أعلنت القوتان الاقتصاديتان الآسيويتان، اليابان وكوريا الجنوبية، يوم الثلاثاء، أنهما ستسعيان للتفاوض مع أميركا بهدف تخفيف أثر الرسوم الجمركية المرتفعة التي يعتزم الرئيس دونالد ترامب فرضها اعتباراً من مطلع أغسطس آب المقبل.
وكان ترامب قد صعّد حربه التجارية مجدداً يوم الإثنين، معلناً أن 14 دولة ستواجه رسوماً جمركية تتراوح بين 25% –تشمل اليابان وكوريا الجنوبية– و40% في حالة لاوس وميانمار.
ومع تأجيل موعد بدء تنفيذ الرسوم الجديدة إلى الأول من أغسطس آب، فقد أتاح ذلك فعلياً نافذة زمنية تمتد لثلاثة أسابيع، تتيح للدول فرصة الضغط من أجل التوصل إلى شروط أفضل، لكنه في الوقت ذاته أطال أمد حالة الغموض الضار بشأن قواعد التجارة.
وقال ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، إنه متفائل بإمكانية التوصل إلى المزيد من الاتفاقات التجارية قبل نهاية الأسبوع.
وأضاف ميران في تصريحات لشبكة «فوكس نيوز»: «لكن على الدول الأخرى أن تقدم التنازلات التي تُقنع الرئيس بأن هذه الاتفاقات تصبّ في مصلحة أميركا».
وفي طوكيو، قال كبير المفاوضين التجاريين ريوسي أكازاوا، يوم الثلاثاء، إن بلاده تسعى للحصول على تنازلات من واشنطن لحماية قطاعها الكبير لصناعة السيارات.
اقرأ أيضاً: اليابان تصف الرسوم الجديدة لترامب بـ«المؤسفة» ودول تُسارع لتدارك المهلة الجديدة
قال ريوسي أكازاوا إنه أجرى مكالمة هاتفية استمرت 40 دقيقة مع وزير التجارة الأميركي هاوارد لوتنيك، حيث اتفق الجانبان على مواصلة المفاوضات بنشاط. لكنه شدّد على أنه لن يضحي بالقطاع الزراعي في اليابان –الذي يُعد جماعة ضغط ذات نفوذ كبير داخلياً – من أجل التوصل إلى اتفاق مبكر.
من جهتها، أعلنت كوريا الجنوبية أنها تعتزم تكثيف المحادثات التجارية خلال الأسابيع المقبلة «للتوصل إلى نتيجة تحقق المنفعة المتبادلة».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان الموعد النهائي المقرر لا يُمكن التراجع عنه، قال ترامب يوم الإثنين: «أقول إنه نهائي، لكنه ليس نهائياً بنسبة 100%. إذا اتصلوا وقالوا إنهم يريدون اتباع مسار مختلف، فسنكون منفتحين لذلك».
لم تُظهر الأسواق العالمية رد فعل كبيراً يوم الثلاثاء، إذ استوعب المستثمرون تطورات النزاع الجمركي، في حين تراجع الين الياباني على خلفية التوقعات بفرض رسوم على السلع اليابانية.
وحذّر اقتصاديون من أن النزاعات الجمركية المستمرة منذ فترة طويلة قد تعيق النمو وترفع الأسعار، ما يضع صناع السياسات الاقتصادية أمام تحديات متزايدة.
قال ديفيد كول، كبير الاقتصاديين في مصرف «يوليوس باير» السويسري لرويترز، إن «التهديد المستمر بفرض رسوم جمركية أعلى يزيد من مخاطر الركود التضخمي في الولايات المتحدة، ويضع ضغوطاً على أوروبا لتحفيز الطلب المحلي بشكل أكبر بهدف تعويض الرياح المعاكسة التي تواجه التجارة الدولية».
اقرأ أيضاً: رسمياً.. ترامب يمدد الموعد النهائي لتطبيق الرسوم الجمركية حتى أول أغسطس
وبعد إعلان الرئيس ترامب عن معدلات رسوم جديدة وأعلى على 14 دولة، قدّر «مختبر ميزانية ييل» الأميركي أن المستهلكين في الولايات المتحدة سيواجهون الآن معدلاً فعلياً للرسوم الجمركية يبلغ 17.6%، ارتفاعاً من 15.8% في السابق، وهو أعلى مستوى يُسجَّل منذ عام 1934.
من جهتها، قالت «غولدمان ساكس» إن الإجراءات التي اتخذها ترامب يوم الإثنين ستضيف 1.4 نقطة مئوية إلى المعدل الفعلي للرسوم الجمركية في أميركا.
قال مصدر أوروبي مطّلع على سير المفاوضات إن الاتحاد الأوروبي، وهو أكبر شريك تجاري ثنائي للولايات المتحدة، يهدف إلى التوصل إلى اتفاق قبل الأول من أغسطس آب، مع تركيز المحادثات على «إعادة التوازن» وتقديم تنازلات لصالح بعض الصناعات التصديرية الرئيسية.
لكن وزير المالية الألماني لارس كلينغبايل حذّر من أن الاتحاد الأوروبي مستعد لاتخاذ إجراءات مضادة إذا لزم الأمر.
وقال كلينغبايل يوم الثلاثاء، خلال كلمة أمام البرلمان: «إذا لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق تجاري عادل مع الولايات المتحدة، فإن الاتحاد الأوروبي جاهز لاتخاذ تدابير انتقامية».
وكانت مصادر أوروبية قد أفادت، في وقت متأخر من يوم الإثنين، بأن التكتل بات قريباً من التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترامب، قد يتضمّن تقديم تنازلات محدودة بشأن رسوم أساسية تبلغ 10% على الطائرات وقطع الغيار وبعض المعدات الطبية والمشروبات الروحية.
اقرأ أيضاً: أميركا تعفي الاتحاد الأوروبي من رسالة رفع الرسوم الجمركية وسط أجواء من الغموض
حتى الآن، تمّ التوصل إلى اتفاقين فقط: أحدهما مع بريطانيا، والآخر مع فيتنام. كما أعلن ترامب أن اتفاقاً مع الهند بات «وشيكاً».
وكانت واشنطن وبكين قد توصّلتا إلى إطار تجاري مبدئي في يونيو حزيران، لكن كثيراً من تفاصيله لا تزال غير واضحة. لذا، يترقّب المتعاملون والمستثمرون ما إذا كان هذا الاتفاق سينهار قبل حلول المهلة الأميركية المحددة في 12 أغسطس آب، أو ما إذا كان سيفتح الباب أمام تهدئة دائمة.
قال الرئيس ترامب إن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية بنسبة 25% على الواردات القادمة من تونس وماليزيا وكازاخستان، وبنسبة 30% على جنوب أفريقيا والبوسنة والهرسك، وسترتفع إلى 32% على إندونيسيا، و35% على صربيا وبنغلادش، و36% على كمبوديا وتايلاند، وتصل إلى 40% على لاوس وميانمار.
وفي كمبوديا، التي تضررت بشدة من الرسوم المفروضة في أبريل نيسان، وصفت الحكومة يوم الثلاثاء قرار خفض معدل الرسوم من 49% إلى 36% بأنه «نجاح كبير»، مشيرة إلى أنها تسعى للتفاوض من أجل خفض إضافي.
وقد شكّلت هذه الرسوم عبئاً كبيراً على قطاع الملابس والأحذية في كمبوديا، الذي يُعد من أكبر القطاعات المشغّلة للعمالة ومحرّكاً رئيسياً للاقتصاد المحلي.
وتُعد الولايات المتحدة أيضاً السوق الرئيسية لصادرات بنغلادش من الملابس الجاهزة، وهو القطاع الذي يشكّل أكثر من 80% من عائدات التصدير في البلاد، ويوفّر وظائف لنحو 4 ملايين شخص.
وقال محمود حسن خان، رئيس اتحاد مصنّعي ومصدّري الملابس في بنغلادش: «هذه أنباء صادمة للغاية بالنسبة لنا. كنا نأمل أن تكون الرسوم في حدود 10 إلى 20%. هذا القرار سيلحق أضراراً كبيرة بقطاعنا».
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي