أمل نبيل
يُعلّق القطاع العقاري في مصر آمالاً كبيرة على قرار البنك المركزي بخفض معدلات الفائدة، باعتباره خطوة قد تعيد تنشيط السوق وتفتح الباب أمام عودة الاستثمارات التي استقطبتها لسنوات شهادات الادخار ذات العوائد المرتفعة. غير أن هذه الآمال تصطدم بمخاوف متزايدة من الضغوط الناجمة عن ارتفاع تكاليف الإنشاء وأسعار الأراضي، إلى جانب الزيادات المطردة في أسعار الطاقة، ما يضع السوق أمام اختبار صعب بين فرص الانتعاش ومخاطر التضخم في التكلفة.
وخفض البنك المركزي المصري، في نهاية أغسطس آب الماضي معدلات الفائدة بواقع 200 نقطة أساس، ليصل سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية إلى 22% و23%.
كان المركزي المصري قد خفض معدلات الفائدة 325 نقطة أساس خلال العام الجاري، بواقع 2.25% في أبريل نيسان و1% في مايو أيار، قبل أن يخفضها 2% في اجتماعه الأخير للمرة الأولى منذ أكثر من 4 سنوات.
قال الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة IGI Developments،شريف مصطفى لـ CNBC عربية، أن خفض معدلات الفائدة في مصر «سيدفع الأفراد والمستثمرين إلى البحث عن أدوات استثمارية بديلة للشهادات البنكية، والعقار يأتي في مقدمة هذه البدائل باعتباره الملاذ الاستثماري الأكثر أماناً»، متوقعاً أن تشهد السوق إقبالاً متزايداً. لكنه شدّد على أن أسعار العقارات في مصر «مرشحة للارتفاع رغم انخفاض تكاليف التمويل، بفعل صعود أسعار مواد البناء والأراضي، وزيادة الطلب مقابل محدودية المعروض».
أما أحمد جمعة، نائب رئيس مجلس إدارة شركة Just للتطوير العقاري، فأوضح أن الفائدة المرتفعة خلال السنوات الماضية «أضعفت قدرة القطاع العقاري على المنافسة مع الشهادات الادخارية ذات العوائد المرتفعة»، مشيراً إلى أن التراجع الأخير «سيعيد جزءاً كبيراً من تلك السيولة إلى السوق العقارية»، إلى جانب تخفيف الأعباء التمويلية عن المطورين ومنحهم قدرة أكبر على التوسع.
خفض الفائدة يعزز أيضاً من قدرة العملاء على الحصول على قروض ميسرة بشروط أفضل، الأمر الذي يدعم برامج التمويل العقاري ويوسّع قاعدة المشترين. كما يسمح للمطورين بطرح أنظمة سداد طويلة الأجل بفوائد أقل، ما قد يسهم في تنشيط السوق وتحريك المبيعات، بحسب الرئيس التنفيذي لشركة DIG للتطوير العقاري محمد فوزي.
وقال فوزي إن خفض الفائدة يجعل العائد على الودائع بالجنيه أقل جاذبية للمستثمر الأجنبي، بينما يبقى العقار المصري خياراً مغرياً، خاصة في ظل التوسع في المشروعات القومية والبنية التحتية التي تدعم السوق.
شاهد أيضاً: زيادات جديدة مرتقبة لأسعار الوقود في مصر
رجل الأعمال المصري وأغنى أثريائها نجيب ساويرس كان قد عبّر في تصريحات سابقة عن قلقه من مستويات الفائدة المرتفعة في مصر، واصفاً إياها بأنها «عبء خانق على الاقتصاد». وأكد ساويرس أن هذه المستويات «دفعت كثيراً من المستثمرين إلى تفضيل الشهادات البنكية على حساب الاستثمار في قطاعات إنتاجية كالعقار والصناعة والسياحة»، لافتاً إلى أن «خفض الفائدة خطوة ضرورية لإعادة جذب الاستثمارات وتحريك عجلة التنمية».
من جانبه، أكد المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، أن التمويل العقاري يمثل حلقة الربط الأساسية لدفع السوق، مشدداً على ضرورة توفير آليات تمويل منخفضة الفائدة تتناسب مع مساحة الوحدة السكنية، بحيث لا تكون الفائدة تجارية أو بغرض الربح، وإنما أداة لتحريك السوق وتشغيل الشركات.
وقال المهندس أحمد العتال، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "العتال"، إن عام 2025 كان عاماً صعباً على القطاع العقاري في مصر، معتبراً إياه سنة تصحيح للقطاع، متوقعاً عودته إلى الانتعاش مجدداً في عام 2026.
وحول تأثير تراجع معدلات الفائدة على أسعار العقارات في مصر، أوضح العتال أن تسعير العقارات لا يعتمد فقط على معدلات الفائدة أو سعر الصرف خلال العام الجاري، بل يتأثر بعوامل عدة، في مقدمتها تكاليف مواد البناء وحجم الطلب على مدار سنوات الإنشاء.
وأوضح العتال أن المؤسسات التمويلية مطالَبة بلعب دور أكبر في دعم القطاع، مشيراً إلى أن حجم التمويل المخصص للوحدات الجاهزة في السوق المصرية لا يتجاوز 20%، في حين يصل في الولايات المتحدة إلى 50% للوحدات تحت الإنشاء، ويبلغ في الإمارات نحو 75% للوحدات الجاهزة. واعتبر أن هذه الفجوة تعكس صعوبة القوانين المحلية التي تفرض آجال سداد طويلة تصل إلى 15 و17 عاماً، ما يضاعف الأعباء على المطورين والعملاء معاً.
شاهد أيضاً: العقارات في مصر.. مبيعات تاريخية خلال 2024 بسبب تحرير الجنيه
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي