ما هي فوائد المشي إلى الخلف؟

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

يُعدّ المشي السريع تمريناً بسيطاً في جوهره، لكنه يحمل فوائد جسدية ونفسية مدهشة، من تقوية العظام والعضلات، وتحسين اللياقة القلبية الوعائية، إلى تخفيف التوتر، على سبيل المثال لا الحصر. غير أنّ هذا النوع من التمارين، مثل أي نشاط بدني آخر، قد يصبح مع مرور الوقت رتيباً ومملاً.

هنا يبرز المشي إلى الخلف —المعروف أيضاً باسم «المشي الرجعي» أو «المشي العكسي»— كخيارٍ يمنح التمرين تنوعاً وفائدة إضافية، متى ما تم بطريقة آمنة. فإدارة الوجهة إلى الخلف لا تغيّر المشهد فحسب، بل تفرض أيضاً متطلبات مختلفة على الجسم.

تقول جانيت دوفِك، عالمة البيوميكانيك وعضو هيئة التدريس في جامعة نيفادا بمدينة لاس فيغاس، إنها درست ميكانيكية المشي والهبوط بعد القفزات بهدف تحديد السبل المثلى للوقاية من الإصابات وتحسين الأداء البدني. وكلاعبة كرة سلة سابقة في الجامعة ومواظبة على ممارسة الرياضة، تؤكد دوفِك أنها مارست بدورها قدراً كبيراً من المشي إلى الخلف.

عند الإنسان، يمكن لحركة السير العكسي أن تزيد من مرونة أوتار الركبة، وتقوّي العضلات التي نادراً ما تُستخدم، كما تُحفّز الدماغ بينما يتأقلم الجسم مع حركة ووضعية جديدتين.

 

شاهد أيضاً: المشي السريع قد يساعد في تقليص العمر البيولوجي بمقدار 16 عاماً.. كيف ذلك؟!

 

وتقول دوفِك لوكالة أسوشيتد برس: «أرى كثيراً من الناس في حيّي يمشون، وهذا أمر جيد، لكنهم يواصلون تحميل الأجزاء نفسها من أجسامهم الإجهاد ذاته مراراً وتكراراً. أما المشي إلى الخلف، فيُدخل عنصراً من التدريب المتقاطع، فهو نشاط مختلف بشكلٍ طفيف».

 

على جهاز المشي

 


يُوصي كيفن باترسون، وهو مدرّب شخصي في ناشفيل بولاية تينيسي، باستخدام جهاز المشي كأكثر الأماكن أماناً لممارسة المشي الرجعي، إذ يمكن ضبطه على سرعة منخفضة. ومع ذلك، يفضّل باترسون إيقاف تشغيل الجهاز— فيما يُعرف باسم «المشّاية الميتة» (Dead Mill)— وجعل المتدرّبين يدفعون الحزام بأجسامهم.

ويقول باترسون: «قد يستغرق الأمر بعض الوقت لتحريك الحزام في البداية، لكن بعد ذلك نجعل المتدرّبين هم مصدر الطاقة المحرّكة للجهاز».

ويضيف أنه يستخدم المشي إلى الخلف مع جميع عملائه كـ«تمرين تكميلي» — =وهو مصطلح في تدريب الأوزان يشير إلى الحركات الإضافية التي تُستهدف بها مجموعات عضلية معينة— أو ضمن مرحلة الإحماء. وغالباً ما يشكل هذا النشاط جزءاً بسيطاً من جلسة التمرين.

ويتابع قائلاً: «يُعدّ جهاز المشي خياراً ممتازاً للمتدرّبين الأكبر سناً، لأنه يحتوي على مقابض جانبية تقلل من خطر السقوط»


خارج جهاز المشي

 

تنصح دوفِك بإدخال دقيقة واحدة من المشي إلى الخلف ضمن كل عشر دقائق من المشي العادي، ثم زيادة المدة والمسافة تدريجياً مع اكتساب مزيد من الراحة والثقة في الحركة.

ويمكن أيضاً أداء التمرين مع شريك؛ بأن يقف الاثنان متقابلين، ويمسكا بأيدي بعضهما مثلاً، بحيث يمشي أحدهما إلى الخلف بينما يسير الآخر إلى الأمام مراقباً الطريق لتفادي العوائق، ثم يتبادلان الأدوار.

وتقول دوفِك: «في البداية يجب البدء ببطء شديد، لأن الأمر يتطلب توازناً وتدريباً جديداً للدماغ. أنت تتعلم مهارة جديدة وتستخدم العضلات بطرق مختلفة».

وإذا تطورت قدرتك حتى تمكنت من الركض إلى الخلف بإتقان، يمكنك تجربة خوض ماراثون عكسي بطول 26.2 ميلاً (42.2 كيلومتراً) — نعم، لقد فعلها بعض الناس فعلاً.


المشي إلى الخلف كنوعٍ من التدريب المتقاطع

 

تُصنّف دوفِك المشي إلى الخلف ضمن أساليب «التدريب المتقاطع»، أي دمج مجموعة متنوعة من الحركات والتمارين ضمن برنامج اللياقة البدنية. إذ يساعد هذا التنوع في الوقاية من إصابات الإجهاد الناتجة عن الاستخدام المفرط لمجموعة عضلية واحدة مراراً وتكراراً.

وبالنسبة لكثير من الناس، يشمل التدريب المتقاطع أنشطة وتمارين مختلفة، مثل الجري في يوم، والسباحة في اليوم التالي، وتمارين القوة في اليوم الثالث. إلا أنّ التعديلات المطلوبة للمشي إلى الخلف تؤدي الغرض نفسه، وإن كانت على مستوى أدقّ.

 

اقرأ أيضاً: "المشي في المتاهات".. ممارسة عمرها 4 آلاف سنة تساعدك في التغلب على التوتر

 

هل يمكن أن تُحدث التغييرات الصغيرة فرقاً ملموساً؟ تقول دوفِك، التي كانت عدّاءة شغوفة في السابق، إنها كانت تمتلك عدة أزواج من أحذية الجري ولم تكن ترتدي الزوج نفسه ليومين متتاليين.

وتوضح: «كانت الأحذية تختلف في مستوى الاهتراء والتصميم، ومجرّد تغيير هذا العنصر البسيط —في هذه الحالة الحذاء— كان يفرض نوعاً مختلفاً من الضغط على الجسم».

 

المشي الرجعي في إعادة التأهيل

 

يُوصي بعض أخصائيي العلاج الطبيعي مرضاهم بالمشي إلى الخلف، إذ يمكن أن يكون هذا الأسلوب مفيداً بعد إصابات الركبة أو خلال فترات إعادة التأهيل أو التعافي بعد العمليات الجراحية.

وتوضح دوفِك أنّ «المشي إلى الخلف يختلف تماماً عن المشي إلى الأمام من حيث القوى الميكانيكية وأنماط الحركة». فبدلاً من ملامسة الكعب للأرض أولاً، «تبدأ الخطوة بمقدمة القدم، وغالباً بلطف، وفي كثير من الأحيان لا يلمس الكعب الأرض إطلاقاً».

وتضيف: «هذا يقلّل من نطاق الحركة في مفصل الركبة، مما يسمح بممارسة النشاط من دون تعريض المفصل لإجهاد إضافي».

كما يساعد المشي إلى الخلف في تمديد عضلات أوتار الركبة الواقعة خلف الفخذ. وتهتم دوفِك بدراسة ما إذا كان هذا النوع من المشي يحسّن التوازن ويقلّل خطر السقوط لدى كبار السن عبر تنشيط عددٍ أكبر من الحواس الجسدية.

 

الرياضيون يمارسونه بشكل طبيعي

 

ليس في المشي إلى الخلف ما يُعدّ تصرفاً غير طبيعي؛ بل على العكس، يُعدّ الجري العكسي مهارة أساسية لدى الرياضيين المحترفين.

يمارسه لاعبو كرة السلة، وكذلك لاعبو كرة القدم، بينما يستخدمه لاعبو كرة القدم الأميركية —ولا سيّما المدافعون —بشكل مستمر خلال المباريات.

وتقول دوفِك: «كنت ألعب كرة السلة، وربما قضيت نحو 40% من وقتي في الدفاع والجري إلى الخلف».

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة