يتجنّب الجدل الدائر بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في أميركا حول الإغلاق الحكومي الحالي الخوض في القضايا المالية الجوهرية التي تظلّل مستقبل البلاد، مثل ارتفاع الدين العام والاستدامة المالية طويلة الأجل لبرامج الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
وبدأ الإغلاق الجزئي الخامس عشر للحكومة الاتحادية منذ عام، نتيجة مطالبة الديمقراطيين بزيادة الإنفاق، وهو ما تقول منظمة «لجنة الميزانية الاتحادية المسؤولة» —وهي جهة غير حزبية— إنه سيكلف نحو 1.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل، مما سيزيد الدين العام البالغ حالياً نحو 38 تريليون دولار.
وقالت مايا ماكجيناس، رئيسة اللجنة التي تدعو إلى خفض العجز، إن «البلاد تواجه مشاكل مالية ضخمة، لكننا عالقون في حرب رسائل بين الحزبين بدلاً من العمل الجاد لمعالجة هذه الأزمات».
اقرأ أيضاً: ترامب يأمر بدفع رواتب العسكريين رغم الإغلاق الحكومي
وصوّت مجلس الشيوخ مراراً على مشروعي قانون متنافسين لتمويل الحكومة، أحدهما أقرّه مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون بدعم من ترامب، وينص على إعادة فتح الوكالات الاتحادية بمستويات التمويل السابقة حتى 21 نوفمبر تشرين الثاني. أما الديمقراطيون فيفضلون مشروعهم الخاص الذي يزيد الإنفاق خصوصاً على الرعاية الصحية.
ولم يُطرح نقاش جاد حول كيفية خفض العجز الاتحادي البالغ نحو تريليوني دولار.
وعلى مدى 44 عاماً، كانت معظم الإغلاقات الحكومية مرتبطة بالخلافات المالية بشأن الإنفاق والعجز والحاجة إلى ميزانية متوازنة. غير أنّ الحكومة، منذ تولّي ترامب رئاسته الأولى عام 2017، شهدت ثلاثة إغلاقات لأسباب اجتماعية مثل قضايا الهجرة والرعاية الصحية.
ويركّز الخلاف الحالي على 1.7 تريليون دولار مخصصة لتمويل عمليات الوكالات، أي ما يعادل نحو ربع الإنفاق الاتحادي السنوي فقط.
وفي الأثناء، يحذّر محللون مستقلون من تدهور الوضع المالي الأميركي، إذ يتزايد الدين بوتيرة أسرع من نمو الاقتصاد، وتلتهم مدفوعات الفائدة جزءاً متصاعداً من الميزانية على حساب البرامج الاجتماعية، فيما يهدد ضعف الاستدامة المالية صناديق ائتمان الخدمات الاجتماعية للمسنين.
ارتفع الدين العام من 5.67 تريليون دولار إلى 37.88 تريليون دولار خلال الأعوام الخمسة والعشرين الماضية، مواصلاً الزيادة بغض النظر عن الحزب المسيطر على البيت الأبيض أو الكونغرس.
وباتت مدفوعات فوائد الدين تتجاوز تريليون دولار سنوياً، أي أكثر مما تنفقه الحكومة الأميركية على الدفاع، فيما يُتوقع أن يعاني تمويل برنامجي الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية «ميديكير» من عجز في عام 2033، ما قد يؤدي إلى خفض واسع في مستحقات المستفيدين.
وحذّر قادة جمهوريون، بينهم رئيس مجلس النواب مايك جونسون، من أثر الإنفاق المفرط على الدين في خضم الجدل حول الإغلاق الحكومي. غير أن الخطاب الجمهوري ركّز في معظمه على ما وصفه بـ«الأولويات المتشددة» للديمقراطيين أكثر من تركيزه على الاستدامة المالية، بينما تجاهل الديمقراطيون بدورهم القضية المالية وحمّلوا الجمهوريين مسؤولية العجز نتيجة قانون التخفيضات الضريبية والإنفاق الذي أُقر في عهد ترامب.
اقرأ أيضاً: مسؤول في إدارة ترامب: عمليات تسريح العمال الفيدرالية "بدأت" وسط الإغلاق الحكومي
وبحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس، يُتوقع أن يضيف مشروع قانون ترامب 4.1 تريليون دولار إلى العجز خلال عشر سنوات، لكن الإدارة تراهن على تعويض هذه التكلفة من خلال نحو أربعة تريليونات دولار من الإيرادات الإضافية التي ستجلبها الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي