أوكرانيا تستهدف منشآت الطاقة الروسية بدعم من الولايات المتحدة

نشر
آخر تحديث
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعقد اجتماعاً ثنائياً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك/AFP

استمع للمقال
Play

تُقدّم أميركا منذ عدة أشهر دعماً مباشراً لأوكرانيا في تنفيذ ضربات بعيدة المدى على منشآت الطاقة الروسية، في إطار ما تصفه مصادر رسمية بأنه جهد منسّق يهدف إلى إضعاف اقتصاد فلاديمير بوتين ودفعه إلى طاولة المفاوضات.

ووفقاً لمسؤولين أوكرانيين وأميركيين مطّلعين على الحملة  لصحيفة فايننشال تايمز، فقد مكّنت المعلومات الاستخباراتية التي قدّمتها واشنطن لكييف من استهداف أصول حيوية في قطاع الطاقة الروسي، بما في ذلك مصافٍ نفطية تقع في عمق الأراضي الروسية، بعيداً عن خطوط القتال.

ويُعدّ هذا الدعم، الذي لم يُكشف عنه سابقاً، أحد العوامل الحاسمة التي ساعدت أوكرانيا على تنفيذ هجمات كانت إدارة جو بايدن قد حذّرتها من القيام بها. وقد أدّت هذه الضربات إلى ارتفاع أسعار الطاقة في روسيا، ودَفعت موسكو إلى خفض صادرات الديزل واستيراد الوقود من الخارج.

وتُمثّل مشاركة المعلومات الاستخباراتية أحدث مؤشر على أنّ الرئيس دونالد ترامب عمّق دعمه لأوكرانيا مع ازدياد استيائه من روسيا.

 

اقرأ أيضاً: وول ستريت جورنال: أميركا ستمد أوكرانيا بمعلومات استخباراتية لضرب العمق الروسي

 

وجاء هذا التحوّل بعد مكالمة هاتفية جرت في يوليو تموز بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حين ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» أنّ الرئيس الأميركي سأل عمّا إذا كانت أوكرانيا قادرة على ضرب موسكو في حال زوّدتها واشنطن بأسلحة بعيدة المدى.

وبحسب مصدرَين مطّلعَين على تفاصيل الاتصال، فقد أبدى ترامب تأييده لاستراتيجية تهدف إلى «جعل الروس يشعرون بالألم» وإجبار الكرملين على التفاوض، فيما أوضح البيت الأبيض لاحقاً أنّ الرئيس «كان يطرح سؤالاً فحسب، ولم يكن يشجّع على مزيد من القتال».

تُساعد الاستخبارات الأميركية كييف في تحديد مسارات الطيران والارتفاع والتوقيت وقرارات المهام، ما يمكّن طائرات الهجوم الانتحارية الأوكرانية بعيدة المدى من التهرّب من أنظمة الدفاع الجوي الروسية، وفق ما أفاد به مسؤولون مطّلعون على الأمر.

وقال ثلاثة أشخاص مطّلعون على العملية إن واشنطن كانت مشاركة عن كثب في جميع مراحل التخطيط. وذكر مسؤول أميركي أن أوكرانيا تختار الأهداف للضربات بعيدة المدى ثم تزوّدها واشنطن بمعلومات استخباراتية عن نقاط ضعف تلك المواقع.

غير أنّ آخرين مشاركين ومُطلّعين على العمليات أفادوا بأن واشنطن حدّدت أيضاً أولويات استهداف للأوكرانيين. ووصف أحدهم قوة الطائرات المسيرة الأوكرانية بأنها «أداة» تستخدمها واشنطن لإضعاف اقتصاد روسيا ودفع بوتين نحو تسوية.

وكان ترامب صريحاً بشأن خيبة آمله من بوتين منذ أن أكرمه باستقبال رسمي في قمة ألاسكا التي لم تحقق تقدماً ملموساً، وكان ذلك أحد العوامل التي دفعت ترامب إلى دعم ضربات أعمق، بحسب ما قاله المطلّعون.

ولطالما شاركت واشنطن معلومات استخباراتية مع كييف لمساندتها في استهداف مواقع عسكرية روسية في الأراضي المحتلة وفي تقديم إنذارات مبكرة عن صواريخ وهجمات مسيرة روسية. ووافقت إدارة بايدن على ضربات بصواريخ أميركية من طراز «هيمارس» و«أتاكمس» داخل منطقة روسية متاخمة لأوكرانيا بعد نشر كوريا الشمالية قوات هناك لتقوية صفوف موسكو.

ومع ذلك، لم تعترف الولايات المتحدة بدور مباشر في ضربات أوكرانيا لمرافق الطاقة الروسية. وظلت واشنطن حذرة طويلاً بشأن إجراءات قد تؤدّي لتصعيد الحرب أو لجرّها إلى صدام مباشر مع موسكو.

ويتباين الدعم التشغيلي المتزايد من إدارة ترامب بشكل حاد مع ما كان عليه الوضع في وقت سابق من فترة ولايته الثانية، حين أوقف مؤقتاً مشاركة المعلومات الاستخباراتية والمساعدات العسكرية لِممارسة ضغط على كييف من أجل الدخول في محادثات سلام مع موسكو.

 

اقرأ أيضاً: رئيس أوكرانيا: صواريخ دفاع جوي ضمن شحنة أسلحة أميركية جديدة

 

ورفض زيلينسكي التطرّق لدور الاستخبارات الأميركية في ضربات جيشه العميقة داخل روسيا خلال إيجاز بقائه في كييف يوم الأربعاء، لكنه قال إن أوكرانيا «تتعاون مع الاستخبارات الأميركية أساساً للدفاع عن نفسها»، في إشارة إلى أنظمة الدفاع الجوي «باتريوت»، و«نَسَامز» و«آيرِس-تي» التي قدّمها الشركاء الغربيون.

وأضاف أنّ نجاح أوكرانيا الأخير في الضربات العميقة يعود في المقام الأول إلى التطويرات التكنولوجية في الطائرات المسيرة وزيادة حجم الإنتاج المحلي، ما أتاح لكييف إطلاق عدد أكبر منها دفعة واحدة. وقال: «طائراتنا المسيرة وصواريخ الطائرات وبعض الصواريخ الأخرى تتحسّن: استخدامات أكثر، وإنتاج أعلى».

تُنفَّذ معظم الضربات العميقة بواسطة جهاز الأمن الأوكراني «إس. بي. يو» وفرع «قوات الأنظمة غير المأهولة» التابع للقوات المسلحة الأوكرانية، غير أنّ وحدات استخباراتية وعسكرية أخرى تؤدي أيضاً أدواراً في هذه الهجمات.

وقال زيلينسكي إن طائرات «فاير بوينت» و«ليوتي» الأوكرانية بعيدة المدى –والتي قد يصل عددها أحياناً إلى 300 طائرة في عملية واحدة– كانت في طليعة الهجمات الجماعية بالطائرات المسيّرة. وأضاف أن القوات الأوكرانية أطلقت أخيراً صواريخ «نبتون» و«فلامنغو» محلية الصنع على أهداف داخل الأراضي الروسية.

وفي يوم السبت، أعلن جهاز «إس. بي. يو» أن وحدة «ألفا» الخاصة التابعة له نفّذت بنجاح ضربات بطائرات مسيّرة بعيدة المدى استهدفت مصفاة النفط «باشنفت-يون. بي. زي» في مدينة أوفا، على بُعد نحو 1400 كيلومتر من أوكرانيا. وتُعدّ هذه المنشأة إحدى أكبر المصافي في روسيا، إذ تزوّد الجيش الروسي بالوقود وزيوت التشحيم.

وشكّلت هذه العملية ثالث ضربة تستهدف منشآت للطاقة في إقليم باشكورتوستان الروسي خلال الشهر الماضي.

وقال جهاز «إس. بي. يو» لصحيفة «فايننشال تايمز» إن «الضربات البعيدة المدى تهدف إلى تدمير القدرات العسكرية للعدو، بما في ذلك قدراته الاقتصادية»، مضيفاً أن كييف ستواصل العمل على زيادة عدد الضربات ونطاقها داخل الأراضي الروسية.

وذكر مسؤول في البيت الأبيض أن «هذه الحرب لم تكن لتندلع لو كان ترامب رئيساً منذ البداية»، مشيراً إلى أنه «يسعى الآن إلى إنهائها». ورفض كلٌّ من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية ووزارة الدفاع الأميركية التعليق.

وفي موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في وقت سابق من هذا الشهر إنّه «من الواضح» أنّ الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يزوّدان أوكرانيا بالمعلومات الاستخباراتية «بشكل منتظم»، بما في ذلك لتوجيه ضربات ضد منشآت الطاقة الروسية.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة