شركات الأدوية الكبرى تتجه نحو الصين: صفقات قياسية رغم التوترات التجارية

نشر
آخر تحديث
مصدر الصورة: AFP

استمع للمقال
Play

أنفقت شركات أدوية عالمية كبرى، من بينها «أسترازينيكا» و«فايزر»، مبالغ قياسية هذا العام على أدوية طُوّرت من قبل شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية، في مؤشر على تزايد اعتماد «شركات الأدوية الكبرى» على الصين، على الرغم من التوترات التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة.

وبحسب تقرير صادر عن بنك «جيفريز» هذا الشهر، شكّلت الصين 18% من إجمالي صفقات الترخيص التي أبرمتها شركات الأدوية متعددة الجنسيات منذ بداية العام، ارتفاعاً من 17% في العام الماضي، وهو أعلى مستوى تُسجّله الصين على الإطلاق. كما أن ثلث القيمة الإجمالية لهذه الصفقات جاء من الصين، في رقم قياسي جديد أيضاً.

وتقوم شركات الأدوية في هذه الصفقات بدفع مبالغ لشركات التكنولوجيا الحيوية الصينية مقابل حقوق حصرية لتسويق أدوية لا تزال في مراحلها المبكرة، عادةً خارج الصين. وفي حال نجاح الأدوية في التجارب السريرية، تحصل الشركات الصينية على مدفوعات إضافية.

وتأتي هذه التطورات في وقت تقترب فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب من الإعلان عن رسوم جمركية غير مسبوقة على قطاع الأدوية العالمي. وكان ترامب قد صرّح الأسبوع الماضي أن هذه الرسوم، التي اقترحت في أبريل نيسان الماضي، قد يتم الكشف عنها قبل نهاية يوليو تموز الجاري.

 

اقرأ أيضاً: تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 200% يُربك شركات الأدوية ويدفعها إلى سيناريوهات طارئة

 

ومنذ أبريل نيسان، حذّرت شركات الأدوية في إفصاحاتها التنظيمية الموجّهة للمساهمين من أن هذه الرسوم، المعروفة باسم «الرسوم وفق المادة 232»، تشكل تهديداً مباشراً لأرباحها.

ورغم أن بعض شركات الأدوية بدأت في نقل المزيد من عمليات التصنيع إلى داخل الولايات المتحدة، إلا أن مارك ماكليلان، المفوض السابق لإدارة الغذاء والدواء الأميركية والخبير في جامعة ديوك، أكّد أن «إعادة توطين التصنيع الدوائي لن يحدث بين عشية وضحاها» في ظل تأثيرات الرسوم الجمركية المرتقبة.

وقال أحد الخبراء إن «الصين تتقدم على الولايات المتحدة» في مجال الابتكار البيوتكنولوجي، وهو ما يثير مخاوف تتعلق بالأمن القومي الأميركي.

وأضاف: «لا شك أن هناك مخاطر حقيقية من منظور عسكري ومن زاوية الأمن البيولوجي، ترتبط بأكثر تقنيات الخلايا والجينات تقدماً».

ورغم إنفاق شركات الأدوية العالمية مليارات الدولارات على شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية، فإنها تحاول إقناع إدارة ترامب بأنها لا تملك علاقات كبيرة مع الصين.

 

اقرأ أيضاً: ترامب: التعرفات الجمركية على الأدوية ربما تصل إلى 200%


قالت رابطة شركات صناعة الأدوية الأميركية، وهي جماعة ضغط تمثل القطاع، إن معظم مكونات الأدوية المستوردة إلى الولايات المتحدة تأتي من أوروبا. وفي رسالة بتاريخ 7 مايو آيار إلى إدارة ترامب، أكدت شركة «أسترازينيكا» أنها لا تستورد أدوية من الصين، قائلة: «أسترازينيكا لا تستورد أي أدوية من الصين».

ولم يشر اللوبي الدوائي أو الشركات المعنية في مرافعاتهم ضد الرسوم الجمركية إلى الصفقات الترخيصية التي أبرموها مع شركات صينية.

وبحسب تقرير صادر عن «مورغان ستانلي» في 15 يوليو تموز، تُعد «أسترازينيكا» أكثر الشركات العالمية توقيعاً لاتفاقيات ترخيص مع شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية هذا العام، بقيمة لا تقل عن 13.6 مليار دولار مع خمس شركات حتى الآن. وفي يونيو، أعلنت الشركة عن صفقة بقيمة 5.2 مليارات دولار مع شركة CSPC التي تتخذ من شيجياتشوانغ مقراً لها، لتطوير مجموعة من الأدوية.

كما وقّعت شركات أميركية كبرى، منها «أبفي» و«ميرك» و«فايزر» و«ريجينيرون»، صفقات ترخيص بمليارات الدولارات في النصف الأول من عام 2025.

وقد أبرمت شركة «فايزر» أكبر صفقة ترخيص مع شركة صينية هذا العام، تمثلت في اتفاق بقيمة 6 مليارات دولار مع شركة 3Sbio لتطوير دواء لعلاج السرطان، مشيرة إلى أن إنتاجه سيتم داخل الولايات المتحدة.

وامتنعت «فايزر» عن التعليق، مكتفية بتصريحات سابقة أدلى بها الرئيس التنفيذي ألبرت بورلا بشأن الصفقة، فيما أحالت «أسترازينيكا» على تعليقاتها السابقة حول الرسوم الأميركية.

وتتجه شركات الأدوية العالمية نحو السوق الصينية في ظل ضغوط انخفاض أسعار الأدوية وانتهاء صلاحية براءات الاختراع لعقاقيرها الرائجة، بحسب تقرير لـ«جيفريز».

وفي المقابل، تسعى شركات الأدوية الصينية إلى التوسع عالمياً بعد أن اضطرت إلى خفض أسعار الأدوية المبتكرة للتمكن من إدراجها ضمن التأمين الطبي الوطني في الصين، ضمن حملة حكومية لخفض تكلفة الأدوية.

وفي الوقت نفسه، دفع شُح التمويل في قطاع التكنولوجيا الحيوية في الصين، لا سيما خلال عام 2024، العديد من الشركات إلى البحث عن صفقات مع أطراف أجنبية لتمويل التجارب السريرية المكلفة خارج البلاد.

 

شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية

 


شهدت أسهم شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية ارتفاعاً لافتاً خلال العام الجاري، مدفوعة بزيادة استثمارات شركات الأدوية العالمية في السوق الصينية، حيث ارتفع مؤشر "هانغ سنغ بيوتك" بنسبة 79% منذ بداية العام، متفوقاً بفارق كبير على المؤشر الرئيسي في هونغ كونغ "هانغ سنغ" الذي حقق عائداً نسبته 24.6%.

وقالت كيرستن آكسلسن، الزميلة في معهد "أميريكان إنتربرايز"، إن الرئيس دونالد ترامب يفضّل استخدام سياسة "العصا" بدلاً من "الجزرة" في الضغط على شركات الأدوية لخفض أسعار الأدوية في السوق الأميركية. في المقابل، تستقطب الصين تلك الشركات من خلال خفض تكلفة تطوير الأدوية.

وأشارت آكسلسن إلى أن التجارب السريرية تُنجز في الصين بوتيرة أسرع من الولايات المتحدة، ما يعزز جاذبية السوق الصينية أمام شركات الأدوية الباحثة عن تسريع الابتكار وتقليص التكاليف.

وأضافت: «كل هذه الأموال الدوائية تدفقت إلى الصين لأن الحكومة الصينية استثمرت في تطوير قطاعها الحيوي، بينما لم تقم الحكومة الأميركية بذلك». وتابعت: «الرسالة المثالية التي ينبغي للإدارة الأميركية أن تدركها هي أن الاستثمار في قطاع التكنولوجيا الحيوية يجذب أنظار العالم ويقود الابتكار».

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة