قد تُؤدي الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تعزيز الذكاء الاصطناعي، وبناء مراكز بيانات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، إلى تسريع طفرة تأسيس مراكز البيانات التي كان من المتوقع بالفعل أن تُرهق قدرة البلاد على توفير الطاقة.
ويأتي ذلك بعد إعلان الإدارة الأميركية، يوم الأربعاء، "خطة عمل الذكاء الاصطناعي"، والتي تعهدت بتسريع إصدار تراخيص بناء مراكز بيانات كثيفة الاستهلاك للطاقة، بهدف تحقيق الريادة في مجال تضخ فيه شركات التكنولوجيا وغيرها مليارات الدولارات من الاستثمارات.
وتتضمن الخطة إمكانية رفع بعض القيود، بما في ذلك قوانين الهواء والماء النظيفين، لمكافحة "العقيدة المناخية المتطرفة"، بما يتوافق مع أجندة ترامب "للهيمنة الأميركية على الطاقة" وجهوده لتقويض الطاقة النظيفة.
الحاجة إلى كميات كبيرة من الطاقة
بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأميركية، تحتاج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى كميات كبيرة من الكهرباء من أجل دعم الخوادم والمعدات المعقدة وغير ذلك. من المتوقع أن يتضاعف الطلب على الكهرباء من مراكز البيانات حول العالم بحلول عام 2030، وهو أعلى بقليل استهلاك الكهرباء الإجمالي في اليابان خلال الوقت الحالي، بحسب ما ذكرته وكالة الطاقة الدولية في وقت سابق من عام 2025.
وقد يتم إنتاج هذه الكهرباء من حرق الفحم أو الغاز الطبيعي في كثير من الحالات، وهو ما يتسبب في انبعاثات غازات دفيئة تُسبب الاحتباس الحراري بسبب استخدام هذين الوقودين الأحفوريين، ومن تلك الغازات ثاني أكسيد الكربون والميثان. وترتبط تلك الانبعاثات بظواهر جوية قاسية أحياناً.
أيضاً تحتاج مراكز البيانات المُستخدمة في تشغيل الذكاء الاصطناعي للحفاظ على برودتها إلى كميات هائلة من المياه، وهو ما يعني أنها قد تُستنزف مصادر المياه في الأماكن التي قد لا تملك فائضاً بشكل كافٍ.
اقرأ أيضاً: ترامب يوقع أمراً تنفيذياً لتسريع تنفيذ المشروعات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي
كيف تعمل الشركات على توفير هذه الطاقة؟
يقول خبراء إن شركات التكنولوجيا العملاقة والشركات الناشئة والمطورين الآخرين عادةً ما يحاولون إبقاء محطات الطاقة الحالية في الولايات المتحدة قيد التشغيل لتلبية الطلب، بينما لا تزال معظم تلك المحطات تُنتج الكهرباء باستخدام الوقود الأحفوري - وغالباً الغاز الطبيعي.
أيضاً بدأ العمل بمزيج من مصادر الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة على شكل بطاريات في مناطق معينة من الولايات المتحدة.
لكن استخدام الطاقة النووية تُعتبر ذات أهمية خاصة كوسيلة من أجل تقليل الانبعاثات الناتجة عن التوسع في مراكز البيانات مع الاستمرار في تلبية الطلب والحفاظ على القدرة التنافسية.
من جانبها، قالت شركة أمازون Amazon، خلال يونيو/ حزيران الماضي، أنها ستستثمر 20 مليار دولار في مواقع مراكز بيانات في ولاية بنسلفانيا الأميركية، بما يتضمن مركزاً بجوار محطة طاقة نووية. ويسمح هذا الاستثمار للشركة بالتوصيل المباشر بالمحطة.
أيضاً وقَّعت شركة ميتا Meta خلال الفترة الأخيرة اتفاقيةً من أدل تأمين الطاقة النووية لتلبية احتياجاتها الحاسوبية. وتخطط مايكروسوفت Microsoft لشراء الطاقة من محطة الطاقة النووية في جزيرة ثري مايل، كما وقَّعت غوغل Google في وقت سابق عقداً لشراء الطاقة من عدة مفاعلات صغيرة معيارية قيد الإنشاء.
لكن في الغالب ما يتم بناء مراكز البيانات في المواقع التي تكون فيها الكهرباء أرخص، وغالباً تكون من غير مصادر الطاقة المتجددة. وفي بعض الأحيان، يُستشهد بمراكز البيانات كسبب لإطالة عمر محطات الطاقة التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: استخدام الفحم لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.. ما هي خيارات الشركات؟
صعوبة تلبية الطلب من مصادر الطاقة المتجددة فقط
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال الأسبوع الجاري، أكبر شركات التكنولوجيا على مستوى العالم إلى تلبية احتياجات مراكز البيانات التابعة لها بشكل كامل من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. وذكر أنه من المهم استخدام كميات أقل من الوقود الأحفوري.
ورغم من أن القطاع يمكنه تحقيق الكثير باستخدام الطاقة النظيفة، فإن الطلب المتزايد كبير جداً لدرجة أنه من الصعب الاعتماد على الطاقة النظيفة وحدها من أجل تلبيته، بحسب ما قاله أستاذ الهندسة بجامعة بنسلفانيا الأميركية، بنيامين لي، للوكالة الأميركية.
وذكر أستاذ الهندسة أن المزيد من الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومراكز البيانات الضخمة يعني أن "الاعتماد على طاقة الرياح والطاقة الشمسية فقط مع البطاريات يصبح مكلفاً للغاية"، ولهذا السبب يتركز الاهتمام حالياً على الغاز الطبيعي، وأيضاً بالطاقة النووية.
اقرأ أيضاً: أمازون وإنفيديا تؤكدان عدم تباطؤ الطلب على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي
ماذا يعني المزيد من مراكز البيانات بالنسبة لأسعار الكهرباء؟
بغض النظر عن مصدر الطاقة الذي يُشغّل الذكاء الاصطناعي، فإن قانون العرض والطلب البسيط يجعل من شبه المؤكد ارتفاع التكاليف على المستهلكين، بحسب تقرير الوكالة.
قد تتطلب مشروعات مراكز البيانات الجديدة توليد طاقة جديدة واستخدام أخرى قائمة. وقد يستثمر المطورون أيضاً في البطاريات أو غيرها من البنى التحتية مثل خطوط النقل. كل هذا يكلف مالاً، ويجب أن تدفعه جهة ما.
وقالت العالمة البارزة في منظمة الأبحاث "Project Drawdown"، أماندا سميث، لأسوشيتد برس: "في كثير من المناطق في الولايات المتحدة، نرى ارتفاعاً في الأسعار (الكهرباء) لأن شركات المرافق العامة تتخذ هذه الخطوات في محاولة للتخطيط".
وأضافت أماندا سميث: "إنهم يخططون لبنية تحتية لنقل الكهرباء، ومحطات طاقة جديدة لمواكبة النمو والحمل المتوقع، وهو ما نريدهم أن يفعلوه". "لكننا، كدافعي ضرائب، سنشهد في النهاية زيادة في الأسعار لتغطية ذلك".
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي