لماذا تتفاقم حالات ابتزاز العصابات للشركات والمتاجر في المكسيك؟

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

تخنق عمليات الابتزاز من عصابات الجريمة المنظمة في المكسيك قطاع الأعمال بالبلاد، وبينما تستطيع بعض الشركات الكبرى تحمل عبء ممارسة الأعمال، تُجبَر العديد من الشركات الصغيرة على الإغلاق.

وتقول جمعية أصحاب العمل المكسيكية "كوبارميكس"، إن عمليات الابتزاز كلفت الشركات في المكسيك حوالي 1.3 مليار دولار خلال عام 2023.

وبينما تتراجع الجرائم الكبرى الأخرى هذا العام، يستمر الابتزاز في الارتفاع، بنسبة 10% على الصعيد الوطني في الربع الأول على أساس سنوي.

في بعض المدن تتضاعف عدد حالات الابتزاز المبلغ عنها، فالعاصمة مكسيكو سيتي وصل فيها عدد الحالات خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري إلى 498 حالة، مقابل 249 حالة في نفس الفترة من 2024، وهو ما يعد أعلى إجمالي في هذه الفترة من العام خلال السنوات الست الماضية، بحسب بيانات الجريمة الفدرالية في المكسيك.


شاهد أيضاً: لماذا يتردد مصنعو السيارات في نقل مصانعهم من المكسيك وكندا؟


كيف تحدث عمليات السطو؟

في أحد الأمثلة على عمليات السطو التي تحدث من تلك العصابات، ذكرت وكالة أسوشيتد برس الأميركية أن أحد أصحاب متاجر الملابس الرجالية في قلب المركز التاريخي لمكسيكو سيتي تلقى في عام 2019 مكالمة من إحدى العصابات للمطالبة بما يعادل 500 دولار أسبوعياً "وإلا فسنضطر إلى اتخاذ إجراء".

وحين قال صاحب المتجر للمتصل في مكالمة أخرى خلال الأسبوع التالي أنه لن يدفع، وأن المبلغ المطلوب سيُعادل نصف دخل المتجر اليومي. قال المتصل: "حسناً، استعد لمواجهة العواقب".

وتلت ذلك سنوات من التهديدات المتصاعدة وزيارات المجرمين وعمليات السطو المسلح، حتى قرر صاحب المتجر إغلاق المكان الذي افتتحه جده عام 1936.

وفي إحدى عمليات السطو العديدة، احتُجز موظفو المتجر تحت تهديد السلاح، وقُيّدوا وحُبسوا في حمام، بينما كان اللصوص يسرقون الأموال من آلة تسجيل المدفوعات النقدية.

وبعد عامين من التهديدات والسطو، أبلغ صاحب المتجر السلطات. وطلب المحققون منه إثباتات لم يستطع تقديمها لأن التهديدات كانت لفظية دائماً، على حد ما قاله للوكالة. وفي النهاية لم يُسفر التحقيق عن نتيجة.


اقرأ أيضاً: المكسيك تهدد برفع دعوى قضائية ضد غوغل بسبب تغيير اسم "خليج المكسيك"


أغلب الحالات لا يتم الإبلاغ عنها

وبحب تقرير الوكالة، فإن حالات الابتزاز التي يتم الإبلاغ عنها ليست سوى جزء ضئيل مما يحدث على أرض الواقع، وقدّر المعهد الوطني للإحصاء والجغرافيا في المكسيك أن حوالي 97% من حالات الابتزاز في عام 2023 لم يتم الإبلاغ عنها.

وتعود معدل الإبلاغ المنخفضة عن حالات الابتزاز إلى مزيج من الخوف والشك في أن السلطات ستتخذ إجراءً.

وقال قائد شرطة مكسيكو سيتي، بابلو فاسكيز كاماتشو، لوكالة أسوشيتد برس، إن الشرطة تتلقى المزيد من بلاغات الابتزاز، لكنه أقرّ بأنها لا تزال لا تتلقى الكثير منها. 

وأضاف القائد الشرطي: "لا يمكننا حل مشكلة لا نراها أو لا يُبلّغ عنها".

من جانبه، قال رئيس غرفة تجارة مكسيكو سيتي، فيسنتي غوتيريز كامبوسيكو، إن المشكلة "ترسّخت" في المكسيك، وخاصةً في العاصمة، خلال السنوات الأخيرة.

أيضاً، قال دانيال برناردي، الذي تدير عائلته متجراً للمثلجات في المركز التاريخي لمدينة مكسيكو منذ 85 عاماً، إنه مستسلم للوضع. وأضاف برناردي: "ليس هناك الكثير مما يمكن فعله. تدفع عندما يتوجب عليك الدفع".


شاهد أيضاً: بعد 49 عاماً من الجريمة المتهم بها.. إعدام سجين أميركي بولاية مسيسيبي الأميركية


جهود حكومية

أعلن مكتب المدعي العام في مكسيكو سيتي، خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، إنشاء مكتب مدعٍ عام يختص بالتحقيق في الابتزاز وملاحقته قضائياً.

وخلال الشهر الجاري، قالت رئيسة المكسيك، كلوديا شينباوم، إنها ستقترح تشريعاً يمنح الحكومة صلاحيات أوسع لملاحقة المبتزين.

كما أعلنت إدارتها خلال الأسبوع الحالي عن استراتيجية وطنية للتصدي للابتزاز. وستُخصص أرقام هواتف للإبلاغ عن حالات الابتزاز دون الكشف عن هوية المتصل؛ وصلاحية إلغاء أرقام الهواتف المرتبطة بمكالمات الابتزاز فوراً.

وسيتم أيضاً تخصيص وحدات محلية لمكافحة الابتزاز للتحقيق في الحالات؛ ومشاركة وحدة الاستخبارات المالية المكسيكية لتجميد الحسابات المصرفية المرتبطة بالابتزاز.


اقرأ أيضاً: المكسيك وأزمة التكيلا.. ماذا حدث في "مكسيكو"؟


لماذا ترتفع حالات الابتزاز؟

على الصعيد الوطني، ارتفعت حالات الابتزاز بأكثر من 6% خلال السنة الأخيرة في المكسيك.

ويعود التوسع السريع للابتزاز إلى المبالغ الطائلة التي يُدرّها على الجريمة المنظمة، حيث يجذب أقوى عصابات المخدرات في البلاد من بين جهات أخرى. 

وقال محلل الأمن، ديفيد سوسيدو، لأسوشيتد برس، إن عصابات الجيل الجديد في ولايتي سينالوا وخاليسكو جعلت الابتزاز "أحد أهمّ فروع نشاطها الإجرامي".

ومع تورط عصابات الجريمة المنظمة، يستغل صغار المجرمين الخوف ويديرون شبكات ابتزاز صغيرة خاصة بهم، متظاهرين بالارتباط بالعصابات الأكبر.

لم يكن صاحب متجر ملابس الرجال في مكسيكو سيتي يعلم من يبتزه. ازدادت التهديدات، وهددوه الآن بالقتل إن لم يدفع، وهو ما دفعه في ديسمبر/ كانون الأول 2023، لم يجد أمامه خياراً سوى الإغلاق.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة