تشمل أساليب التحايل على الاشتراكات المختلفة إنشاء حسابات بريد إلكتروني جديدة أو استخدام حسابات الأصدقاء وأفراد العائلة، إضافة إلى وضع تذكيرات لإلغاء الاشتراك قبل بدء تحصيل الرسوم، رغم أن هذه الطريقة لا تخلو من القصور
يتجه المستهلكون إلى بذل جهود كبيرة لتوفير المال، لكن أدواتهم تغيرت بمرور الزمن؛ ففي حين اعتمدت هذه الجهود سابقاً على قصّ القسائم الورقية من الصحف للحصول على خصومات على السلع اليومية بات هذا الأسلوب شبه منقرض.
تشير بيانات السوق إلى أن عدد القسائم التي استخدمها المسوّقون في العام 2024 بلغ نحو 50 مليار قسيمة فقط، مقارنة بـ 330 مليار قسيمة في العام 2010، ولم يتم استرداد سوى أقل من 2% منها، بحسب بيانات نشرها "بيزنس انسايدر".. وهذا التراجع فتح المجال أمام طرق جديدة للبحث عن التخفيضات، أبرزها الاشتراكات التجريبية المجانية.
نمو اقتصاد الاشتراكات
شهد اقتصاد الاشتراكات توسعاً كبيراً خلال العقد الأخير، إذ نما بنسبة تجاوزت 400% وفق بعض التقديرات، ما دفع الشركات إلى تبني نموذج الإيرادات المتكررة والعقود طويلة الأمد التي يصعب على العملاء إلغاؤها بسهولة. ومن المرجح أن تصل إيرادات الاشتراكات هذا العام إلى نحو 1.5 تريليون دولار.
اقرأ أيضاً: ما أقوى 10 عملات أمام الدولار؟
من أبرز أدوات جذب العملاء اعتماد الشركات على الاشتراكات التجريبية المجانية، التي تقوم على إتاحة الخدمة لفترة محدودة بهدف دفع المستهلك للاشتراك الدائم أو نسيان إلغاء الخدمة والاستمرار في الدفع تلقائياً. وبعد اشتراك العملاء، تعمل بعض الشركات على جعل عملية الإلغاء أكثر تعقيدًا مما يجب أن تكون عليه.
سلوك المستهلكين يتغير
ينقل التقرير عن المستشار المتخصص في شركات الاشتراكات، روبي كيلمان باكستر، قوله إن هذا الواقع فرض تحديات جديدة على المستهلكين، مردفاً: "تشعر وكأن عليك أن تكون يقظاً تماماً عندما تتعامل مع عالم الاشتراكات كمستهلك".
ويشير إلى أن انتشار هذه الاشتراكات "الصعب الخروج منها" ترافق مع بروز سلوكيات جديدة لدى المستهلكين، حيث أصبح عدد متزايد من العملاء يتعامل بمرونة أكبر مع هذه النماذج، عبر التنقل المستمر بين الاشتراكات التجريبية والمخفضة، في محاولة للتحايل على القيود المفروضة.
ويضيف: المستهلكون أصبحوا أكثر وعياً بالتجارب المجانية والخصومات العميقة، ويستخدمون النظام لمصلحتهم بدرجة جعلت الأمر يمثل تحديًا حقيقيًا لعدد كبير من شركات الاشتراكات."
مواجهة مستمرة بين الشركات والعملاء
تحولت هذه الممارسات إلى معادلة أشبه بـ "نحن ضدهم"، إذ تراهن الشركات على أن العملاء لن يكملوا خطوات الإلغاء، في حين يعتمد المستهلكون على تنبيهات متعددة لتذكير أنفسهم بالدخول إلى البريد الإلكتروني المُستخدم للتسجيل وإنهاء الاشتراك قبل تحوله إلى مدفوع.
تتعدد الأساليب التي يستخدمها المستهلكون للتحايل على أنظمة الاشتراكات التجريبية، وتتراوح بين طرق بسيطة وأخرى تصل إلى حد الممارسات المبالغ فيها. وتشمل هذه الأساليب إنشاء حسابات بريد إلكتروني جديدة أو استخدام حسابات الأصدقاء وأفراد العائلة، إضافة إلى وضع تذكيرات لإلغاء الاشتراك قبل بدء تحصيل الرسوم، رغم أن هذه الطريقة لا تخلو من القصور.
وكشف أحد المستهلكين عن أسلوب شخصي يتبعه لتجنب الرسوم غير المرغوبة، إذ يقوم بفتح بطاقة ائتمانية واحدة فقط عند التسجيل في خدمة اشتراك أو عند حجز مطعم يتطلب رسوم إلغاء، ثم يعيد إغلاقها مباشرة بعد ذلك، بحيث يتم رفض أي عملية سحب إضافية لاحقة. ويطلق على هذه البطاقة اسم "بطاقتي المضادة لأي محاولة استغلال.
كيف يتحايل المستهلكون على الاشتراكات؟
يتبنى ستيفن كارلسون، مصمم مقيم في نيويورك، أساليب أكثر تطوراً للتحايل على أنظمة الاشتراكات. فهو يعتمد على منصة Privacy التي تتيح للمستخدمين إنشاء أرقام بطاقات افتراضية مؤقتة مرتبطة بحساباتهم البنكية، مع إمكانية تحديد حدود الدفع وتواريخ انتهاء الصلاحية.
يقوم كارلسون بفتح حساب جديد، ثم يربطه ببطاقة افتراضية، ويضبط انتهاء صلاحية البطاقة مباشرة بعد نهاية فترة التجربة المجانية. وعندما يتم رفض عملية الدفع، يظهر له إشعار بذلك، ليذكره بأنه أنشأ هذا الاشتراك، فيقرر إما الدفع للاستمرار أو تركه ينتهي تلقائياً. كما تتيح لوحة التحكم في المنصة تتبع البطاقات المفتوحة والخدمات المرتبطة بها، ما يساعده على متابعة أي زيادات في الرسوم ومعرفة جميع الاشتراكات النشطة لديه.
ويقول كارلسون: "الهدف هو عدم الاشتراك في خدمات ثم نسيانها ومواصلة الدفع مقابلها، وهو بالضبط ما تعتمد عليه شركات الاشتراكات في استراتيجياتها".
بينما يختار ديفن بودرو، وهو مسوّق رقمي من ولاية أيداهو، الانتظار حتى تتراكم العروض التي يرغب في مشاهدتها على منصات البث، ثم يشترك لفترة قصيرة يشاهد فيها ما يريد دفعة واحدة، قبل أن يلغي الاشتراك.
ويُشير إلى أن منصة Apple TV+ تمثل هدفاً مثالياً لهذه الاستراتيجية لأنها "لا تضيف الكثير من المحتوى بشكل متكرر"، على حد وصفه. ويعتمد بودرو على تدوير حسابات بريد إلكتروني مختلفة، إذ يرى أن إنشاءها عملية سهلة، كما أن منصات البث أو شركات المحتوى لا تبدو مهتمة بتتبع عناوين بروتوكولات الإنترنت (IP) أو حتى العناوين الفعلية للمشتركين. ويقول: "إنه أمر في غاية السهولة، لا يستغرق سوى ثوانٍ قليلة، وأعتقد بأن هذه الأمور الصغيرة تتراكم في النهاية".
أساليب أخرى
وفي ولاية كونيتيكت، تتعامل كايتلين أفيلس-كاستيلو، وهي مديرة تسويق منتجات، مع الاشتراكات المجانية لخدمات توصيل الطعام أو البطاقات المؤقتة الخاصة بالتمارين الرياضية باعتبارها "مكافأة صغيرة" تمنحها لنفسها بين الحين والآخر. وبسبب ارتفاع أسعار هذه الخدمات، لا ترى أنها قادرة على الالتزام بها لفترات طويلة، فتستخدمها بشكل متقطع حسب الحاجة. وتشير إلى أن الشركات عادة ما تقدم للمشتركين الجدد عروضاً أفضل من تلك التي يحصل عليها العملاء الدائمون، ما يجعل الاشتراكات الجديدة أكثر قيمة.
وتؤكد آشلي سويت، مديرة حسابات من كاليفورنيا، هذا التوجه، إذ اعتادت الاشتراك في التجارب المجانية لمنصة FuboTV لمشاهدة مباريات كرة القدم الجامعية، وتقول: "الاشتراكات أصبحت باهظة للغاية هذه الأيام، وهناك الكثير منها.، بحسب ما نقله تقرير "بيزنس انسايدر" الذي استعرض نماذج لكيفية تحايل عديد من المستهلكين على الاشتراكات بأسلوبهم الخاص.
يوضح نيل ماهوني، الخبير الاقتصادي بجامعة ستانفورد الذي درس الاشتراكات، أن التجارب المجانية تستغل ما يسميه خبراء الاقتصاد السلوكي قصير النظر أو الخصم المبالغ فيه، وهو في الأساس قصر نظر من جانب المستهلكين. نركز على الوجبات الخمس المجانية التي تقدمها خدمة مجموعات الوجبات ، أو السعر التشويقي لعرض بطاقة الائتمان، وننظر إلى الرسوم التي قد تأتي لاحقًا كمشكلة لاحقة. كما أنها تستغل القصور الذاتي.
ومن السهل الانضمام إلى العديد من الاشتراكات ويصعب الخروج منها، ومن هنا جاءت محاولة لجنة التجارة الفيدرالية التي تم حظرها مؤخرًا لإجبار الشركات على تسهيل الإلغاء .
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي