في خطوة تاريخية، يعترف عدد من قادة دول العالم رسمياً بدولة فلسطينية، باعتبارها حقاً مستحقاً منذ زمن طويل، يوم الاثنين 22 سبتمبر/ أيلول في قمة تعقدها فرنسا والسعودية، في خطوة تقول إسرائيل إنها ستقوض احتمالات إنهاء حرب غزة سلمياً.
واعترفت كل من فرنسا وإمارة موناكو بالدولة الفلسطينية. كما تعترف كل من أندورا وبلجيكا ولوكسمبورغ وسان مارينو. وذلك بعد يوم من اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا.
وفي كلمة افتتاحية للقمة الدولية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا ماكرون "اعترف رسمياً بدولة فلسطين" وإنه "حان الوقت للسلام ولوقف الحرب في غزة".
وأكد أنه "حان الوقت لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني والاعتراف بدولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة.
وأضاف أنه " لا مبرر لما يحدث في غزة ويجب إنهاء الحرب لإنقاذ الأرواح".
اقرأ أيضاً: الاعتراف بدولة فلسطين.. ما هي المفاعيل القانونية والسيادية لقرارات الدول الغربية؟
وكانت فرنسا وراء هذه الخطوة آملة في أن يعطي إعلان ماكرون في يوليو/ تموز نيته الاعتراف بدولة فلسطينية زخماً أكبر لحركة تهيمن عليها حالياً دول أصغر لكنها أكثر انتقاداً لإسرائيل.
وأضاف ماكرون أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية يفتح الطريق لمفاوضات جادة بين الطرفين. وهذا الاعتراف هو الحل الوحيد الذي سيسمح لإسرائيل بالعيش بسلام".
ورغم أن القمة، التي ستعقد في نيويورك، قد ترفع معنويات الفلسطينيين، من غير المتوقع أن تقود لتغيير على أرض الواقع، حيث أكدت الحكومة اليمينية الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية في ظل استمرار حربها ضد حركة حماس في غزة.
ويعد حل الدولتين حجر أساس عملية السلام التي تدعمها الولايات المتحدة وكانت قد انطلقت بموجب اتفاقيات أوسلو في عام 1993. وتعرضت العملية لمقاومة شديدة من الجانبين وكادت أن تنهار.
وقال قبل إعلانه عن الخطوة الدبلوماسية التي قوبلت بتصفيق مطول من الحضور "الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا ينقص شيئاً من حقوق شعب إسرائيل".
وعرض ماكرون "إطار عمل لسلطة فلسطينية جديدة"، ستفتح فرنسا بموجبه سفارة شريطة تطبيق إصلاحات ووقف إطلاق نار وإطلاق سراح جميع الرهائن الذين اقتيدوا من إسرائيل وتحتجزهم حركة حماس في غزة.
وفي وقت لاحق، أعلن أمير موناكو أيضاً الاعتراف بدولة فلسطينية.
الموقف السعودي
من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن مؤتمر حل الدولتين فرصة تاريخية لتحقيق السلام.
وشكر كل الدول التي اعترفت أو أعلنت عزمها الاعتراف بدولة فلسطين. واعتبر أن موقف فرنسا التاريخي يعكس إرادة المجتمع الدولي لإنصاف الفلسطينيين.
غوتيريش
بدوره اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انتونيو غوتيريش، أن إقامة الدولة الفلسطينية ليست هدية و إنما حق. وأن الحل يتطلب قرارات صعبة والتزام من جميع الأطراف.
وأضاف أن الوضع الحالي لا يخرج إسرائيل من عزلتها الدولية.
من جانبها، أشارت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أنالينا بيربوك إلى أن إعلان نيويورك حظي بتأييد 142 دولة عضواً في الأمم المتحدة وشددت على أنه يجب إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ضمن حدود معترف بها دولياً.
وقالت "رعب أطفال غزة مستمر منذ أكثر من 700 يوم.. وسمعنا صوتا عاليا من غزة ولم نستطع تجاوزه صوت "هند رجب"
محمود عباس
وفي كلمة له عبر الفيديو، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إن "الحرب على شعبنا يجب أن تتوقف فورا وجرائم الحصار والتجويع ليست وسيلة لتحقيق الأمن".
وطالب بإدخال المساعدات لغزة وانسحاب الاحتلال منها والإفراج عن الرهائن.
وأشاد بالوساطة المصرية القطرية الأميركية وثمن مواقف مصر والأردن الرافضة للتهجير.
وطالب عباس بوقف الاستيطان والضم وعنف المستوطنين والاعتداء على المقدسات.
ملك الأردن
من جانبه، قال ملك الأردن عبدالله الثاني "من حق كل بلد وكل شعب أن يكون له صوته المسموع ونرفع أصواتنا من أجل العدالة".
وأضاف "يجب وقف الحرب على غزة وضمان تدفق المساعدات لها دون عوائق ويجب وقف عنف المستوطنين بالضفة". وشدد على أنه يجب العمل على وقف جميع الإجراءات التي تقوض حل الدولتين.
أردوغان
وفي ذات السياق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن اعتراف عدد من الدول بدولة فلسطين يمثل "خطوة تاريخية" تعكس صحوة دولية تجاه الحقوق الفلسطينية المشروعة. وأعرب عن أمله في أن تتابع تلك الدول خطواتها "بشكل واعٍ وحاسم"، بما يضمن ترجمة الاعتراف إلى دعم سياسي وإنساني فعلي.
واتهم أردوغان حكومة بنيامين نتنياهو بارتكاب "مجازر بحق سكان غزة"، مؤكداً أن ما يجري في القطاع لا يمكن تبريره تحت أي ظرف، وأن تركيا ستواصل دعمها الكامل للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والعدوان.
مندوب إسرائيل: القمة سيرك
في موقف معارض للاعتراف بفلسطين، قال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون إن إسرائيل والولايات المتحدة ستقاطعان القمة، واصفا الحدث بأنه "سيرك".
واعترفت كل من بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال أمس الأحد بدولة فلسطينية. ومن المتوقع أن تعترف فرنسا وخمس دول أخرى رسميا بدولة فلسطينية يوم الاثنين.
إلا أن هذا لا يعني أن جميع القوى الأوروبية ستقوم بالأمر نفسه. وأشارت ألمانيا وإيطاليا إلى أنهما لن تتخذا على الأرجح مثل هذه الخطوة قريباً.
وزادت ألمانيا، التي تدعم إسرائيل بقوة منذ فترة طويلة بسبب مسؤوليتها عن المحرقة النازية، من انتقاداتها للسياسة الإسرائيلية، لكنها تصر على أن الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن يأتي في نهاية عملية سياسية تفضي إلى اتفاق على حل الدولتين.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية يوم الاثنين إن إسرائيل يجب ألا تضم المزيد من المناطق في الأراضي المحتلة.
وذكرت إيطاليا أن مثل هذه الخطوة قد تأتي بنتائج عكسية.
وقال الكرملين يوم الاثنين إن روسيا لا تزال تعتقد أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتسوية الصراع.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحفيين لا يزال هذا نهجنا، ونعتقد أنه السبيل الوحيد الممكن لإيجاد حل لهذا الصراع المستمر منذ فترة طويلة والمعقد للغاية، والذي يمر الآن ربما بأكثر المراحل خطورة ومأساوية في تاريخه.
موقف البيت الأبيض
من البيت الأبيض، اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بدولة فلسطين مكافأة لحركة حماس، وفق ما نقلت عنه المتحدثة باسمه، الاثنين. وأضافت كارولاين ليفيت أن الرئيس سيتحدث، الثلاثاء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن هذا القرار الذي اتخذته دول عدة بينها فرنسا، ليقول إنه مجرد كلمات وليس أفعالاً ملموسة.
الرد الإسرائيلي قد يشمل ضم الضفة الغربية
أصبحت إسرائيل معزولة وتعرضت لإدانات دولية بسبب سلوكها العسكري في غزة الذي تقول السلطات الصحية في القطاع إنه أسفر عن مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني.
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعوات عديدة لإنهاء الحملة العسكرية قبل القضاء على حماس. وقال إنه لن يعترف بدولة فلسطينية.
اقرأ أيضاً: بريطانيا وكندا وأستراليا تعلن اعترافها رسمياً بدولة فلسطين
وذكر في بيان يوم الأحد أنه سيعلن رد إسرائيل عند عودته من الولايات المتحدة حيث من المقرر أن يلتقي بالرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن إسرائيل تدرس احتمال الرد على ذلك بضم جزء من الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات محددة ضد باريس على مستوى العلاقات الثنائية، وذلك رغم أنه من المتوقع أن تكون الاعترافات رمزية إلى حد كبير.
وقد يأتي الضم بنتائج عكسية ويثير حفيظة دول رئيسية مثل الإمارات القوة النفطية العالمية والمركز التجاري الذي يتمتع بنفوذ دبلوماسي واسع في أنحاء الشرق الأوسط.
وتقول الإمارات، وهي الدولة العربية الأبرز التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل في إطار اتفاقيات إبراهيم التي توسطت فيها الولايات المتحدة عام 2020، إن مثل هذه الخطوة ستقوض روح الاتفاقية.
وحذرت الإدارة الأميركية أيضاً من عواقب محتملة على من يتخذ إجراءات ضد إسرائيل، بما في ذلك فرنسا التي يستضيف رئيسها إيمانويل ماكرون قمة نيويورك.
اقرأ أيضاً: "إعلان نيويورك" المؤيد لإقامة دولة فلسطينية.. ما هي حيثيات قرار الأمم المتحدة وأبرز ردود الفعل؟
وتأتي القمة، التي تسبق انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، في أعقاب هجوم بري بدأته إسرائيل على مدينة غزة وهددت به منذ فترة طويلة، ووسط تضاؤل احتمالات وقف إطلاق النار بعد ما يقرب من عامين من اندلاع الحرب في القطاع بعد هجوم شنته حماس على إسرائيل.
الوضع في غزة
مع تكثيف إسرائيل هجومها على غزة وتصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، يتزايد الشعور بحتمية التحرك الآن قبل أن تتلاشى فكرة حل الدولتين إلى الأبد.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في تصريحات تلفزيونية القرار الذي سيقدمه رئيس الجمهورية بعد ظهر يوم الاثنين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هو قرار رمزي وفوري وسياسي يظهر التزام فرنسا بحل الدولتين.
وأضاف بارو أن الاعتراف بدولة فلسطينية ينطوي على رفض لحماس، ويطالب باستبعادها من أي دور مستقبلي في إدارة غزة.
وصادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر على إعلان من سبع صفحات يحدد خطوات ملموسة ومحددة المدة ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين، مع التنديد بحماس ومطالبتها بالاستسلام وإلقاء سلاحها.
وفي غزة، كان الفلسطينيون يفرون من هجمات إسرائيل على مدينة غزة يوم الأحد.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي