"صناديق البحث".. طريق بعض رواد الأعمال لبناء الثروة عبر الاستحواذ

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

تبرز أهمية أداة استثمارية في الولايات المتحدة تحت مسمى "صندوق البحث" خلال الفترة الحالية مع استعداد الملايين من جيل طفرة المواليد للتقاعد في الوقت الذي يمتلك فيه أشخاص تبلغ أعمارهم 55 عاماً فأكثر ما يتجاوز نصف الشركات الصغيرة في البلاد، ومع ذلك يفتقر معظمها إلى خطة خلافة في الإدارة.

في المقابل يسعى بعض رواد الأعمال من الشباب - جيل الألفية وجيل Z - إلى بدء عملهم من خلال الاستحواذ على مشروعات جاهزة بالفعل، مما يجنبهم التعرض لمخاطر بدء المشروعات، وبالتالي تعد مثل هذه الشركات التي يكبر أصحابها في السن فرصة لهؤلاء الشباب.

وغالباً ما تكون هذه الشركات غير جذابة، لكنها ضرورية لاستمرار المجتمع والتي تعمل في عدد من المجالات المهمة مثل السباكة، وتأجير المعدات، ومكافحة الآفات. وتتمثل أهمية صناديق البحث في إتمام هذه الصفقات عبر تمويل رواد الأعمال الشباب، بحسب تقرير لشبكة CNBC.

 


شاهد أيضاً: من الطهي إلى ريادة الأعمال.. شاب أميركي يحقق الملايين من "الحمص"!


 

ما هي أداة "صندوق البحث"؟

 

تأسست صناديق البحث - المعروفة أيضاً باسم "ريادة الأعمال من خلال الاستحواذ" - في عام 1984، وهي تسمح للأفراد - أو "الباحثين" - جمع الأموال من مجموعة صغيرة من المستثمرين لشراء وتشغيل شركة خاصة صغيرة أو متوسطة الحجم.

وبحسب دراسة لكلية الدراسات العليا لإدارة الأعمال بجامعة ستانفورد عام 2024، فإن عملية الاستثمار في الشركات الصغيرة من خلال أداة صناديق البحث تتم  عبر أربع خطوات تتمثل في الآتي:

1- المرحلة الأولى: جمع رأس المال الأولي (خلال فترة من شهرين إلى ستة أشهر تقريباً).

2- المرحلة الثانية: البحث عن شركة والاستحواذ عليها (خلال فترة من 12 إلى 24 شهراً تقريباً).

3- المرحلة الثالثة: التشغيل وخلق القيمة (خلال فترة من أربع إلى سبع سنوات فأكثر تقريباً).

4- المرحلة الرابعة: التخارج (خلال فترة ستة أشهر تقريباً بعد التشغيل وخلق القيمة).

ويتمثل الهدف من استخدام الأداة في تنمية هذه الشركات والتخارج منها بربح - غالباً لشركة استثمار خاص.

ويعتبر الاستثمار عبر هذه الأداة نموذجاً مُقنعاً مع ما تتضمنه مخاطرة أقل من البدء من الصفر، لأن الشركة لديها بالفعل عملاء وإيرادات، والمنتج ملاءم للسوق.

وعادةً ما تكون الشركات التي تستهدفها عمليات الاستحواذ من هذا النوع ذات إيرادات متكررة، وتكاليف تشغيلية منخفضة، ومخاطر تنظيمية ضئيلة، وقواعد عملاء مستقرة.

وقال أحد المستثمرين في صناديق البحث، جيسون جاكسون، لشبكة CNBC:"هذه شركات من الصعب، بصراحة، أن تنهار. إنها متساهلة جداً مع الرئيس التنفيذي الذي يخوض تجربته الأولى".

إلى جانب صناديق البحث "الأساسية"، هناك نماذج أخرى لعمليات الاستحواذ على الشركات الناشئة تشمل الصناديق الممولة ذاتياً من رائد الأعمال، أو الممولة من مستثمر واحد، بينما يشترط بعض المستثمرين وجود قاعدة رأسمالية أكبر يتم الالتزام بها منذ البداية، أو فترة احتفاظ أطول تتراوح بين 10 و20 عاماً.

وشهد عام 2023 إطلاق 94 صندوق بحث أساسياً في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا، وهو رقم قياسي، في حين حقق الاهتمام الدولي أيضاً إنجازات جديدة، مع إطلاق 59 صندوقاً أساسياً جديداً خارج أميركا الشمالية، وفقاً لدراسات أجرتها جامعة ستانفورد وكلية IESE للأعمال.

 


اقرأ أيضاً: تمكين المرأة من ريادة الأعمال من خلال سد الفجوة التمويلية التي تعاني منها رائدات الأعمال


 

ملاذ آمن

 

ازدادت شعبية صناديق البحث مع شعور المسارات المهنية التقليدية بانخفاض الأمان، مع تسريح العمال والأتمتة والذكاء الاصطناعي الذي يُعيد تشكيل القطاعات.

وقال الشريك الإداري لصندوق البحث "جارليك إكويتي كابيتال" ومقره سنغافورة، أيك تشوان غوه، لشبكة CNBC: "هناك نزوح كبير للمهنيين الشباب الذين هم في منتصف مسيرتهم المهنية". 

وأضاف أن العديد من هؤلاء "المهنيين الشباب الطموحين لم يعودوا يرون الحياة المهنية كمستقبل لهم".

من ناحية أخرى، يتطلع العديد من أصحاب الأعمال إلى التقاعد. قال غوه: "عندما تجمع بين أمرين، تحصل على توافق رائع".

ويلاحظ المستثمرون ذلك أيضاً. ففي ظل الركود الذي شهدته أسواق رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة، برزت صناديق البحث كفئة أصول بديلة.

وقال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أجيت هاوند فند، جون ستاينبرغ، لشبكة CNBC: "قطاع رأس المال المغامر مزدحم للغاية الآن. أما صناديق البحث فما زالت صغيرة، بينما مجموعة الفرص هائلة - إنها الشيء الوحيد الذي أريد أن أفعله لبقية مسيرتي. عندما تنظر إلى العوائد، تجد أنها كانت مذهلة، بل كانت استثنائية".

وجدت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2024 على 681 صندوق بحث تأسست في الولايات المتحدة وكندا منذ عام 1984 أن معدل العائد الداخلي لهذه الصناديق بلغ 35.1% (سنوياً)، مع عائد استثماري يبلغ 4.5 أضعاف.

وقال ستاينبرغ: "على مدار الأربعين عاماً الماضية، بلغ عائد سوق الأسهم حوالي 8.5% سنوياً... ثم انتقلنا إلى الاستثمار في الأسهم الخاصة أو رأس المال المُغامر خلال نفس الفترة... وتراوحت العوائد بين 13% و14%. لذا، عندما ننظر إلى العوائد الضخمة البالغة 35% لسوق صناديق البحث، نجد أن الأمر مُحيّر بعض الشيء".

وأضاف: "نعيش في زمن مضطرب للغاية، والتغيير يحدث بسرعة كبيرة، ويبدو هذا ملاذاً آمناً في خضمّ هذه العاصفة".

 


شاهد أيضاً: من بينها "التأثر بأفكار الآخرين" .. تعرفوا على 3 أخطاء ينصح رواد الأعمال بتجنبها!


 

ما توفره صناديق البحث لرائد الأعمال

 

في الوقت نفسه، قدّمت سوق صناديق البحث أيضاً طريقةً مُعدّلة المخاطر لأصحاب الأعمال الطموحين لتحقيق أحلامهم في أن يصبحوا رؤساءً تنفيذيين، مثل جيسون جاكسون، الذي بدأ مع صديقه أولايد لاوال صندوق البحث التابع لهما في عام 2015.

بعد حوالي 18 شهراً، جمع الثنائي أكثر من خمسة ملايين دولار واستحوذا على ثلاث عيادات أسنان من طبيب أسنان في الخمسينيات من عمره. على مدى السنوات الست التالية، تولى جاكسون إدارة شركة Unified Dental Care بصفته الرئيس التنفيذي وقام بتنمية الشركة إلى سبعة مواقع قبل بيعها إلى مشترٍ استراتيجي في عام 2023.

لكن جاكسون لم ينحدر من عائلة ثرية، ولم يشهد الكثير من قصص النجاح في مجال الأعمال. وقال جاكسون:"بالنسبة لي، كانت فكرة صندوق البحث رائعة، لأنني... لم تكن لديّ فكرة مشروع ناشئ، لذا كانت فرصة لي لشراء شركة قائمة".

وقال إن ما يجعل صناديق البحث فريدة هو أن مستثمريه يصبحون أيضاً مرشديه.

وأردف جاكسون قائلاً: "ما يميز مستثمري صناديق البحث هو أنهم يوفرون، بشكل أساسي، ثلاثة أشياء لرائد الأعمال. أولها دفتر شيكات... وهو شيء لم يكن متاحاً لي".

وأضاف: "ثانياً، دليل الهاتف: أي اتصل بي أو بشبكتي في أي وقت... وثالثاً، فهو دليل عمل، أي هذا هو النهج الذي يجب أن تتبعه بعد أن تشتري هذه الشركة".

وقال جاكسون: "لذا، كان مساراً مُعدّل المخاطر بالنسبة لي كرائد أعمال من الأقلية، لم يكن يمتلك الكثير من الموارد، للوصول إلى ... خروج ناجح".

 


اقرأ أيضاً: أربع أسئلة يتعين على رواد الأعمال الإجابة عليها لتطوير أعمالهم


 

رحلة إدارة غير سهلة

 

لكن إدارة صندوق بحث ليست رحلة سهلة. كشف جاكسون عن احتيال بعد أسبوعين من إدارة الشركة: قام البائع بتضخيم الإيرادات بملايين الدولارات.

وقال جاكسون: "كنا نعتقد أننا نشتري شركة تحقق إيرادات بقيمة سبعة ملايين دولار و1.5 مليون دولار من الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك. ما اكتشفناه هو أن الشركة كانت تحقق إيرادات بقيمة خمسة ملايين دولار، وتخسر ​​500 ألف دولار سنوياً بعد تعديلها بسبب الاحتيال".

ورغم البداية المتعثرة، نجح جاكسون في تحويل مسار الشركة، وأجرى عملية التخارج بنجاح مع رفع استثماره بأكثر من الضعف، وتحقيق أرباح بملايين الدولارات من فترة عمله كرئيس تنفيذي ومن الصفقة.

وقال جاكسون: "تمكنا في النهاية من بيع الشركة بمضاعف جيد. إنه مناسب لقطاع صناديق البحث. إنه جيد جداً مقارنةً بصناديق الاستثمار الخاصة، ولكنه رائع حقاً مقارنةً ببلدي وبلد شريكي. لقد جاء من لاغوس بنيجيريا. أما أنا فقد جئت من مجتمع يعاني من نقص الموارد".

يدير جاكسون حالياً "Black Search Network"، التي شارك في تأسيسها عام 2020، ويقضي وقته في الاستثمار ونقل المعرفة التي اكتسبها أثناء رحلته إلى رواد الأعمال والباحثين الطموحين الآخرين.

 

ليست حلاً سحرياً

 

لا تعتبر صناديق البحث حلاً سحريًا. فإلى جانب التعامل مع رفض عرض الشراء، يتعين على الباحثين العثور على شركة جيدة للشراء، وإقناع المالك بتكليفه بمهمة حياته، وأيضاً تعلم كيفية إدارة شركة لأول مرة.

ولكن بالنسبة لجيل يبحث عن الاستقرار والغاية، قد تُوفّر صناديق البحث شيئاً نادراً في اقتصاد اليوم والذي يتمثل في طريق عملي ومربح ومدعوم نحو امتلاك شركة.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة