قمة ألاسكا.. اختبار لصلابة التحالف الغربي أمام الضغط الروسي

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

اقرأ في هذا الملف: 

◾️ هل يسعى الكرملين لمحاولة استخدام "قمة ألاسكا" القادمة لفصل واشنطن عن أوروبا بدلاً من الانخراط في جهود سلام ذات مغزى؟

◾️ "الكرملين يحاول منذ فترة طويلة إضعاف التماسك بين الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا؛ كجزء من حملة أوسع لردع المزيد من الدعم الغربي لأوكرانيا وصرف الانتباه عن تعنت روسيا فيما يتصل بعملية السلام"، بحسب تحليل لمعهد دراسة الحرب


تتجه الأنظار الدولية هذا الأسبوع إلى ولاية ألاسكا الأميركية، حيث يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة المقبل الموافق 15 أغسطس/آب، في قمة وُصفت بأنها من أخطر اللقاءات الثنائية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

تأتي القمة وسط تصاعد الرهانات على إمكانية إحداث اختراق في مسار الصراع، في وقت تزداد فيه الانقسامات داخل المعسكر الغربي حول سبل التعاطي مع موسكو.

لا تنفصل هذه القمة عن سياق سياسي وجيوسياسي بالغ التعقيد، إذ يسعى الكرملين إلى استثمار اللحظة السياسية الراهنة لإعادة صياغة موازين القوى بين واشنطن وأوروبا، ومحاولة فرض مقاربة تفاوضية تُبقي على مكاسبه الميدانية. وفي المقابل، تحرص العواصم الأوروبية على التمسك بوحدة الصف الغربي خلف أوكرانيا، وإبقاء أي تسوية ضمن إطار يحافظ على القانون الدولي وسيادة الدول.

وبينما يتابع المراقبون ما ستسفر عنه محادثات ألاسكا، تتكثف المؤشرات على أن ما يجري خلف الأبواب المغلقة لن يقتصر على بحث ترتيبات وقف إطلاق النار، بل سيمتد إلى اختبار مدى قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على الصمود أمام استراتيجية روسية تستهدف إعادة تشكيل خريطة التحالفات وخلخلة التماسك عبر الأطلسي.

إضعاف التماسك

في هذا السياق، يشير تحليل لمعهد دراسة الحرب، وهو مجموعة بحثية مقرها واشنطن، إلى أن "الكرملين يحاول منذ فترة طويلة إضعاف التماسك بين الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا؛ كجزء من حملة أوسع لردع المزيد من الدعم الغربي لأوكرانيا وصرف الانتباه عن تعنت روسيا فيما يتصل بعملية السلام".

ويشير التحليل إلى عددٍ من التصريحات والمواقف الروسية التي تكشف ذلك التوجه المرتبط بمحاولة استخدام "قمة ألاسكا" القادمة لفصل واشنطن عن أوروبا بدلاً من الانخراط في جهود سلام ذات مغزى، فقد زعمنائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف في 10 أغسطس/ آب عبر حساباته باللغتين الإنكليزية والروسية على تيليغرام أن أوروبا تحاول منع الولايات المتحدة من المساعدة في وقف الحرب في أوكرانيا.

كما ذكر رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي ليونيد سلوتسكي في 9 أغسطس أن "الدول الأوروبية تنتهج سياسة معادية لروسيا وتحاول منع التوصل إلى تسوية سلمية سريعة في أوكرانيا". وكذلك قال عالم السياسة الروسي سيرغي ماركوف لصحيفة  واشنطن بوست  في 10 أغسطس إن "المصلحة الرئيسية لروسيا في قمة ألاسكا هي تصوير أوكرانيا وأوروبا بدلاً من روسيا على أنهما عقبتان أمام السلام في أوكرانيا".

اقرأ أيضاً: قمة ألاسكا.. ما هي أهداف "بوتين" الخاصة؟

ويضيف ماركوف أن روسيا ترفض اتخاذ أي خطوات إلى الوراء وأن التسوية الوحيدة التي ترغب روسيا في النظر فيها هي وقف الجهود العسكرية للسيطرة على منطقتي أوديسا وخاركيف ومدينتي خيرسون وزاباروجيا. وعبر عن أمله في أن يدرك ترامب أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي هو السبب الرئيسي لحرب روسيا في أوكرانيا وأن القادة الأوروبيين هم السبب الثاني للحرب وليس روسيا.

وورد في تقرير معهد دراسات الحرب أن المحللين يرون أنه لا يوجد دليل على استعداد روسيا للتنازل عن أهدافها الراسخة المتمثلة في منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتنصيب حكومة موالية للكرملين في كييف، ونزع سلاح أوكرانيا. وأضافوا أن هذه الأهداف مجتمعةً تُعدّ بمثابة "استسلام كامل" لأوكرانيا.

ويحذر المحللون من أنه حتى لو أدت الاجتماعات في ألاسكا إلى وقف إطلاق النار، فإن روسيا من المرجح للغاية أن "تنتهك وتسلّح" أي اتفاقات.

الموقف الأوروبي

فيما يتعلق بالموقف الأوروبي، يواصل حلفاء أوكرانيا الأوروبيين الإشارة إلى دعمهم لأوكرانيا وجهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة قبل قمة ألاسكا.

نشر  الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والمستشار الألماني فريدريش ميرز ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بيانًا مشتركًا في 9 أغسطس/آب عبروا فيه عن دعمهم لجهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة ودعوا إلى مشاركة أوكرانيا وأوروبا في مفاوضات السلام المستقبلية.

ودعا القادة الأوروبيون إلى وقف إطلاق النار أو الحد من الأعمال العدائية قبل بدء المفاوضات وذكروا أن خط المواجهة الحالي يجب أن يكون نقطة انطلاق للمفاوضات. كما دعا القادة إلى ضمانات أمنية قوية وموثوقة تحمي سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. أعرب القادة عن التزامهم بمبدأ عدم إمكانية تغيير الحدود الدولية بالقوة وأكدوا مجددًا أن حرب روسيا في أوكرانيا ينتهك ميثاق الأمم المتحدة وقانون هلسنكي ومذكرة بودابست من بين الاتفاقيات الدولية الروسية الأخرى.

خداع واشنطن!

وفي سياق متصل، يشير تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه مع استعداد الرئيس ترامب والرئيس فلاديمير بوتين للقاء في ألاسكا يوم الجمعة، مما يضع حدا لسنوات من العزلة الدبلوماسية التي عاشها الزعيم الروسي مع الغرب "يحذر زعماء أوكرانيا المهمشون من أن الكرملين سيحاول خداع أميركا بينما يسعى ترامب إلى إنهاء الحرب".

اقرأ أيضاً: قمة آلاسكا: أوروبا تطلب إشراكها مع أوكرانيا لأي اتفاق بين أميركا وروسيا

بينما الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عازم على إثبات أن بلاده ليست عائقاً أمام السلام، مؤكداً استعداد كييف لقبول وقف إطلاق نار غير مشروط، وهي فكرة رفضتها روسيا.

ويحذّر زيلينسكي من أن الرئيس بوتين سيحاول إثارة الخلاف بين الولايات المتحدة وأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين من خلال طرح مطالب يعلم الكرملين أن أوكرانيا لا تستطيع قبولها، ثم تصوير زيلينسكي على أنه العائق أمام التوصل إلى اتفاق.

وقال زيلينسكي في خطابه المسائي ليلة الأحد: "نحن نفهم نية الروس في محاولة خداع أمريكا - ولن نسمح بذلك".

فرص إشراك زيلينسكي

وتضغط أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بشدة من أجل إشراك زيلينسكي في المفاوضات، خوفًا من عواقب المحادثات الثنائية التي تستبعدهم، في ضوء "المطالب المتطرفة لبوتين" والتي تقول أوكرانيا إنها تهدد بقاءها.
لكن نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، ذكر في تصريحات لـ "فوكس نيوز" يوم الأحد أن الولايات المتحدة تحاول جدولة اجتماع ثلاثي بين ترامب وبوتين وزيلينسكي، لكن القيام بذلك كان صعباً.

اقرأ أيضاً: ترامب يلتقي بوتين في آلاسكا.. هل بدأ العد التنازلي لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

يقول فانس إن "أحد أهم العقبات هو تصريح فلاديمير بوتين بأنه لن يجلس أبداً مع زيلينسكي". وقد دعا الزعيم الأوكراني مراراً وتكراراً إلى محادثات مباشرة مع بوتين بأي شكل من الأشكال، لكن روسيا رفضت.

وقال زيلينسكي يوم الأحد إنه في حين أنه يقدر "التزام الرئيس ترامب لإنهاء عمليات القتل في هذه الحرب"، فإن السبب الجذري للصراع الدموي هو "رغبة بوتين في شن الحرب والتلاعب بكل من يتعامل معه".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة