تطورات السويداء.. خرق للتهدئة وهجمات إسرائيلية وإدانة سورية

كشفت وزارة الداخلية السورية عن استمرار الاشتباكات بين القوات الحكومية السورية وبعض المجموعات "المسلحة" في بعض أحياء مدينة السويداء، وذلك بعد تعرض التفاهمات بينها وبين وجهاء المدينة للخرق من بعض المجموعات.

وقالت الوزارة، في بيان مساء يوم الثلاثاء، إن قوى الأمن الداخلي، بالتعاون مع وحدات من وزارة الدفاع، تمكنت من "طرد المجموعات الخارجة عن القانون من مركز مدينة السويداء، وتأمين المدنيين، وإعادة مظاهر الاستقرار إلى المدينة".

وأضافت الوزارة: "وفي أعقاب هذه العملية، عُقد اجتماع موسع ضم قائد الأمن الداخلي في السويداء، العميد أحمد الدالاتي، وعدداً من رجال الدين ووجهاء المدينة، حيث تم التوافق على تثبيت نقاط أمنية داخل المدينة، وسحب الآليات العسكرية ووحدات قوات الدفاع، استجابة لرغبة الأهالي وتعزيزاً لحالة التهدئة".

اقرأ أيضاً: هل تسرع التحولات الإقليمية "اتفاق سلام محتمل" بين سوريا وإسرائيل؟ (خاص -CNBC عربية)

وأردفت الوزارة قائلة: "غير أن هذه التفاهمات سرعان ما تعرضت للخرق، حيث عادت المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون لشنّ اعتداءات غادرة استهدفت عناصر الشرطة والأمن، في محاولة لإرباك المشهد الأمني ونسف ما تم التوصل إليه من تفاهمات محلية".

وأشارت الوزارة إلى أن الاشتباكات لا تزال مستمرة في بعض أحياء المدينة، "في ظل جهود حثيثة تبذلها الحكومة بالتنسيق مع وجهاء وأعيان السويداء، لاستعادة السيطرة الكاملة وفرض الأمن والاستقرار بشكل دائم".

كان وزير الدفاع في سوريا، مرهف أبو قصرة، أعلن في وقت سابق من اليوم، وقف إطلاق النار الكامل من جانب الجيش السوري، وقال إن القوات السورية لن تفتح النار إلا في حالة تعرضها لإطلاق النار.

وأضاف الوزير أيضاً أن أوامر صدرت للشرطة العسكرية بالانتشار في السويداء "لضبط السلوك العسكري ومحاسبة المخالفين"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا".

اقرأ أيضاً: تمويل أقل للفصائل.. هل تفسح واشنطن الطريق لحكومة الشرع في سوريا؟

نتنياهو: ملتزمون بحماية الدروز

يأتي بيان الداخلية السورية تزامناً مع ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي قال: "نحن نتحرك في سوريا ... لدينا التزام بالحفاظ على جنوب غرب سوريا كمنطقة منزوعة السلاح في دولة إسرائيل. لن نسمح بإنشاء لبنان ثانٍ هناك، كما أننا ملتزمون بحماية الدروز". 

وأضاف نتنياهو: "نحن نفعل ذلك من خلال إجراءات مكثفة. آمل ألا نضطر إلى اتخاذ إجراءات أخرى؛ فالأمر يعتمد بشكل كبير على ما يُفهم ويُفعل، وما لا يُفعل في دمشق أيضاً".

اقرأ أيضاً: وسائل إعلام إسرائيلية: عقد لقاء بين نتنياهو والشرع في واشنطن خلال سبتمبر

غارات إسرائيلية

وتأتي تصريحات نتيناهو بعد أن نفذت إسرائيل في وقت سابق من اليوم ضربات ضد القوات الحكومية السورية في جنوب غرب البلاد يوم الثلاثاء، بأوامر من رئيس ىالوزراء، ووزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس.

وقال نتنياهو وكاتس، في بيان مشترك صباح اليوم، إنهما أمرا الجيش الإسرائيلي بمهاجمة قوات الجيش السوري والأسلحة التي دخلت منطقة السويداء بجبل الدروز في سوريا فوراً، "والتي كان النظام ينوي استخدامها ضد الدروز، وهو ما ينتهك سياسة نزع السلاح التي قرراها، والتي تقضي بمنع دخول القوات والأسلحة التي تُعرّض إسرائيل للخطر في المنطقة الجنوبية من سوريا".

من جانبها، قالت وزارة الداخلية السورية، في بيانها اليوم، إن الطيران الإسرائيلي نفذ غارات جوية استهدفت مواقع انتشار القوات الأمنية والعسكرية السورية، ما أدى إلى مقتل عدد من عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش السوري.

اقرأ أيضاً: سوريا والأردن تتفقان على تأسيس مجلس تنسيقي مشترك لتعزيز التعاون الاقتصادي

وجاءت الضربات الإسرائيلية الأخيرة بعد أن أصدر الشيخ الدرزي حكمت الهاجري بياناً اتهم فيه القوات الحكومية بخرق وقف إطلاق النار، وحث المقاتلين على مواجهة ما وصفه "بالهجوم البربري".

إدانة من الحكومة السورية

من جانبها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، يوم الثلاثاء، إن الجمهورية العربية السورية "تدين بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الغادر الذي نُفذ صباح اليوم عبر غارات جوية وهجمات منسقة باستخدام طائرات مسيرة وطائرات حربية".

وأضافت وزارة الخارجية السورية، في بيان، أن هذه الهجمات استهدفت مناطق داخل الأراضي السورية، وأسفرت عن مقتل عدد من عناصر القوات المسلحة الأمنية والسورية، إلى جانب مقتل عدد من المدنيين.

وقالت الوزارة: "هذا العمل الإجرامي يعد انتهاكاً صارخاً لسيادة الجمهورية العربية السورية، وخرقاً فاضحاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ومثالاً مرفوضاً على العدوان المستمر والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة".

اقرأ أيضاً: توقيع مذكرة تفاهم في مجالات الطاقة وتوريد الغاز الطبيعي بين سوريا وأذربيجان

وحملت سوريا الجانب الإسرائيلي "المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء وتبعاته"، بحسب بيان الخارجية السورية، داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي إلى الوقوف عند مسؤولياتهم القانونية والإنسانية "وإدانة هذا العدوان بشكل واضح وفاعل".

وقالت وزارة الخارجية إن سوريا "تؤكد تمسكها الراسخ بحقها المشروع في الدفاع عن أراضيها وشعبها بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي".

وأضافت: "تؤكد الدولة السورية أنها حريصة على حماية جميع أبنائها دون استثناء وفي مقدمتهم أهلنا من أبناء الطائفة الدرزية (الموحدين الدروز) الذين يشكلون جزءاً أصيلاً من الهوية الوطنية والنسيج السوري الواحد، والذين لطالما كانوا مثالاً في الوطنية والشرف والبطولة في الدفاع عن الأرض والوطن".

ودعت الخارجية السورية أهالي محافظة السويداء إلى الوقوف "صفاً واحداً خلف دولتهم وجيشهم الوطني ورفض الانجرار خلف أي مشاريع مشبوهة أو دعوات فوضوية لأن التاريخ لا يرحم وسيسجل المواقف بين من انحاز لوطنه، ومن خذله أو تواطأ ضده".

أميركا تعمل على التهدئة

من جانبه، قال مبعوث الولايات المتحدة إلى سوريا، توماس باراك، إن الاشتباكات الأخيرة في مدينة السويداء مثيرة القلق، وأن الولايات المتحدة تعمل مع كل الأطراف من أجل التوصل إلى الهدوء في المدينة.

وقال المبعوث الأميركي في منشور له على منصة إكس: "نحن منخرطون بنشاط مع جميع الأطراف في سوريا للانتقال نحو التهدئة ومواصلة المناقشات البناءة. الاشتباكات الأخيرة في السويداء تثير القلق لدى الجميع، ونسعى للتوصل إلى نتيجة سلمية وشاملة لجميع الأطراف".

ونقل موقع أكسيوس الإخباري عن مسؤول أميركي أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب طالبت إسرائيل التوقف عن مهاجمة قوات الجيش السوري في جنوب سوريا، وهو ما استجابت له تل أبيب بحسب المسؤول، الذي قال إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بأنها ستوقف الهجمات مساء يوم الثلاثاء.