً عن طبيعة الاستقرار في المنطقة، ولا يزال من غير الواضح أي منها - إن وجد - هو الذي سيسود في النهاية، بحسب شولتز، الذي يستطرد: "لا بد من أخذ أدوار روسيا والصين والولايات المتحدة في هذا المشهد المتغير بعين الاعتبار. فهل ستبقى المنطقة ساحةً لصراع القوى الكبرى، حيث تحافظ الأطراف الخارجية على توازن أمني هش؟".

تطورات متسارعة

وبعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر، كانون الأول 2024، شهدت العلاقة بين سوريا وإسرائيل تحولات واسعة، لا سيما بعد أن استغلت إسرائيل الفراغ الذي خلفه انهيار الدولة السورية لتعزيز نفوذها على الحدود الشمالية، خصوصاً من خلال إلغاء اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، والتي كانت تشكل إطاراً لتقليل التوترات بين الطرفين. هذا الإلغاء تزامن مع توغل إسرائيلي في مناطق استراتيجية مثل قمة جبل الشيخ، ما أثار انتقادات دولية وقلقاً إقليمياً بشأن تصاعد التوتر.

على الصعيد العسكري، واصلت إسرائيل شن ضربات جوية استهدفت مواقع عسكرية داخل الأراضي السورية بدعوى تقويض أي تهديدات محتملة من جهة سوريا. كما سعت إسرائيل إلى توسيع نفوذها من خلال إقامة تحالفات مع فصائل محلية داخل سوريا، مثل الدروز في الجنوب، في محاولة لتشكيل حزام أمني يعزز موقعها الاستراتيجي.

ومع تسارع تلك الاختراقات، كان الخطاب السوري موجهاً على عدم السعي للحرب أو المواجهة، مع التأكيد على الالتزام باتفاقية فض الاشتباك.



خطوات الشرع

لكن وفي سياق انفتاح الإدارة السورية الجديدة على العالم، ومع تبنيها مقاربات لا تهدف إلى التصادم أو الحرب، فإن ثمة تحولات جذرية محتملة في ملف العلاقة مع إسرائيل لإنهاء التوترات عبر التوصل لاتفاق سلام.

هذا ما يُبرزه لدى حديثه مع CNBC عربية، استاذ العلاقات الدولية في كلية هاملتون في نيويورك، آلان كفروني، والذي يقول إن "الرئيس الشرع اتخذ خطوات مهمة – وإن كانت لا تزال حذرة – نحو تحول جذري في علاقات دمشق الإقليمية والدولية، بما في ذلك التقارب مع تركيا وإعادة فتح قنوات الحوار مع واشنطن وإسرائيل. ويبدو أنه، بناءً على تحفيز من الرئيس دونالد ترامب عقب لقائهما في مايو، شارك في محادثات غير مباشرة مع إسرائيل بشأن التنسيق الأمني.. ومن اللافت أن دمشق لم تُدن قصف إسرائيل لإيران، كما لم تعترض على استخدام إسرائيل للمجال الجوي السوري في تنفيذ تلك الغارات".

وبحسب "دويتشه فيله"، بدأت اللوحات الإعلانية في إسرائيل تذكر سوريا ولبنان ضمن ما يُسمى بـ"التحالفات الإبراهيمية". وقد عبّر المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، بثقة عن توقعاته بتوسيع نطاق هذه الاتفاقات.

ويضيف كفروني: "يمثل توسّع اتفاقات إبراهيم خطوة مؤسسية كبرى لترسيخ النفوذ الاقتصادي والسياسي الأميركي داخل المنطقة. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان الشرع قد أحكم قبضته بالكامل على السلطة، أو ما إذا كان اتفاق سلام مع إسرائيل بحد ذاته كافياً لتمهيد طريق انضمام سوريا إلى هذه الاتفاقات بسلاسة".

"الشرع اتخذ خطوات مهمة – وإن كانت لا تزال حذرة – نحو تحول جذري في علاقات دمشق الإقليمية والدولية"

استاذ العلاقات الدولية الأميركي، آلان كفروني

ويردف قائلاً: "من شبه المؤكد أن انضمام المملكة العربية السعودية إلى اتفاقات إبراهيم سيتطلب تقديم إسرائيل لتنازلات كبيرة بشأن القضية الفلسطينية وقطاع غزة، وهو أمر لا يبدو مرجحاً، رغم ضغوط ترامب المتكررة".

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت هذه التحولات تشير إلى خريطة جديدة للقوى والتحالفات في المنطقة، يقول كفروني: "لقد أسفرت هزيمة حزب الله، وشلّ حركة حماس، وسقوط نظام الأسد – وهي تطورات نجمت بشكل مباشر أو غير مباشر عن هجمات حماس في 7 أكتوبر وردّ إسرائيل العنيف – عن إطلاق قوى تحوّل جذرية في المنطقة، وإن كانت نتائجها لا تزال غير مؤكدة.. فقد تعززت قوة إسرائيل بشكل ملحوظ. وسقوط الأسد، والاحتمال الراجح بانسحاب روسيا من قواعدها في سوريا لصالح التمركز في ليبيا، إلى جانب الأضرار الكبيرة التي لحقت بإيران، كلها تمثل مكاسب استراتيجية كبرى للولايات المتحدة".

ويستطرد: "أما التوسّع المقترح لاتفاقات إبراهيم، فيُعد محاولة من إدارة ترامب لترجمة هذه الاختراقات إلى نظام إقليمي مستقر تقوده الولايات المتحدة. ولهذا السبب، يسعى ترامب إلى إقناع الادعاء العام الإسرائيلي بإسقاط التهم الجنائية ضد بنيامين نتنياهو، والتي تُعد على نطاق واسع عقبة رئيسية أمام إنهاء الحرب في غزة وتحقيق السلام في المنطقة".

اقرأ أيضاً: صندوق النقد: سوريا تحتاج إلى مساعدة دولية كبيرة لإعادة تأهيل الاقتصاد

رفع العقوبات.. هل هي ورقة مقايضة للتطبيع مع إسرائيل؟

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين 30 يونيو، أمراً تنفيذياً يتعلق برفع العقوبات على سوريا سيدخل حيز التنفيذ الثلاثاء، ما ينهي عزلة سوريا عن النظام المالي العالمي، وفق ما ذكر البيت الأبيض.

وفي أول تعليق رسمي سوري، رحب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، قائلاً "نُرحب بإلغاء الجزء الأكبر من برنامج العقوبات المفروضة على الجمهورية العربية السورية، بموجب القرار التنفيذي التاريخي الصادر عن الرئيس ترامب، يمثل هذا القرار نقطة تحول مهمة من شأنها أن تُسهم في دفع سوريا نحو مرحلة جديدة من الازدهار والاستقرار والانفتاح على المجتمع الدولي". (المزيد من التفاصيل).

وفي 13 مايو/ آيار، كان ترامب قد أعلن من المملكة العربية السعودية التي كانت محطته الأولى ضمن جولة خليجية شملت قطر والإمارات، عن رفع العقوبات عن سوريا. بهدف إعطاء السوريين فرصة ثانية لبداية جديدة.

ويربط محللون تلك الخطوات الأميركية مع رغبة إسرائيل بتطبيع العلاقات مع دمشق وتوسيع إطار الاتفاقيات الإبراهيمية. وهو ما تذكره تقارير إسرائيلية تشير إلى المفاوضات الحادثة بين الجانبين السوري والإسرائيلي في الأسابيع الماضية.

ودعا الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سوريا إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو التطبيع مع إسرائيل، بحسب ما ذكره البيت الأبيض، بعد إصدار الأمر التنفيذي الأخير يوم الاثنين. كما دعا دمشق كذلك إلى "منع عودة ظهور تنظيم داعش" وتولي مسؤولية مراكز احتجاز عناصره في شمال شرق سوريا.

وقال مسؤولون أميركيون يوم الاثنين إنه في حين أن قرار ترامب برفع العقوبات لا يأتي مع أي شروط رسمية، فإنهم متفائلون بأن التطبيع مع إسرائيل سيكون نتيجة محتملة، بحسب تقرير لـ "وول ستريت جورنال" أشار إلى أن توسيع المعاهدات مع الدول العربية أو الإسلامية قد يُغير موازين القوى في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل، ويحولها بعيدًا عن إيران.

تغيرات جذرية

إميلي ميليكين، الباحثة في المجلس الأطلسي، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، تشير في حديثها مع CNBC  عربية،  إلى أنه "مع سقوط نظام الأسد وصعود حكومة أحمد الشرع الانتقالية، تغيّرت مواقف سوريا بشكل جذري". وترى أن اتفاق سلام أو تطبيع محتمل مع إسرائيل قد يفتح الباب أمام مكاسب من شأنها أن تضمن نجاح الحكومة الناشئة، مثل الاستثمارات العربية، ودعم إعادة الإعمار، وتعزيز الاندماج في الأطر الإقليمية. علاوة على ذلك، من المرجح أن الشرع وإدارته يدركون أن الدعم الأميركي والتأييد الإسرائيلي قد يعززان من شرعية الحكومة على الساحة الدولية.

"من المرجح أن الشرع وإدارته يدركون أن الدعم الأميركي والتأييد الإسرائيلي قد يعززان من شرعية الحكومة على الساحة الدولية"

إميلي ميليكين، الباحثة في المجلس الأطلسي

وتضيف: "الحكومة السورية الجديدة تدخل سريعاً في محادثات مع الولايات المتحدة وإسرائيل تُظهر أن الاتفاقات الإبراهيمية تطورت من تطبيع ثنائي بين الدول العربية وإسرائيل إلى إطار إقليمي أوسع.. فقد أصبحت الاتفاقات منصة لإطلاق تعاون متعدد الأطراف في مجالات مثل تنويع مصادر الطاقة، وأمن الغذاء والمياه، وتطوير البنية التحتية، والدفاع الجماعي. وإذا نجحت هذه الجهود، فإن الاتفاقات قد تشكّل أساساً لإعادة تشكيل الشرق الأوسط نحو منطقة أكثر استقراراً تُبنى على تحالفات براغماتية".

وتستطرد ميليكين: "إن استعداد الشرع للعمل مع الولايات المتحدة وإسرائيل، رغم خلفيته المتشددة، يعد مؤشراً على إعادة اصطفاف أوسع نطاقاً يشهده الشرق الأوسط. إذ يعكس تحوّلاً بعيداً عن التحالفات الأيديولوجية والطائفية، وصعود ائتلافات براغماتية قائمة على المصالح المشتركة. وقد شكّلت الاتفاقيات الإبراهيمية حجر الزاوية في هذا التحول، إذ قدمت لدول مثل سوريا حوافز دبلوماسية للانخراط، إلى جانب وعود بمكاسب ملموسة".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة