قد يكون احتمال عودة مقر شركة «شي إن» إلى الصين بمثابة محاولة أخيرة للحفاظ على مسار الاكتتاب العام الأولي للشركة، بعد سلسلة من العقبات، وفقاً لما يرى المحللون.
تدرس الشركة الصينية المنشأ والتي تتخذ من سنغافورة مقراً لها إمكانية إعادة مقرها إلى الصين في محاولة لإقناع السلطات الصينية بالموافقة على اكتتابها العام المرتقب.
يأتي ذلك بعد أن قدمت الشركة، الشهر الماضي، طلباً سرياً للاكتتاب العام في هونغ كونغ، وفق تقرير لصحيفة «فايننشال تايمز»، متخليةً بذلك عن طموحاتها في الاكتتاب بلندن.
وقالت ميلاني تنغ، محللة رأس المال الخاص في سنغافورة لدى «PitchBook» لـCNBC، إن الاقتراح بإعادة مقر الشركة لم يكن مفاجئاً، بالنظر إلى أن «شي إن» تبدو الآن عازمة على الاكتتاب في المدينة.
اقرأ أيضاً: تراجع أرباح «شي إن» يزيد من التحديات أمام طرحها العام المخطط له في بورصة لندن
وصرح بيريس لي، رئيس أسواق رأس المال لآسيا والمحيط الهادئ لدى «Mergermarket»، قائلاً: «بعد سنوات من محاولات الشركة لتقديم نفسها كعلامة تجارية عالمية، عادت إلى المربع الأول».
وأضافت تنغ عبر البريد الإلكتروني: «بالنسبة لشركات مثل شي إن التي تعمل عند تقاطع قطاع المستهلكين والتجارة الرقمية وعبر الحدود، تُعد هونغ كونغ ربما الخيار الوحيد الجدّي للاكتتاب خارج الصين».
وقد واجهت «شي إن» تحديات كبيرة في مساعيها للاكتتاب العام، بعد أن حولت اهتمامها العام الماضي من الاكتتاب في نيويورك إلى لندن، لكنها ما زالت تواجه اعتراضات من الجهات التنظيمية.
وأوضحت تنغ: «إعادة توطين الشركة قد تكون خطوة استراتيجية لإظهار توافقها مع اللوائح وزيادة وضوح الاكتتاب».
وكانت الشركة قد نقلت مقرها إلى سنغافورة في 2022 في محاولة لتقديم نفسها كجهة دولية قبل مساعي الاكتتاب. ومع ذلك، وبالنظر إلى اعتمادها الكبير على مصادرها وعملياتها في الصين، فإن أي اكتتاب يجب أن يحظى بموافقة لجنة الأوراق المالية الصينية، مما يجعل هونغ كونغ خياراً أكثر سهولة مقارنة بأي مدينة أخرى، بما في ذلك سنغافورة.
وفي هذا السياق، قال بيريس لي إن احتمال نقل المقر مرة أخرى إلى الصين يوحي بأن الشركة استنفدت كل خياراتها الأخرى.
وأضاف: «بعد سنوات من محاولة الترويج لنفسها كعلامة تجارية عالمية وليس كشركة أزياء صينية، عادت إلى المربع الأول. والأسوأ من ذلك أن هذه الخطوة تأتي بعد أن تراجع تقييمها بشكل حاد».
اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يعتزم شن إجراءات صارمة ضد شركتي "تيمو" و"شي إن"
كانت «شي إن» قد قُدرت قيمتها بنحو 100 مليار دولار قبل ثلاث سنوات، لكنها شهدت تراجعاً كبيراً في قيمتها، وتواجه حالياً ضغوطاً من المستثمرين لتخفيضها إلى نحو 30 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه، تواجه الشركة تدقيقاً شديداً بشأن سلسلة التوريد الخاصة بها واتهامات باستخدام العمالة القسرية لإنتاج منتجاتها منخفضة التكلفة للغاية، وهو ما تنفيه الشركة بشدة.
وقال لي: «التحدي الحقيقي في حالة الاكتتاب في هونغ كونغ سيكون العلاقات العامة».
وأضاف: «ستحتاج الشركة ومستشاروها إلى إقناع المستثمرين بأن شي إن ستكون جديرة بالقيمة المطلوبة وقت الاكتتاب، بعد محاولتين فاشلتين للاكتتاب في الخارج، ناهيك عن الجدل حول صناعة الأزياء السريعة نفسها».
ومن جانب آخر، سيكون اكتتاب «شي إن» في هونغ كونغ بمثابة دفعة إضافية للإقليم شبه المستقل، الذي برز هذا العام كأحد أهم مواقع الاكتتاب عالمياً.
فقد قفزت أحجام الاكتتابات الجديدة في بورصة هونغ كونغ نحو ثمانية أضعاف لتصل إلى 14 مليار دولار في النصف الأول من 2025، مقارنة بـ1.8 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، وفق بيانات «Dealogic». وتتوقع شركة «PwC» أن يغلق السوق العام كأكبر منصة للاكتتابات في العالم.
وقد شملت هذه الاكتتابات عدداً من الشركات الصينية المدرجة في البر الرئيسي التي تسعى لإدراج ثانوي في هونغ كونغ، مثل شركة بطاريات «Contemporary Amperex Technology».
وقال لي: «سيقدم اكتتاب شي إن في هونغ كونغ بعداً جديداً لسوق الاكتتابات، باعتباره اكتتاباً أولياً من نوعه»، مضيفاً أن إدراج شركة أزياء سيضيف بُعداً مبتكراً للأسواق العامة في هونغ كونغ.
اقرأ أيضاً: مأزق جديد للشركة.. هل تؤدي منتجات "شي إن" إلى الإصابة بالسرطان؟
وعزت تنغ من «PitchBook» هذا الانتعاش إلى تحسن معنويات المستثمرين وتسريع إجراءات الموافقة على الاكتتاب في قطاعات مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية، مقارنة بلندن التي تعاني من سوق اكتتاب ضعيف عقب سلسلة من الشطب والانحسار. وتشير بيانات «Dealogic» إلى أن التمويل من اكتتابات لندن تراجع إلى أدنى مستوياته خلال ثلاثة عقود في النصف الأول من هذا العام.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي